قبل أنْ أتم حفرها وأتى بها إلى المطبعة
وما رأيناهُ من الاجتهاد والمواظبة بين المصورين نراهُ في الموسيقين لأن صناعة فن الموسيقى من أخوات فن التصوير. والموسيقى للأصوات كالتصوير للألوان وكالشعر للكلمات. فهندل الموسيقي المشهور لم يكن يمل من المواظبة ولم ييأس من الفشل بل كان يزيد همة كلما زاد الدهر لهُ عناداً وعمل وحدهُ أعمالًا يعجز عنها اثنا عشر رجلًا. وقال هيدن إن تعلم فن الموسيقى يقوم بالمواظبة. وقال موزار «إن العمل لذَّتي العظمى». وقال بيتوڤن «لا شيء يصد المجتهد عن التقدم». قيل عَرَضَ مشلز كتاب موسيقى على بيتوڤن فرآهُ قد كتب في آخرهِ انتهى بعون الله فكتب تحتها «يا إنسان عِن نفسك». وقال يوحنا سبسنيان باخ «على قدر الاجتهاد النجاح». أما ميربير فقد قال فيهِ بيل إنهُ يمارس الموسيقى خمس عشرة ساعة كل يوم وهو ليس بذي موهبة خاصة ولكنه مفطور على الاجتهاد.
ولم يشتهر الإنكليز كثيراً بوضع الألحان الموسيقية حتى الآن ولكن قام من بينهم موسيقيون يحق لهم أنْ يفتخروا بهم مثل أرن وهو ابن منجد وكان أبوهُ عازماً أنْ يعلمهُ الحقوق ولكنهُ كان مغرماً بالموسيقى حتى لم يمكن صرفهُ عنها فتعلم اللعب على الكمنجه خفيةً عن أبيهِ. وحدث مرة أنَّ أباهُ دخل بيتاً فرأى فيهِ نفراً من الموسيقيين وأرن بينهم فتركهُ إلى هواهُ فخسر الناس محامياً ولكنهم كسبوا موسيقيًّا حسن الذوق
ووليم جكسن وهو ابن طحان غلب المصاعب بالمواظبة. ويظهر أنَّ محبة الغناء كانت وراثية في بيتهِ لأن أباهُ كان مرتلًا في الكنيسة وجده كان رأس المرتلين ولما بلغ وليم السنة الثامنة من عمرهِ كان ينفخ على صافور أبيهِ وكان فيهِ بعض الخلل فاشترت لهُ أمه فلوتاً صغيراً ذا مفتاح واحد ثم أهداه إليهِ رجل فلوتاً من الفضة ذا أربعة