وقلت:
وسميت بذلك؛ لأن طائفة من قدماء الفرنساوية كانت على نهر السين تسمى، (الباريزيين)، ومعناها في اللسان القديم الفرنساوي سكان الأطراف والحواشي، وليس هذا الاسم منقولاً عن «باريس» اسم رجل شهير كما قاله بعضهم.
ثم إن هذه المدينة من أعمر مدائن الدنيا، ومن أعظم مدائن الإفرنج الآن، وهي كرسي بلاد الفرنسيس، وقاعدة ملك فرنسا، وسيأتي تفصيل ذلك في محله.
وهي موضوعة في التاسعة والأربعين درجة وخمسين دقيقة من العرض الشمالي، يعني أنها بعيدة عن خط الاستواء جهة الشمال بهذا القدر.
وأما طولها فإنه يختلف، فإذا اعتبرنا خط نصف النهار الذي ينسب إليه الفرنساوية أطوال سائر الأماكن، وهو خط نصف النهار المرسوم في رصدهم السلطاني، وهو يمر بباريس، فهو حينئذ مبدأ الأطوال على حساب الفرنساوية، كان طولها صفرًا، وأما إذا حسبنا على خط نصف النهار الذي كان يأخذ بطليموس الأطوال منه، ولا يزال1 إلى الآن مبدأ أطوال بعض الأمم، كأهل «الفلمنك» وهو خط نصف نهار «الجزائر الخالدات» ببحر المغرب، كانت باريس في عشرين درجة تقريبًا من الطول الشرقي. ولنذكر لك هنا كيفية معرفة درجتي الطول والعرض في2 مكان من الأمكنة، وثمرة ذلك، وإن كان يخرجنا عما نحن بصدده فنقول: اعلم أن علماء الهيئة قد أوضحوا بالأدلة كروية الأرض، وإنها غير صادقة التكوير، ثم صنعوا على هيئتها صورة، وسموها صورة الأرض.
ولإمكان تقسيم الأرض، وتسهيل معرفتها، توهموا فيها دوائر أنصاف نهار ودوائر متوازية، ومحورًا وقطبين ورسموها على صورتها المصطنعة؛ فمحور الكرة الأرضية