انتقل إلى المحتوى

صفحة:حرب في الكنائس.pdf/32

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
٣٤
حرب في الكنائس

السنة ٧٥٤ بثلاث عشر رسالة في وجوب التحريم كان لها أثر بليغ في نفوس الأساقفة أعضاء هذا المجمع1. ونهج قسطنطين في معالجة موضوعه نهجاً خريستولوجياً خصوصياً فجعل من تحريم الأيقونات مشكلة عقائدية من الطراز الأول.

ولا يفهم موقف قسطنطين فهماً علمياً كاملاً إلا على ضوء أقوال الآباء قبله. فإقليمس الإسكندري ( ٢١٥) فرق بين الحقيقة والفن، وقال أن الحقيقة لا تنفصل عن المعقول. وبالتالي فمن يعبد المصنوع من المادة يحط من قدر جوهر الله المعقول. وصورة الله بيننا هي النفس الطاهرة الصالحة2. ولام كلسوس الفيلسوف الوثني النصارى في إعراضهم عن التماثيل والصور، فانبرى أوريجانس الإسكندري ( ٢٥٤) يقول في الرد: إن ماثيلنا وعطايانا ليست من صنع الصناع الغشماء وإنما هي فينا من صنع كلمة الله. هي الفضائل صورة «بكر كل خلق» العدل والفطنة والشجاعة والحكمة وفي داخل كل من يتشبه به في هذه الأمور تمثال «على صورة الخالق» يقام بتأمل الله والاقتداء به بقلب نقي، وقصارى القول أن جميع المسيحيين يحاولون إنشاء مثل هذه المذابح والتماثيل، لا تلك التي لا حياة لها ولا إحساس، متكلين عليه الذي هو على صورة الخالق، وهكذا فإن روح المسيح يحل على أولئك الذين يصبحون «مشابهين لصورته»3.

هذا كلام عالم النصرانية العظيم في القرن الثالث. وأثر بولس ظاهر فيه ولا سيما في العبارات «بكر كل خلق» (كولوسي ١٥:١) و«على صورة الخالق» (كولوسي ١:٣) و« مشابين لصورته» (إفسس ١:٥) وشارك مثوديوس أوليمبوس وأرنوبيوس وأستيريوس أماسية4 أوريجانس في هذا فرأوا في الإنسان الصالح الفاضل صورة الخالق الحقيقية وقالوا مع بولس في الفصل الثالث من رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس: «أما تعلمون أنكم هيكل الله وأن الله مستقر فيكم».

وفي أوائل القرن الرابع كتبت قسطندية أخت قسطنطين الكبير وزوجة ليكينيوس شريكه في الحكم إلى أفسابيوس أسقف قيصرية فلسطين ومؤرخ الكنيسة الأول تطلب منه صورة السيد المسيح. فأجابها هذا الأسقف أنه للسيد رسمين morphai أحدهما إلهي والآخر بشري. وأضاف أن الرسم الإلهي لا يعلمه إلا الآب وبالتالي فإنه لا يمكن تصويره. أما الرسم


  1. OSTROGORSKY, G., The Byz. State, 152-153; Bilderstreit, 8 ff.
  2. CLEMENT OF ALEXANDRIA, Stromata I, VI,. 5
  3. ORIGENES, Contra Gelsum, VIII, 17-19.
  4. ASTERIUS OF AMASEA, De Divite et Lazare, Patr. Gr., Vol. 90, Col. 168.