أنا لا أخفى على وزيري شيئا، فقال بهذا أمرني الأمير تميم، فقام الوزير أبو بكر وانصرف، فلما خرج قال الرسول يا مولاي ان الوزير مخامر عليك١ وهواه مع الامير تميم لا يخفي عنه من أمورك شيئا ونميم مشغول مع عبيده وقد استبد بهم٢ وأضر بصنهاجة وغيرها، ولو وصلت بعسكر الى المهدية مابت الا فيها لبغض الجند والرعية لتميم وأنا أشير عليك بما تملك به المهدية وغيرها، وذكر له عمارة بجاية وأشار عليه أن يتخذها دار ملكه ويقرب من بلاد افريقية، وقال له أنا انتقل اليك بأهلي وأدير دولتك، فأجابه الناصر لذلك وأرتاب بوزيره وسارع مع الرسول الى بجاية وترك الوزير بالقلعة، فلما وصل الناصر والرسول إلى بجاية آراه موضع البناء والبلد والدار السلطانية وغير ذلك، فأمر الناصر من ساعته بالبناء والعمل ومر بذلك وشكره وعاهده على وزارته أن رجع اليه ورجعا الى القلعة. فقال الناصر لوزيره: أن هذا الرسول محب لنا، وقد أشار ببناء بجاية ويريد الانتقال الينا، فاكتب له جواب كتابه ففعل. فسار الرسول وقد ارتاب به تمیم. حيث تجدد بناء بجاية عقيب مسيره اليهم وحضوره مع الناصر فيها
وكان الرسول طلب من الناصر أن يرسل معه بعض ثقاته ليشاهد الاخبار ويعود بها، فأرسل معه رجلا يثق به فكتب معه: «اني لما اجتمعت بتميم لم يسألني عن شيء قبل سؤاله عن بناء بجاية وقد عظم أمرها عليه وقد اتهمني، فانظر من تثق به من العرب ترسله الى موضع كذا٣ فأني سائر أليهم مسرعاً، وقد أخذت عهود زويلة وغيرها على طاعتك»، وسير الكتاب.
فلما قرأه الناصر سلمه إلى الوزير فاستحسن الوزير ذلك وشكره وأثنى عليه وقال: لقد نصح وبالغ في الخدمة فلا تؤخر عليه انفاذ العرب ليحضر معهم،