سر تقدم الانكليز السكسونيين ۲۸۹ ما يقتضيه نمو الاحساس الادبى فى الاسم على ان ذلك من الامور الطبيعية فانه متى ثارت ثورة الجشع في قلوب الرؤساء أقبلوا بكلياتهم وجزئياتهم على الحرب والفتوح ودا سوا كرائم الشمائل بالاقدام . ومتي اشتبك القتال وحمى وطيس الحرب بين الجند اندفع المسكر الى ارتكاب الشناعات وأعمال القسوة والتوحش والفجور وهى الافعال التي يسميها الناس فظائع الحرب وموبقات الجيوش . نعم يرد ان نظام الجيوش في هذه الايام لا يقتضى مثل تلك الاعمال وهو صحيح الا ان فساد الاخلاق حاصل أيضا وانما تغير شكله ليس الا يعيش ومن حسن الحظ في هذا الزمان ان صار الحرب نادراً وصارت معيشة الجندى معيشة سلم سلم مدجج بالسلاح وصار بيننا وبين ذلك العسكري الذي يقضى حياته فى الحروب أجيال طوال وأصبح جندينا يقضى حياته في الشكنات يتمرن بسلاح قد لا تحين الفرصة لاستعماله فهو واحد من الامة مطمئنا الا انه على نفقة الحكومة وليس في تلك المعيشة ما يوجب نمو الأحساس الادبي ولكني أرى فيها ما يدعو الى النقص فيه لانهم يعيشون في شبه بطالة بغير عمل ذاتى ولا تبعة عليهم في شي محرومين من جميع المشتهيات كالرهبان وكلها شروط لا توافق العزة ولا تربى الانفة ولا تشجع النفس ولا تنمى الاحساس لان أول الدلائل على نمو الاحساس الادبى في الانسان قدرته على مغالبة نفسه واستطاعته على تذليل متاعب الحياة ورضوخه الى ما تقتضيه من الكد والعمل . ومما لا يختلف فيه اثنان ان الخدمة العسكرية تضعف فى الرجل هذا الاستعداد اضعافا شديداً فلا يليق الجندى
صفحة:سر تقدم الانكليز السكسونيين.djvu/297
المظهر