انتقل إلى المحتوى

صفحة:تخليص الإبريز في تلخيص باريز - هنداوي.pdf/61

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
الفصل الأول

وقال شيخنا العطار: لم أر ألطف تخيلاً في هذا المعنى من قول ابن سهل:

ألقى بمرآة فكري شمس صورته
فعكسها شب في أحشائي اللهبا

قال الحريري في مليح بيده مرآة:

رأى حسن صورته في المرآة
فأصبح صبًا بها مدنفا
وصير يعقوب اسمًا له
يشير بأن قد رأى يوسفا

وسيأتي كمال الكلام على ذلك كله في ذكر مدينة باريس.

ومدة إقامتنا في مرسيليا بعد (الكرنتينة) شغلناها أيضًا بتعلم تقطيع الحروف، يعني تعلم تهجي اللغة الفرنساوية.

ثم إنه يوجد في مدينة مرسيليا كثير من نصارى مصر والشام الذين خرجوا مع الفرنساوية حين خروجهم من مصر، وهم جميعًا يلبسون لبس الفرنسيس، وندر وجود أحد من الإسلام الذين خرجوا مع الفرنسيس؛ فإن منهم من مات، ومنهم من تنصر، والعياذ بالله، خصوصًا المماليك، الجورجية والجركسية، والنساء اللواتي أخذهن الفرنسيس صغار السن، وقد وجدت امرأة عجوزًا باقية على دينها.

وممن تنصر إنسان يقال له عبد العال، ويقال إنه كان ولاه الفرنسيس بمصر (أغاة انكشارية) في أيامهم، فلما سافروا تبعهم، وبقي على إسلامه نحو خمس عشرة سنة، ثم بعد ذلك تنصر، والعياذ بالله، بسبب الزواج بنصرانية، ثم مات بعد قليل ويقال إنه سمع عند موته يقول: أجرني يا رسول الله! ولعله ختم له بخير، وعاد إلى الإسلام، فقال بلسان الحال:

الحمد لله، الحنيفةُ ملتي
والله ربي، وابن آمنة نبيِّي

ولقد رأيت له ولدين وبنتًا، أتوا في مصر وهم على دين النصرانية؛ أحدهما معلم الآن في مدرسة أبي زعبل.

٦١