حب سر تقدم الانكليز السكسونيين ۲۷۹ ومعلوم ان هذه الحكومات العظيمة التي جمعت من المدد والعــدد ما يمكنها من ارضاء اطماعها السياسية لا يتيسر لها تسيير أممها وحملها على احتمال ما تطلبه منها من الرجال والاموال الا اذا تذرعت لديها بمنفعة الوطن واثارت في نفوسها عواطف الوطنية . ترى تلك الحكومات تتفاني في السلام وما من أحد يسبقها فى الجهر بهذا الميل وتقول ان الحرب اكبر المصائب وأعظم البلايا حتى لقد جاء ذكر السلم اثنتي عشرة مرة في خطاب امبراطور المانيا الذي ألقاه في «كيل » ومع هذا يقضون حياتهم في الحروب في تجهيز معداتها وتهيئة لوازمها وتلك الاستعدادات التي لا حد لها هى في الواقع أشد تدميراً وأعظم تخريبا من الحروب فانها تستنزف ما في الامة من الرجال والاموال وكلما اشتد و قر هذا النظام اشتدت الحاجة في الحكومات الى الاستنجاد بالوطنية ومن الصعب معرفة درجة ما تفعله الوطنية في نفوس أمة بلغت منتهى الاضمحلال من جراء هذه الاحوال كما لا تسهل معرفة مقدار ماتؤل اليه من الخراب اذ بلغت الوطنية منها حدها الاقصى ومع هذا قد يتأتى الالمام بذلك اذا نظرنا الى حالة الامة التليانية لان البحث في حالتها العلمية والاجتماعية يفيدنا فائدة كبرى ويرشدنا إلى الغابة التي يحن صائرون اليها . كذلك نهتدى الى غرضنا بالتأمل في حالة بلاد الاندلس « أسبانيا » وانا نكتفي بتوجيه ذهن أهل العالمين الى هاتين الامتين ونضيف اليهما جمهوريات أمريكا الجنوبية لمن رغب الاستزادة في البيان قال بعضهم ونعم قوله « لو انا أمعنا النظر في حقيقة معنى وطن لتركنا الطريق وقفلنا راجعين ومن المحقق ان الوطنية هي التي كانت سبباً في
صفحة:سر تقدم الانكليز السكسونيين.djvu/287
المظهر