وبعضهم زاد البديع، وآخر استحسن زيادة التجويد، وبالجملة فباب الزيادة والنقص فيها مفتوح؛ إذ حصرها وتقسيمها في ذلك جعلي لا حصري.
والظاهر أن هذه العلوم جديرة بأن تسمى مباحث علم العربية فقط، فكيف يكون كل من الشعر والقريض والقافية علمًا مستقلاً برأسه، وكل من النحو والصرف والاشتقاق علمًا برأسه، وانظر ما المراد بالتاريخ وبكونه من العلوم العربية مع أن أول من ألف فيه علماء اليونان، وأول ما ظهر في هذا الفن كتب «أوميروس» في واقعة يكون المراد بالتاريخ طريقة إنشاء تواريخ الحوادث السنوية على أسلوب حساب الجمل، فيكون أيضًا تسميته علمًا من قبيل التوسع في تعريف العلم، وعلم الخط قديم أيضًا؛ فالإفرنج يدخلون هذه المباحث في علم تركيب الكلام، بل ويعدون منه المنطق والوضع والمناظرة.
ثم إن اللغة الفرنساوية كغيرها من اللغات الإفرنجية لها اصطلاح خاص بها، وعليه ينبني نحوها، وصرفها، وعروضها، وقوافيها، وبيانها، وخطها، وإنشاؤها، ومعانيها، وهذا ما يسمى «إغرماتيقي» فحينئذ سائر اللغات ذات القواعد لها فن يجمع أو لتحسينها، فحينئذ ليست اللغة العربية هي المقصورة على ذلك، بل كل لغة من اللغات يوجد فيها ذلك، نعم اللغة العربية أفصح اللغات، وأعظمها، وأوسعها، وأحلاها على السمع، فحينئذ العالم باللغة اللاطينية يعرف سائر ما يتعلق بها، قلة إدراك في النحو في حد ذاته وفي غيره كالصرف، فمن الجهل أن يقال: إنه لا يعرف شيئًا، بدليل جهله باللغة العربية، وإذا تبحر الإنسان في لغة من اللغات كان عالمًا باللغة الأخرى بالقوة، يعني أنه لو ترجم له ما في اللغة الأخرى وعبر له عنه كان قابلاً لتلقيه ومقابلته بلغته، بل ربما كان يعرفه من قبل، ويعرف زيادة عليه، ويبحث فيه، (ص ٦٢) ويبطل منه ما لا يقبله العقل، كيف والعلم هو الملكة، وحينئذ فقد لا يعرف الإنسان المطولات باللغة العربية، ويعرف ذلك باللغة الفرنساوية لو ترجم له، على أن كل لغة محمومة فلها مطولها وأطوالها وسعدها1 نعم ليس كل مانع ماء، ولا كل سقفٍ سماء، ولا كل بيت بيت الله، ولا كل محمد رسول الله، وكما قال الشاعر:
- ↑ السعد والأطول والمطول شروح وتعليقات لكتاب الخطيب القزويني في علم البلاغة.