انتقل إلى المحتوى

صفحة:تخليص الإبريز في تلخيص باريز - هنداوي.pdf/62

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
تخليص الإبريز في تلخيص باريز‬

ومثله ما حكاه لي بعضهم أن سر عسكر المسمى «منو» المتولي في مصر بعد قتل الجنرال «كليبر» (بفتح الكاف، وكسر اللم وكسر الباء) كان أسلم في مصر نفاقًا، كما هو الظاهر، وتسمى: عبد الله وتزوج ببنت شريف من أشراف رشيد، فلما خرج الفرنسيس من مصر، وأراد الرجوع، أخذها معه، فلما وصل رجع إلى النصرانية، وأبدل العمامة (البرنيطة) ومكث مع زوجته، هي على دينها مدة أيام فلما ولدت، وأراد زوجها أن يعمد ولده على عادة النصارى لينصره أبت الزوجة ذلك وقالت: لا أنصر ولدي أصلاً، ولا أعرضه للدين الباطل! فقال لها الزوج إن كل الأديان حق، وإن مآلها واحد وهو عمل الطيب، فلم ترض بذلك أبدًا فقال لها إن القرآن ناطق بذلك، وأنت مسلمة فعليك أن تصدقي بكتاب نبيل: ثم أرسل بإحضار أعلم الإفرنج باللغة العربية «البارون دساسي» فإنه هو الذي يعرف يقرأ القرآن وقال لها سليه عن ذلك فسألته، فأجابها بقوله: إنه يوجد في القرآن قوله تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ. فحجها بذلك! فأذنت بمعمودية ولدها، ثم بعد ذلك انتهى الأمر على ما قيل أنها تنصرت، وماتت كافرة.

كل دين إن فاتك الإسلام
فمحال؛ لأنه أوهام

ومما رأيته من جملة المصريين في مرسيليا: إنسان لابس أيضًا كالإفرنج، واسمه محمد منطلق اللسان في غير اللغة العربية، فلا يعرف من اللسان العربي إلا اليسير، فسألته عن بلده ببر مصر، فأجاب بأنه من مدينة أسيوط من أشرافها، وأن أباه يسمى السيد عبد الرحيم، وهو من أكابر هذه البلدة، وأمه تسمى مسعودة أو قريبًا من ذلك الاسم، وأنه اختطفه الفرنساوية في حال صِغره، ويقول: إنه باق على إسلامه يعرف من الأمور الدينية: الله واحد ومحمد رسوله، والله كريم!».

ومن العجائب أنني بعد كلامه توسمت فيه الخير، وكان على وجهه سمة أشراف أسيوط (ص ٤٢، ٤٤) حقيقة، فإن صح كلامه كان من أولاد سيدي حريز بن سيدي أبي القاسم الطهطاوي وأشراف طهطا من أولاد سيدي يحيى بن القطب الرباني سيدي أبي القاسم، وله ثالث يسمى سيدي علي البصير، ذريته أهل جزيرة شندويل، وشهرة سيدي أبي القاسم الطهطاوي لا تخفى على من يعرفه، وإن لم يذكره سيدي عبد الوهاب

٦٢