انتقل إلى المحتوى

صفحة:الأنيس المطرب بروض القرطاس (1917).pdf/240

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٢٣٩

المسلمين ولده الأمير ابا معرف أن يركب فى جيش المجاهدين فيقاتل شريش وبلازمها بالحرب في كل يوم فسار اليها وقاتلها النهار كله الى الليل ولم يزل الأمير أبو معرف يتردّد بجيوش المسلمين الى شريش في كل يوم فيقاتلها من أول النهار إلى الليل فكان يقتل كل يوم منهم خلقا كثيرا ويسبى النساء والاولاد وسبب لزومه لقتالها والوقوف عليها ليمنعهم من الخروج الى مرافقهم وليتأمن المسلمون الذين انتشروا في الأرض لحصاد الزرع ودرسه، فكان الناس في هذه الايام كلها يخرجون من المحلة بالدواب فيحصدون الزرع ويدرسونه ويحملونه الى المحلة وتكثر الخيرات فيها وتوفرت الارزاق فكاد القمح والشعير والفواكه والادام لا يباع بها ولا يشترى والمجاهدون برغد من العيش فسارت المحلة بمنزلة قواعد المدن اجتمع فيها سائر اصناف الصناع والتجار، تعقد أسواقها من أهل البحث أنه رءا فيها أصناف الصناع كل قد تلبس بصناعته وحرف بحرفته ما عدا الحياكة خاصة واما سوق الغزل والكتانيين فقد كان بها واخذ سوق المحلة السهل والوعر اذا غاب رفيفك به فلا تكاد ان تلقاه الا بعد اليومين والثلاثة لكثرة الخلق، ولما خرج الامير ابو يعقوب من المحلة الى غزو اشبيلية فى خمسة الاف من أهل الديوان والقى فارس من المتطوعة وثلاثة عشر الى رجل من المصامدة وسائر فبائل المغرب والقى رام من رماة بلاد المغرب وحمل معه البغال والاخبية والجمال عليها السلاح والازواد فعل من لا يعبأ بالروم ولا يلتفت اليهم ولا لكثرتهم ولا يهوله ما عزم عليه من الدخول فى اقطارهم والتوغل في بلادهم فرحل بجيوشه المظفرة المنصورة حتى نزل جبل ابريز فعلف به ثم سار إلى الاقواس فارتفعت هنالك اصوات المسلمين بذكر الله سبحانه والتكبير والتهليل حتى ارتجت الارض من أصواتهم فسار بالمجاهدين تلك الليلة وهم على حال ذكرهم حتى أصبح لهم على عين الصخرة فصلّى الناس فيها صلاة الصبح وأقاموا بها الى العصر ثم ارتحل وسار بالناس حتى أظلم عليهم الليل بوادى لك فصادف المسلمون هنالك الطرق الواعرة والشوك والاماكن الحجارة فجد الأمير أبو يعقوب السير في تلك الاوعار والناس خامدة يتقاطعون فانقطعت منه أكثر الجيوش وتفرقوا فى ظلام الليل لا يدرى أحد أين سار صاحبه فتفقد الأمير أبو يعقوب المسلمين فعلم أنه تقدمهم بمسافة طويلة فوقف وأمر الخيل بالرجوع الى من تاخر من المجاهدين وأمر بضرب النقرة ليسمعهم من ضل عن الطريق فيقصد نحوها ويهتدى اليها فضربت النقرة فسمعها المجاهدون فاننابوا نحوها من كل ناحية والامير أبو يعقوب واقف في موضعه لا يزال