فأصبح قريبا من المحلة فوصل الخبر لامير المسلمين فركب فى جيوشه إلى لقائة، فالتقى الجمعان في جرفى شريش وذلك يوم الاحد الخامس من ربيع الآخر وقدم بالغنائم ملات الارض طولا وعرضا فجازت جيوش المجاهدين بغنائمهم والرجال في الاغلال والنساء مقرنين في الحبال وبرزوا بها عليها نكاية لمن بها من الروم وارهابا لهم ووقف أمير المسلمين على باب المدينة بجيوشه الوافرة ورايته المنصورة والغنائم تسير أمامه فضربت الطبول وضج الناس بالتكبير فكان يوماً عظيما ابتهجت به نفوس المجاهدين ، وفی بوم الاتنين السادس من ربيع الثانى وصل الامير أبو زيان من طريف في جيش من المسلمين فيه الرماة والمتطوعة وخمس مائة فارس من عرب بنی جابر فبرز بجميع من قدم معه على شريش وقاتلها ذلك اليوم قتالا شديدا، وفي يوم الثلاثاءالتالي له عقد امير المسلمين لولده الامير ابى زيان على الف فارس من المجاهدين وأمر بالاغارة على اقليم الوادى الكبير فخرج الامير أبو زبان من خباة الساقة بعلم ابيه ومعه ألف فارس منهم ثلاث مائة فارس من عرب بني جابر عليهم يوسف بن قيطون مانة فارس من قبائل بني مرين فسار النهار كله إلى الليل فبات قريبا من الأقواس ثم ارتحل وقدم بين يديه خمسين فارسا وأمرها بالغارات على قرمونة فاغاروا عليها وقتلوا فيها جملة من الروم وسبوا النساء والاموال فخرجت عليهم الخيل من قرمونة وتواترت عليهم الرجال فلم يزالوا يقاتلونهم حتى لحق بهم الامير ابو زبان فهزم الروم وقتل منهم خلقا كثيرا ثم سار الى برج كان هنالك فيه جمع كثير من الروم بنسائهم وأموالهم فقاتلوهم فيه ساعة من النهار فترجلت جماعة من عرب بني جابر فاخذوا درقهم في أيديهم واقتحموا السهام حتى دخلوا البرج عنوة بالسيف فقتلوا رجاله وسبوا نساءه وغنموا أمواله ثم شرع الأمير أبو زيان في تحريق الزرع وقطع الثمار وتخريب القرى وسار ما بين قرمونة واشبيلية يخرب القرى ويقطع الثمار ويسبي ويقتل حتى سار الى برج في قبلة اشبيلية فقاتله المسلمون وأوقدوا حوله النيران حتى دخلوه بالسيف، ثم اختار الامير ابو زيان من جيشه خمس مائة فارس فاغار بها على اشبيلية فسبا من خارجها مائة وخمسين امرأة واربع مائة علج وقتلوا في فدان واحد ما يزيد على خمس مائة نصراني وجدوهم يحصدون زرع الفونسو فلم يبقوا منهم أحدا وغنموا من الخيل والبغال والبقر والغنم ما لا يوصف ثم جمعوا الغنيمة وقدّمها الامير ابو زبان امامه وسار فى أثر محلته فوصلها في وقت المغرب فبات بها وارتحل من الغد الى محلة ابيه، وفي يوم الاثنين الثالث عشر من
صفحة:الأنيس المطرب بروض القرطاس (1917).pdf/242
المظهر