الاغزاز فبنيت وأقام امير المسلمين بمدينة طنجة أياما ثم رجع الى فاس، وفى شعبان من سنة عشرين وسبع مائة خرج أمير المسلمين أبو سعيد إلى مراكش فأقام بها مدّة حتى سكّن أحوالها وتفقّد أمور رعيتها وضبط ثغورها واستخلف عليها جَنْدون بن عثمان ورجع الى مدينة فاس ودخلها في آخر سنة عشرين وسبع مائة، وفي سنة احدى وعشرين تحرك أمير المسلمين ابو سعيد الى رباط تازا فأقام بها مدّة من ثلاثة أشهر وأمر ببناء حصن تاوريرت وسكّنه بالرجال والرماة والخيل، وفي هذه السنة امر ببناء سور مدينة أجرسيف، وفى سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة في ربيع الاخر منها خرج أمير المسلمين الى مرّاكش فوصلها وأقام بها مدّة حتى سكّن أحوالها وضبط أمورها ورجع الى مدينة فاس، وفى سنة ثلاث وعشرين وسبع مانة كان الفحط الشديد بالمغرب فاستسقا الناس وخرج أيضا أمير المسلمين أبو سعيد إلى إقامة سنة الاستسقاء وقدّم بين يديه الصدقات، وفي سنة أربع وعشرين وسبع مائة وصدرا من خمس وعشرين كانت المجاعة بالمغرب وارتفع السعر في جميع البلاد وغلت الاسعار في الامصار فوصلت صحفة القمح تسعين دينارا ومد القمح خمسة عشر درهما والدقيف أربع أواق بدرهم واللحم خمس أواق بدرهم والزيت أوقيتان بدرهم والعسل كذلك والسمن اوقية ونصف بدرهم وعدمت الخضرة باسرها دام ذلك من أول سنة اربع وعشرين إلى شهر جمادى الاولى من سنة خمس وعشرين فأغاث الله عزّ وجلّ بلاده ورحم عبده وصنع أمير المسلمين في هذه الشدّة والمجاعة مع رعيته ما لا يقدر أحد أن يصفه فتح اهراء الزرع وأخرجه للبيع اربعة دراهم للمد والناس يبيعونه ستّة عشر درهما وأمر بالصدقات فلم يزل يفرقها بطول أيام الشدّة بمرّ بها الثقات على حرائر الدينة يعطونها لاهل التستر والبيتات وذوي الفاقة والحاجة كلّ على قدر حاله وضعفه وكانوا ياخذونها من دينار ذهبا الى ربع دينار ولم يزل من يوم ولايته الى الان يامر بالجبات والاكسية في زمن الشتاء والقرّ للضعفاء والمساكين وأمر بمَنْ مات من الغرباء أن يجهز ويكفن في الثياب الجديدة ويقام بحقّ دفنهم احسن قيام نفعه الله تعالى يفعله وأبقى على المسلمين أيامه بمنّه وفضله*
الخبر عن الاحداث التي كانت بالمغرب من سنة ست وخمسين وست مائة الى ما ذكرنا منه
فيها بويع امير المسلمين ابو يوسف رحمة الله بمدينة فاس، وفي سنة ثمان وخمسين