انتقل إلى المحتوى

صفحة:تخليص الإبريز في تلخيص باريز - هنداوي.pdf/76

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
تخليص الإبريز في تلخيص باريز

لا يخرج إلا في الأقاليم الحارة، ومع ذلك صنع الفرنساوية كل الحيل، حتى زرعوا منه شيئًا، وإن كان لا يثمر، إلا أنه ينفعهم في الجوع إليه عند قراءتهم في علم النباتات، وقد اشتهر عندنا أن النخل لا يوجد إلا ببلاد الإسلام، ويرد عليه أنه عند كشف بلاد أمريكة وجدوا بها نخلاً غير منقول، كما هو الظاهر من بلادنا، فانظر هذا مع قول الفاضل القزويني في كتابه عجائب المخلوقات، وغرائب الموجودات ما نصه، نخل شجرة مباركة عجيبة، من عجائبها أنها لا تنبت إلا في بلاد الإسلام انتهى. ولعل النخل الموجود في غير بلاد الإسلام نوع مخصوص يصدق عليه اسم النخل عند أهل النباتات، والمقصور على بلاد الإسلام نخل التمر، لمناسبة مزاج1 قطرها فتأمل.

وبقرب أرض باريس عين ماء معدني باردة الماء.

ويشقها نهران أحدهما — وهو الأعظم والأشهر — يقال له: نهر السين بفتح السين) والآخر نهر «غوبلان» قال بعض علماء الكيميا من الإفرنج: إن أقل المياه خليطًا بالمواد الخارجية «نيل مصر» و«نهر الكنك» ببلاد الهند ونهر «السين» «بباريس» ويتفرع على ذلك اعتبار مائها في فن الطب من الأمور المناسبة لصحة الأبدان، وأنه يحسن تطبيب وطبخ الخضراوات بها دون غيرها، وتحليل الصابون بها للغسل ونحو ذلك.

وفي نهر السين بداخل باريس ثلاث جزائر؛ إحداها تسمى «جزيرة السيتة» وكان بها باريس القديمة «والسيتة» «بكسر السين وسكون الياء وفتح الفوقية» معناها المدينة، فكأنه قيل جزيرة المدينة وشتان بين هذا وبين النيل، والروضة والمقياس، فإن نزهة الإنسان في الروضة والمقياس لا تضاهى؛ لأن الخليج (ص ٥٠) يعبر مصر، والسين يعبر طباريس إلا أن نهر السين بتمامه يشق «باريس» وتجري به2 السفن العظيمة الوسق، وبه الأرصفة الجيدة والنظافة على حوافيه، ومع ذلك فنزهته غير سارة وشتان أيضًا بين ماء «النيل» و«السين» من جهة الطعم وغيره؛ فإن ماء النيل لو كانت العادة جرت بترويقه قبل استعماله كما هو العادة في ماء نهر السين لكان من أعظم الأدوية، وأقول أيضًا إنه فرق بعيد بين طعم ماء نهر «السين» وماء العيون والقطوع والسواقي ببلاد صعيد مصر. وبالجملة والتفصيل ففرق بعيد بين تربة مصر «وباريس» ومياههما وفواكههما إلا في نحو الخوخ، وإقليمهما، فلولا نجامة أهل باريس وحكمتهم وبراعتهم،


  1. المزاج: المناخ.
  2. المطبوعة: «بها».
٧٦