انتقل إلى المحتوى

صفحة:تخليص الإبريز في تلخيص باريز - هنداوي.pdf/91

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

يخفي الردى سقمها عنا فيفضحها عقد البنود1 وشدات الزفابير

ومما قيل: إن «باريس» جنة النساء، وأعراف الرجال، وجحيم الخيل؛ وذلك أن النساء بها منعمات، سواء بمالهن أو بجمالهن.

وأما الرجال فإنهم بين هؤلاء وهؤلاء، عبيد النساء فإن الإنسان يحرم نفسه وينزه عشيقته، وأما الخيل فإنها تجر العربات ليلاً ونهارًا على أحجار أرض «باريس» خصوصًا إذا كانت المستأجرة للعربة امرأة جميلة، فإن (العربجي) يجهد خيله ليوصلها إلى مقصدها عاجلاً؛ فالخيل دائمًا معذبة بهذه المدينة.

وحيث إن باريس من بلاد الفرنسيس، فمعلوم أن لسان أهلها هو اللسان الفرنساوي، ولنذكر هنا نبذة من ذلك فنقول: اعلم أن اللسان الفرنساوي من الإفرنجية المستحدثة، وهو لسان الغلوية، يعني: قدماء الفرنسيس، ثم كمل من اللغة اللاطينية، وأضيف إليه شيء من اللغة اليونانية النيمساوية ويسير من لغة الصقالية وغيرها، ثم حين برع الفرنساوية في العلوم نقلوا كلمات العلوم من لغات أهلها، وأكثر الكلمات الاصطلاحية يونانية، حتى كان لسانهم من أشيع الألسن وأوسعها، بالنسبة لكثرة الكلمات غير المترادفة، لا بتلاعب العبارات والتصرف فيها، ولا بالمحسنات البديعية اللفظية، فإنه خال عنها، وكذا غالب المحسنات البديعية المعنوية، وربما عد ما يكون من المحسنات في العربية ركاكة عند الفرنسيس، مثلاً لا تكون التورية من المحسنات الجيدة الاستعمال إلا نادرًا، فإن كانت فهي من هزليات أدبائهم وكذلك مثل الجناس التام والناقص؛ فإنه لا معنى له عندهم وتذهب ظرافة ما يترجم لهم من العربية، ما يكون مزينًا بذلك، مثل قول صاحب البديعية:

من العقيق ومن تذكار ذي سلم
براعة العين في استهلالها بدم
ومن أهيل النقا تم النقا وبدا
تناقص الجسم من ضر ومن ضرم

  1. البند: العلم الكبير، يريد به الثوب.
٩١