ثم سرنا من هذه المدينة اليوم المتمم العشرين من مدة سفرنا، سرنا حتى حاذينا جبل النار، وجاوزناه.
وفي اليوم الرابع والعشرين جاوزنا مدينة «نابلي»، وقد كانت قديمًا تسمى باللغة التركية «بولية»، وتعديناها بنحو تسعين ميلاً، فانعكس الريح، وصار قدام السفينة، هابًا من المقصد لا إليه؛ لأنه من جهة الهواء. ويعجبني قول بعضهم:
وقول الصلاح الصفدي:
فبانعكاس الريح، رجعنا إلى مدينة «نابلي» بعد أن جاوزناها، ورسونا عندها، ولم ندخلها لما تقدم.
وهي من المدن العظمى ببلاد الإفرنج، وملكها يحكم على بلاد جزيرة «صقلية» المتقدمة، ومدينة «نابلي» هي كرسي هذا الملك، وقد تسمى باللغة العربية، «نابلي الكتان»،1 (بفتح الهمزة، وكسر اللام، وسكون الكاف).
وقد كانت مملكة «نابلي» في يد الإسلام، ومكثت نحو مائتي سنة، ثم تغلبت عليها النصارى النورمندية، هي ومملكة «صقلية» ولم تزل إلى الآن في أيدي النصارى الإيطاليانية، حتى إنها تسمى: بلاد إيطاليا الجنوبية.
وقد أسفنا أن مدينة «نابلي» هي إحدى (البنادر) الأربعة الأصلية بالبلاد الإفرنجية.
ثم رأينا في اليوم التاسع والعشرين جزيرة «قرسقة»، (بضم القاف، وسكون الراء وضم السين، وفتح القاف) التي هي في حكم الفرنسيس، وتسمى الآن: جزيرة «قرس»، وقد فتحها المسلمون، ولم يمكثوا فيها زمنًا طويلاً، وهي وطن «نابليون»، (بضم
- ↑ راجع ص ٩١.