٣٠٢ الاختلاف في ادراك معنى التكافل صورة من صور حب الذات المخجل حتى اننى كنت وضعت لهذا الفصل عنوانا آخر ( هو حب الذات عند الغيريين ) وسيتضح للقراء ان التسمية كانت صحيحة لا مجرد تلاعب بالالفاظ . ذلك لانه بالبحث في التكافل نراه يشتمل على أمر من كون المرء يساعد غيره وكونه ينتظر المساعدة من غيره ولعمرى لست أدرى اى الاعتبارين يجذب النفوس محو هذا المذهب ويجعل الناس يجتمعون حوله ان كانت رغبتهم في مساعدة غيرهم أو رجاءهم المساعدة من ذلك الغير . ومن المشاهد ان الذين يميلون الى مساعدة غيرهم يؤدون تلك المساعدة من انفسهم وهم يفعلون ذلك منذ خلقت السموات والارض ولم يقولوا بان عملهم هذا مذهب لازم فى الانسانية ولم يتحروا النداء به على رؤوس الاشهاد . وعليه فميل المرء إلى مساعدة غيره ليس هو الاعتبار الذي أوجب انتشار مذهب التكافل الجديد وانما الذي أوجب ذلك هو تصور المساعدة من الغير حيث يمسى الواحد راجيا أن تجعل له الحكومة أو الامة راتبا أو توجد له عملا ايا كان يعيش منه . هذا هو الذي يختاب الافكار ويجتذب النفوس ويحشد الجموع حول مذهب ظاهره التضامن والتكافل وباطنه الاثرة وحب الذات . ان الرجل الذى يؤدى الجزية الى صندوق الحكومة والذي يتقاضى الراتب من ذلك الصندوق شريكان متكافلان في عملهما غير ان لكل وجهة في شركته فالتكافل محلو لاحدهما دون أخيه . الا ترى أن المرء ميال الى التوظف أكثر من ميله الى أن يكون ممن وجب عليه الخراج واقرب الى اعتبار التكافل فى منفعته من اعتباره واجبا عليه
