انتقل إلى المحتوى

صفحة:تاريخ الدولة السعودية المجلد الأول (1964) أمين سعيد.pdf/16

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

أقام «باشا» في قلعة القاهرة بمثله، وحوله عدد من الضباط الترك الذين سرعان ما تفاهموا مع المماليك واندفعوا اندفاعهم في السلب والنهب، وظلم الناس وأضطهادهم، مهملين كل مشروع للاصلاح والنهوض.

واستسلم العرب للأقدار، وارتضوا بما قسم لهم وظلت بلادهم هادئة ساكنة حتى أواسط القرن الثاني عشر، أي حتى ظهر في قلب نجد شيخ في مقتبل العمر، فرفع صوته بالدعوة إلى الاصلاح والى ترك البدع والخرافات والرجوع إلى الاسلام الصحيح المبرأ من الشوائب، المنزه عن العيوب، فكان أول صوت يرتفع في العالم العربي بالدعوة إلى الاصلاح والنهوض، بعد الاحتلال التركي، كما كان أول بشير ببشر بالقومية العربية، ويدعو إلى أحيائها وتعزيزها، وهي التي جار عليها الترك وحاربوها حرب إبادة وإفناء، فيقظة العرب ونهوضهم، معناه في عرفهم ظهور الدولة العربية، ومعنى ظهورها جلاؤهم عن بلاد العرب وهو ما كانوا يحاذرونه، ويبذلون كل شيء في سبيل اتقائه واجتنابه.

وأيد آل سعود، الدعوة الجديدة، دعوة الاصلاح الديني واليقظة القومية وساروا في طليعتها قنمت و ازدهرت، وشرقت وغربت، وذاع أمرها في العالمين العربي والإسلامي، وتحدث عنها الناس في كل مكان، وسارت بذكرها الركبان، رغم مقاومة الترك الشديدة لها، واقامتهم الحواجز والسدود في طريقها، ولكن الأفكار النافعة لا تقاوم ولا تصادم، ولعل المقاومة تزيدها قوة واندفاعاً.

وصرت جراثيم النهضة الجديدة، جراثيم اليقظة والإصلاح إلى البلاد العربية المجاورة فتأثرت بها، وتفاعلت معها، فحفل النصف الأول من القرن الثاني عشر والقرن الثالث عشر بأحداث جسام هزت بلاد العرب الشرقية، وأيقظت شعوبها وطوائفها، فاندفعت تحارب الحكم التركي الفاسد وتسمى لاحلال حكم عربي

- ١٦ -