انتقل إلى المحتوى

صفحة:تخليص الإبريز في تلخيص باريز - هنداوي.pdf/134

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

منور (بالنجفات) العظيمة، وتحت ذلك المقعد محل للآلاتية، وذلك المقعد يتصل بأروقة فيها سائر آلات اللعب، وسائر ما يصنع من الأشياء التي تظهر، وسائر النساء والرجال المعدة للعب، ثم إنهم يصنعون ذلك المقعد كما تقتضيه اللعبة، فإذا أرادوا تقليد سلطان مثلاً في سائر ما وقع منه، وضعوا ذلك المقعد على شكل (سراية) وصوروا ذاته، وأنشدوا أشعاره، وهلم جرا. ومدة تجهيز المقعد يرخون الستارة لتمنع الحاضرين من المنظر، ثم يرفعونها ويبتدئون باللعب، ثم إن النساء اللاعبات، والرجال يشبهون العوالم في مصر.

واللاعبون واللاعبات بمدينة باريس أرباب فضل عظيم، وفصاحة، وربما كان لهؤلاء الناس كثير من التآليف الأدبية والأشعار، ولو سمعت ما يحفظه اللاعب من الأشعار وما يبديه من التوريات في اللعب، وما يجاوب به من التنكيت والتبكيت لتعجبت غاية العجب.

ومن العجائب أنهم في اللعب يقولون مسائل من العلوم الغريبة والمسائل المشكلة ويتعمقون في ذلك وقت اللعب، حتى يظن أنهم من العلماء، بل الأولاد الصغار التي تلعب، تذكر شواهد عظيمة من علم الطبيعيات ونحوها، ثم إنهم يبتدئون اللعب بآلات الموسيقى،1 ثم يلعبون ما يريدون لعبه، واللعبة التي تظهر تكتب في ورقة وتلصق في حيطان المدينة، وتكتب في التذاكر اليومية ليعرفها الخاص والعام وفي الليلة يلعبون اللعبات، وبعد فراغ كل لعبة ترخى الستارة، فإذا أرادوا مثلاً لعب شاه العجم ألبسوا لاعبًا لبس ملك العجم، وأحضروه وأجلسوه على كرسي.. وهكذا.

وهذه (السبكتاكلات) يصورون فيها سائر ما يوجد، حتى إنهم قد يصورون فرق البحر لموسى عليه السلام، فيصورون البحر ويجعلونه يتماوج حتى يشبه البحر شبهًا كليًا، وقد رأيت مرة في الليل أنهم ختموا (التياتر) بتصوير شمس وتسييرها، وتنوير (التياتر) بها حتى غلب نور هذه الشمس على نور النجف، حتى كان الناس في الصباح، ولهم أشياء أغرب من هذا، وبالجملة (التياتر) عندهم كالمدرسة العامة، يتعلم فيها العالم والجاهل.

وأعظم (السبكتاكلات) في مدينة باريس المسماة «الأوبرة» (بضم الهمزة وتشديد الباء المكسورة، وفتح الراء) وفيها أعظم (الآلاتية) وأهل الرقص، وفيها الغناء على الآلات


  1. في المطبوع ورسمت «الموسيقى» هكذا كلما ذكرت في الكتاب.
١٣٤