انتقل إلى المحتوى

صفحة:تاريخ طرابلس الغرب (المطبعة السلفية، 1349هـ).pdf/86

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٧٠
التذكار

و كان اذا وعظه أحدهم خشع عند استماع الموعظة ولان قلبه لها وظهر عليه أثرها و كان يوسف حليما كريماً دينا يحب الصفح عن الامور العظام : فمن صفحه أن ثلاثة نفر اجتمعوا فتمني أحدهم ألف دينار يتجر بها، وتمنى الآخر عملا يعمل فيه لأمير المسلمين ، وتمنى الآخر زوجته النفزاوية ١ و كانت من أجمل النساء وأتمهن عقلا ولها الحكم في بلاده ، فبلغه الخبر فاحضرهم فأعطى متمني المال ألف دينار ، واستعمل الآخر ، وقال للمتمني الزوجة ما حملك على هذا يا جاهل . ثم أرسله اليها فتركته ثلاثة أيام في خيمة تحمل اليه كل يوم طعاما واحداً ثم أحضرته وقالت : ما أكلت قال : طعاما واحداً ؟ فقالت : كل النساء شيء واحد ، وأمرت له بمال و كسوة وأطلقته ، فانظر هذا الصفح . ولم تؤثر عنه رذيلة الا ما فعل بالمعتمد بن عباد و بنيه لما أفتك بلادهم وأخذهم أسارى و كان يوسف قد سير العسكر مع سير بن أبي بكر ٢ وحاصر المعتمد بأشبيلية واخذها سنة أربع وثمانين و أربعمائة وقاتله أهلها قتالا شديداً وظهر من شجاعة المعتمد و شدة بأسه وحسن دفاعه عن بلده مالم يشاهد من غيره ما يقاربه ، فكان يلقي نفسه في المواقف التي لا يرجي خلاصه منها ، فسلم بشجاعته وشدة بأسه ولكن «اذا نفدت المدة لم تغن العدة»

و لم يزل الحصار دائماً و القتال مستمراً الى [يوم الأحد] عشرين من رجب من هذه السنة فعظمت الحرب ذلك اليوم، واشتد الأمر على أهل البلد ، ودخله المرابطون ونهب جميع مافيه وسلب الناس ثيابهم ، فخرجوا من مساكنهم

  1. اسمها زينب بنت اسحاق ، تزوجها يوسف بن على بن عبد الرحمن ، ثم تزوجها بعده لقوط بن يوسف ابن على المغراوى ، ثم تزوجها بعده أبو بكر بن عمر . ولما رجع الى الصحراء واناب عنه يوسف بن تاشفين عن المغرب تنازل له عنها . ( ابن خلدون )
  2. زاد ابن خلدون : ابن محمد وركوت