ابني محمداً فلم أره يصلح لهذا الأمر وانما يصلح له ابني يوسف فهو أولى به، فقدموهم له و وصاهم به وبايعوه ودعي بأمير المؤمنين. وكتموا موت عبد المؤمن، وحمل بصورة أنه مريض الى أن وصل الى مراكش، وكان ابنه أبو حفص في تلك المدة حاجباً لا بيه، فبقي مع أخيه على مثل حاله مع أبيه يخرج فيقول للناس أمر أمير المؤمنين بكذا، ويوسف يقعد مقعد أبيه، إلى أن كملت له المبايعة في جميع البلاد واستقرت قواعد الأمر له ثم أظهر موت أبيه
وكانت ولاية عبد المؤمن ثلاثاً وثلاثين سنة وشهوراً، وكان عاقلا، حازما سديد الرأي، حسن السياسة للأمور، كثير البذل للأموال، سفاكا للدماء على صغير الذنب، وكان يعظم أمر الدين ويقويه، ويلزم الناس في سائر بلاده بالصلوات، و من رؤي في وقت الصلاة غير مصل قتل، وجمع الناس بالمغرب على مذهب الامام مالك في الفروع، وعلى مذهب أبي الحسن الاشعري في الاعتقاد وأصول الدين. وكان الغالب على مجلسه أهل العلم والدين، والمرجع اليهم والكلام معهم ولهم، واستقر الملك بيد يوسف، ووقع له من الاتراك ما حكينا في شأن قراقش، وكذا من علي بن اسحاق ١ ثم توفي يوسف سنة ثمان وسبعين وخمسمائة فكانت ولايته اثنتين وعشرين سنة وشهورا، وكانت وفاته بمدينة شنترين٢ بعد أن حاصر أهلها الافرنج شهراً ثم مرض فمات في ربيع الأول وحمل في تابوت إلى اشبيلية٣
- ↑ انظر صفحة ٥٩ - ٦٤
- ↑ شنترين بفتح الشين المعجمة وسكون النون وفتح التاء المثناة من فوقها وكسر الراء وسكون الياء المثناة من تحتها وإمدها نون أهـ من أبن خلكان قال الحموى: وهى تقع في غربي الأندلس بينها وبين باجة أربعةأيام، وهي مدينة حصينة ملكها الافرنج سنة ٥٤٣
- ↑ قال ابن خلكان: فلما وصلوا به الى اشبيلية صبروه و نقلوه الى تينمل ودفن هناك عند أبيه والمهدى ابن تومرت. وكانت وفاته يوم السبت لسبع خلون من رجب سنة ٥٨٠ وذكر في محل آخر انه مات في ربيع الأول من هذه السنة، وهو مخالف لما ذكره المؤلف في تاريخ وفاته