علم الحقوق وجلس على ذلك الكرسي. ولا داعي لما أقامهُ المنطقيون من الأدلة على أنَّ الإنسان حر الإرادة لأن كل إنسان يحس بأنه متروك إلى حريتهِ ولهُ أنْ يختار الخير أو الشر. وليس الإنسان ورقة تُرمَى في النهر لتدل على سرعة مجراه بل هو سبَّاح نشيط يقاوم المجاري ويصارع الأمواج ويسير إلى حيث أراد بقوة ذراعيهِ. نعم إننا أحرار ولنا حرية أدبية لنعمل ما أردنا ولسنا مرتبطين بطلسم أو سحر يربطنا بعمل من الأعمال. ومن لا يشعر هذا الشعور لا يُرجَى منه كبير فائدة
ومهام الحياة وعلاقات البشر العائلية والمدنية والعلمية تصرِّح بلسان واحد أنَّ الإنسان حرُّ الإرادة ولولا ذلك ما كان الإنسان مطالباً ولا كانت فائدة من التعليم ولا من النصح ولا من الوعظ ولا من الحث. ولولا حرية الإرادة ما وُجدت الشرائع لأن وجودها يستلزم كون الإنسان حرًّا أنَّ يطيعها أو يعصاها حسب رؤيتهِ لها صالحة أو غير صالحة. ونحن نحس في كل دقيقة من حياتنا أنَّ لنا إرادة حرة سواءٌ استعملناها في المليح أو في القبيح. وليس الإنسان عبداً لعاداتهِ وتجاربهِ بل سيد عليها ويرى في نفسهِ ما يحثهُ على مقاومتها ولو أطاعها فلا يصعب عليهِ قهرها إذا أراد. قال لامنيس لأحد الشبان قد بلغتَ السن الذي يجب أن تنهج فيه منهجاً لا تحيد عنهُ وإلا فستئنُّ داخل القبر الذي تحتفره لنفسك غير قادر أنْ تزحزح غطاءه عنهُ. والإرادة أسهل القوى انقياداً وأسرعها تملكًا لذلك تعلَّم من الآن أنْ تكون قوي الإرادة شديد العزم لئلَّا تبقى
وكان بكستون يرى أنَّ الشاب يستطيع أنْ يكون كما يريد على شرط أنْ يكون حازماً. وكتب مرةً إلى أحد بنيهِ يقول لهُ «قد حان لك أنْ تميل يمنةً أو يسرةً فعليك أن تظهر حزمك وإقدامك وإلَّا فستكون خامل الذكر ضعيف الهمة وتتملك منك صفات الكسل والتواني وإذا