انتقل إلى المحتوى

صفحة:تاريخ طرابلس الغرب (المطبعة السلفية، 1349هـ).pdf/104

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٨٨
التذكار

ولاية المنصور أبي يوسف يعقوب بن يوسف

١

وتولى ابنه المنصور أبو يوسف يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن في الوقت الذي مات فيه أبوه، فقام بالأمر أحسن قيام وأقام راية الجهاد؛ وأحسن السيرة في الناس وكان ديناً مقيما للحدود في الخاص والعام. فاستقامت له الدولة، وانقادت اليه بأسرها مع سعة أقطارها، وكان أبو يوسف حسن السيرة، وكانت طريقه ألين من طريق أبيه مع الناس، يحب العلماء ويقربهم ويشاورهم، وهم أهل خدمته وخاصته، وأحبه الناس ومالوا اليه وأطاعه من البلاد ما امتنع على أبيه، وسلك في جباية الاموال ما كان أبوه يأخذه ولم يتعداه إلى غيره

وقام على يعقوب محمدُ بنُ عبد الكريم بالمهدية وهو رجراجي الاصل، وقبض على واليها من قبله وهو الشيخ أبو علي يونس ابن الشيخ أبي حفص بن عبد المؤمن، وكان ذلك سنة خمس وتسعين وخمسمائة، وأخذ يحيى بن اسحاق الميورقي طرابلس، و قابس، وتونس، فاتفق أن قتل بعضهم نفسه لما فعل بهم ابن اسحاق من تغريم المال والتعذيب عليه، ورأى ذلك أروح له، وقد ذكرنا تاريخ ذلك

ولما بلغ الناصر بن يعقوب مادهم أهل افريقية من الميورقي، وابن عبد الكريم امتعض لذلك وأخذ في الحركة اليها، وكان يبلغ الميورقي ذلك فيدفع خبرها، الي أن وصل الناصر الى بجاية ووصله رجاله وأخبروه معاينة، فوجه ذخائره وأمواله الى المهدية لتكون تحت يد ابن عمه علي ابن الغازي، وخرج من تونس و توجه إلى القيروان ثم الى قفصة واجتمع بالعربان وأخذ رهائنهم وأخذ مواثيقهم معه على الخدمة، ثم الى بلاد نفزاوة. وأطلق فيهم أيدي الجند فقتلوا كثيرا من

  1. ولد ليلة الأربعاء رابع شهر ربيع الأول سنة ٥٥٤ وتوفى سنة ٥٩٥ بمراكش وقيل بمدينة سلا واتسع ملكه حتى لم يبق بجميع اقطار بلاد المعرب من البحر المحيط الى برقة الا من هو في طاعته وداخل في ولايته وهو الذي بنى مدينة رباط الفتح على هيئة الاسكندرية