فحضر فأخبره بموت الباشا واستفهمه عن وجه الرأي في ذلك، فأجاب محمود: الرأي عندي أن تلى الامر أنت وأبايعك على ذلك وأنا بمحلى، وعلى ضبط البلاد أحسن مما كانت في مدته، ولا أدع مشوشاً عليك بشيء. فقال لا طاقة لي بهذا ولا أتحمل هذا الخطب العظيم، والرأي أن تتولى أنت مكانه إذ كذلك القانون، فقال محمود لا أفعل. وكل هذا وليس معهم إلا غلامان أو ثلاثة لهما ، فلما تطارحا الأمر بينهما وأباه كل منهما قال رمضان: كان الباشا يقول في حياته: سئمت من هذاالأمر وكبر سني ومات ابني وأريد أن أسلم لعثمان بالي وأستريح، وكان ابنه مات ليلة السابع والعشرين من رمضان من سنة موته، فلم يكن بينهما إلا نحو الخمسة والأربعين يوما، هكذا سمعت منه، فلما سمع ذلك محمود كيخية نهض لنداء عثمان باي لذلك الأمر، واستصحب معه محمد أونورت تابع رمضان خازندار، فلما أتيا داره وصاحا به أشرف عليهما وسأل ما الخبر؟ فأخبروه فامتنع قليلا، فأقسما له، فلما تحقق نزل وسار معهما إلى القلعة، ففتح لهم رمضان خوخة الباب وأدحلاه وحده، ومنعوا الاربعة نفر الذين أتوا معه من الدخول وأغلقوا الباب دونهم، فلما استقر بهم المجلس قال لرمضان: تول الأمر وأنا خادمك كما كنت مع سيدنا لأني أعرف محبة أهل البلد لكم، وكذا رعيتها وحاضرها وباديها، وأعلم ثناءهم الخير عليكم، فامتنع وقال لا طاقة لي بهذا الخطب، فرغيه عثمان ومحمود في هذا الامر كثيرا وتكفلوا له بتمهيد البلد وضبط خراجها وجندها وحالفاه على ذلك، فأبى عليهم وقال: سمعت من الباشا في حياته يريد تسليم الامر إليك
ولاية عثمان باشا
فأخذه محمود كيخية وأجلسه على الكرسي و بايعه، وتبعه على ذلك رمضان.