ليلة من شهر رمضان الى اخر الشهر، فلم يزل الأمر على ذلك الى أن توفّى القاضي المذكور؛ يوم عرفة سنة سبع عشرة وستّ مائة، وفى أيامه فتح الباب بالوراقين، وعملت عليه القبّة العظيمة المقربسة بالجص؛ وذلك في سنة سبع عشرة وستّ مائة المذكورة. فاقامت الثرية الكبرى تسرج بعده سنة واحدة، واختلفت الاحوال وجات أيام المجاعة والفتن، فقلّت الجبايات بالمدينة، ومات اكثر الناس جوعا، وأقلّ الانفاق على الجامع وعدم الزيت، وكانت تُشعل في ليلة سبع وعشرين خاصّة الى أن ولى القاهي الحيوة فامر الا يشعل منها كاسا واحدا لا في ليلة سبع وعشرين ولا فى غيرها، وقال: أنا لا نعبد النار وانما نعبد الله، فلم يزل الأمر على ذلك الى أن ولى الفقيه الخطيب أبو عبد الله بن أبي ألصبر قضاء المدينة في سنة سبع وثمانيين وستّ مائة، فاستشار فى أسراجها أمير المسلمين؛ ابا يعقوب بن أمير المسلمين ابى يوسف بن عبد الحقّ رحمهم الله ورضى عنهم، فنفذ أمره بوقدها فى ليلة سبع وعشرين من رمضان خاصّة، فدام العمل على ذلك إلى الآن، واما الدّففُ الحمر الذى على أبواب القبلة حيث يخرج الى باب الجنائز، فكانت لابى القاسم ابن الملجوم؛ المعروف بابن رقية، صنعها للعليّة التي كانت بداره من حارّة لواتة، وأقامت عليه العليّة والابواب بمال جليل، فحسن في بنائها، فرفع عنه إلى أمير المسلمين يعقوب بن بوسف بن عبد الحق من أنه يكشف من تلك العلية على الديار وعلى مسلخ حمام بنت الباز المجاور لها، فينظر منها إلى النسوة اذا تجردن فى مسلخ الحمام المذكور، وشهد بذلك عليه عند الخليفة؛ فنفذ امره الى قاضى المدينة ابي محمد التادلي بهدم العلية وتعفية أثرها، فهدمت يوم الاربعاء ثالث يوم رجب سنة ثمان وثمانين وخمس مائة، فبقيت الدفف عند ورثته، فلم يرو لها أحسن من تصريفها إلا في الجامع المكّرم فوهبوها لها طيبه نفوسهم بذلك وفى الدفف صنيعة مكتوبة فيها اسمه واسم الصانع الذى عملها وفى ءاخرها، وكان عملها فى شهر رجب عام ثمانية وسبعين وخمس مائة، وركبت هذه الدفف في القرويين في سنة سبع عشرة وستّ مائة، وأما المستودع فصنع في أيام الفقيه الصالح ابى محمد يشكر، فحفر أرضه وركز بالتراب والجورات، وجعل طاقة من حجارة الرخام، وطبقت من الرمل والجير، وكان المتولى لبنائة؛ الفقيه ابو القاسم بن حميد حتى تمّ، وجعل له مفاتيح ثلاثة في أوّل دفّة وثلاثة في الباب الثاني، وجعل فيه صناديق كثيرة عليها أبلاج وثيقة ولكنه احتيل عليه، ودخل جميع ما فيه من أموال الاحباس وربعات الجامع، وكتب وأمانات الناس وذلك في أيام الفقيه القاضي ابى عمران ولم يعلم من عمل ذلك، وأما الحائط الشرقى منها مع ما قرب منه من المشرقة، فانه عمل
صفحة:الأنيس المطرب بروض القرطاس (1917).pdf/40
المظهر