انتقل إلى المحتوى

صفحة:حرب في الكنائس.pdf/33

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
٣٥
الفصل الثالث: تحريم الأيقونات وإبطالها

البشري فإنه امتزج بالمجد الإلهي فابتُلع ابتلاعاً. وبعد أن شجب استعمال الصور في الأوساط المسيحية المهرطقة خلص أفسابيوس إلى القول: «وفي نظرنا نحن فإن هذه العادات محرمة. نحن نعترف أن السيد المخلص هو الله ونسعى لرؤيته بتطهير قلوبنا بكل نشاط لنتمكن من مشاهدته بعد الوصول إلى هذه الطهارة لأنه «طوبى لأنقياء القلوب فإنهم يعاينون الله». وإذا كنتم أنتم المسرفين تحترمون صور مخلصنا قبل أن تتمكنوا من مشاهدته وجهاً لوجه فأفضل المصورين كلمة الله نفسها»1. وهكذا فإن أفسابيوس وافق أوريجانس فربط قضية تصوير المخلص بالعقيدة اللاهوتية وآثر النص المكتوب على الصورة المرسومة.

ثم كان ما كان أمر الطبيعة الواحدة والطبيعتين والمشيئة الواحدة والمشيئتين وتقديم الطبيعة الإلهية والمشيئة الإلهية على الطبيعة البشرية والمشيئة البشرية في المسيح فمال بعض من قال بهذا التقديم إلى تحريم تصوير الإله «غير المنظور». وكان في طليعة هؤلاء فيلوكسينس أسقف منبج ( ٥٢٣) وصديق سويروس الأنطاكي وحليفه. فانه اعترض على تصوير المسيح والملائكة والروح القدس (بهيئة حمامة)2. وأدى استمساك الكنيسة الجامعة بالطبيعتين والمشيئتين إلى القول بتصوير المسيح الإنسان لأنه يرمز إلى التجسد ميزة الدين الجديد.

وفي السنة ٦٩٢ جلس الآباء في القسطنطينية في المجمع البنذيكتي للاشتراع فقالوا في القانون الثاني والثمانين: «يظهر الحمل في بعض الأيقونات الموقرة مشاراً إليه بأصبع السابق متخذاً رسماً للنعمة. وفي ذلك توقع لمجيء الحمل الحقيقي المسيح إلهنا. ونحن نعترف بأن الرسوم القديمة والرموز المسلمة في الكنيسة هي نماذج الحقيقة ومثلها وبأنها تكمل الناموس وتتمه. ولكن لكي يظهر الكمال للشعب كله ويتبين حتى في الصور فإننا ترتب منذ الآن أن يوضع شكل ناسوت المسيح الهنا الحمل الذي رفع خطايا العالم نصب الأعين بدلاً من الحمل القديم، فإننا ندرك بذلك سمو تواضع الإله الكلمة ونذكر حياته في الجسد وآلامه وموته الخلاصي وما تأتى عن ذلك من افتداءٍ للعالم»3.

وجاء يوحنا الدمشقي ( ٧٤٩) ففرق بين الأصنام والأيقونات ثم أبان أن الله خص اليهود وحدهم في تحريم السجود للأصنام لأنهم كانوا عرضة للارتداد. أما المسيحيون فإنهم بعد أن لمسوا التجسد الإلهي لمساً أصبحوا في مأمن من الضلال لأن غير المنظور صار منظوراً:


  1. Patr. Gr., Vol. 20, Col. 1545-1550; FLOROVSKY, G., Origen, Eusebius and the Icono- clastic Controversy, Church History, 1950, 77-96.
  2. DOBSCHUTZ, Ernest von, Christusbilder, Untersuchengen zur Christlichen Legende, 33;. OSTROGORSKY, G., Studien, 24-28; TISSERANT, E., Philoxenus, Dic. Th. Cath., XII, 1509-1532
  3. Mansi, XI, Col. 977-980.