المارستان، ويسكن عند معلم صنعة ومصرفه يخرج من وقف المارستان، ولمعلم الصنعة أن يتبنى الصغير، أي يأخذه وينزله منزلة ابنه، ولكن بشرط أن يثبت لأهل ذلك الديوان يساره وفضله وحسن حاله.
ومن جملة مارستانات «باريس» مارستان موقوف لتلقيح الجدري بوضع البقري.
ومنها مارستانان يسمَّيان «مارستاني الشيخوخة والهرم» فأحدهما للذكور، والآخر للنساء، ومنها مارستان لأصحاب الداء العضال، موقوف على أربعمائة وخمسين مريضًا ذكرًا وخمسمائة وعشرين مريضة».
ومنها: مارستان العميان، من أهل «باريس» أو غيرها من العمالات، فلهم فيه الأكل والشرب، وسائر ما يحتاجون إليه في تعليمهم ونحو ذلك.
ومنها: مارستان المجانين، وفيه (قشلة)1 عظيمة تسمى مارستان السقط، وفيه يوضع مجاريح الحروب ومقاطيع الأيدي أو الأرجل أو نحو ذلك، وهو من أنظف وأعظم المارستانات، وفيه ستة عشر طبيبًا، وجائحيًا، وستة عقاقيرية لصناعة الأدوية. ويوجد في «باريس» زيادة عن هذه المارستانات ديوان عام يسمى «ديوان الإحسان» المقصود منه تكميل الخير الذي لا يمكن في المارستانات، كما إذا أحرقت تجارة تاجر أو انكسر، فإنه يجبر من هذا الديوان بشروط معلومة.
وفي كل خط «بباريس» ديوان إحسان، والإحسان فيه قسمان: إحسان حالي وإحسان حولي، فالأول يعطى للفقير الذي وقف حاله أو حدث له ما يعطله، والثاني لمن به حالة دائمة تمنعه من الشغل، ومن فعل الخير بمدينة «باريس» إنه يوجد بشاطئ نهرها علب وحوائج بها روائح لتشميم الغريق والمغمى عليه والجريح ونحو ذلك ليفيق، ويوجد أيضًا بهذه المواضع عدة رجال من أهل الخبرة، لينهضوا لإسعاف من وقعت له حادثة عارضة.
ومن هذا كله يتبين أن فعل الخير بمدينة «باريس» أكثر منه في غيرها بالنسبة للجملة أو للمملكة، لا لكل واحد على حدته فإنه قد يشاهد في طرقها أن بعض الناس الذين لا يذهبون إلى المارستانات الموقوفة ونحوها يقع في وسط الطريق من الجوع، وربما تراهم ينهرون السائل، ويردونه خائبًا، زاعمين أنه لا ينبغي السؤال أبدًا؛ لأنه إذا كان السائل قادرًا على الشغل فلا حاجة إلى السؤال، وإن كان عاجزًا عنه فعليه بالمارستانات
- ↑ القشلة: المستشفى.