انتقل إلى المحتوى

صفحة:تاريخ الدولة السعودية المجلد الأول (1964) أمين سعيد.pdf/26

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

أبناء نجد ومن الذين ولدوا على أرضها، ودرجوا على أديمها، ونشأوا في ربوعها ومغانيها واستنشقوا أريجها وعبيرها، واستوحوا آثارها وطلولها، وما يزال الشعر العربي حتى يوم الناس هذا، ورغم تتابع هذه القرون الطول، يعتمد على ما ابتكروه وصاغوه من موازين وقواعد ما استطاع أحد أن يضيف إليها جديداً، أو يبتكر ابتكاراً.

على أن هذا يجب ألا يفسر بأن نجداً عقمت بعد عصور الجاهلية فلم تنفح الادب العربي بشعراء من طبقتهم ومن وزنهم، فهنالك عشرات من الشعراء النجديين ظهروا ونبغوا في العصور الاسلامية وفي مقدمتهم جرير والفرزدق وغيرهم من الذين كتبوا امجد الصفحات في تاريخ الأدب العربي، وما يزال هذا شأن نجد حتى الآن، فكلما غاب كوكب طلع غيره، وكلما أقل بدر أشرق بدر آخر.

ولئن جاز اليونان أن تفخر بفلاسفتها وحكماتها وأدبائها الذين نبغوا في القرن السادس قبل الميلاد، أي منذ اربعة وعشرين قرناً، وما يزال العالم يتدارس أدبهم وفلسفتهم وحكمتهم ويستقصي كل ما كتبوه وكتب عنهم، ولئن جاز للايطاليين ان يفخروا بهذه التماثيل التي تزين متاحفهم وقصورهم وهي من مخلفات العصور الوسطى، ولئن جاز للانكليز أيضاً أن يفخروا بشكسبيرهم وقد نبغ في العصور الوسطى أيضاً، فإن من حق نجد أن تفخر بشعرائها الذين نفحوا العربية بأرقي وأسمى ما جاءت به القرائح من شعر وأدب ومن حق العرب كافة ان يفخروا بهم ويباهوا. وحبذا لو اهتم أهل نجد بإحياء مفاخرهم، وطبعوا دواوينهم ونشروا ما ابدعوه وابتكروه، فإن من حقهم عليهم ألا يهماوهم، وأن يحيوا مآثرهم ومفاخرهم، وهي بطبيعتها خالدة على الدهر ما دام هنالك عرب يقرأون، وما دام هنالك أدب يتدارس ويحفظ. وحتى لا يقال بأن عرب الجاهلية - وكانوا يسجدون لهذا الشعر ويحتفلون به في سوق عكاظ - أكثر تقديراً لشعرائهم، من أبناء هذا العصر الذي نسميه تجوزاً عصر النور والثقافة والمعرفة.

– ٢٦ –