وامتلات قلوبهم له محبة ومهابة وتعظيما، فأعلم الخاصة منهم بالذي قصده وبما يريده
وأخذ يطعن على المرابطين هم كفرة مجسمون، وغزوهم واجب على كل من يعلم أن الله تعالى واحد في ملكه أوجب من غزو الروم والمجوس. وتابعه على ذلك ما يزيد على ألف وخمس مائة رجل فعرف خبره إلى أمير المسلمين على وعرفه انه يطعن في دولةالمرابطين ويكفرهم، وانه قد كثر أتباعه على مذهبه فبعث الیہ فقال له: أيها الرجل اتّق الله في نفسك ألم أنهك عن عقد الجموع والأحزاب وأمرتك بالخروج عن المدينة. قال: امتثلت أمرك وخرجت عن المدينة إلى الجبانة فبنيت خيمة بين الموتى واشتغلت بطلب الآخرة فلا تسمع لاقوال المضلين فأغلظ له أمير المسلمين بالقول وتوعده بالنكال، وهمّ بالقبض عليه فعصمه اللہ منه لیقضی الله أمرا كان مفعولا، فامره بالانصراف فانصرف يريد خيمته. فبينما هو في بعض الطريق أن أغروا به أمير المسلمين وشرحوا له جلية حاله، وما يدعو الناس اليه من إمامته وبيعته. فبدا له في أمره وعزم على فتله وبعث من بأتيه برأسه فسمع بذلك بعض تلاميذه فأتاه مسرعا حتى وقف بالقرب من خيمته، ونادی بأعلى صوته یا موسی، إن الملأ ياتمرون بك ليقتلوك فاخرج إنى لك من الناصحين. فكرر النداء ثلاث مرات ثم سكت. ففطن المهدي لندائه وخرج في الحين مسرعًا مختفيا حتى بلغ بلاد تينمل وذلك فى شهر شوال من سنة أربع عشرة وخمس مائة، فنزل هنالك، ولحق به أصحابه العشرة وهم عبد المؤمن بن على، وابو محمد البشير، وعمر(أبو حفص) بن يحيى أبنتى، وأبو حفص عمر بن على أصناك، وسليمان بن خلوف، وإبراهيم بن اسماعيل الهزرجيّ، وابو محمد عبد الواحد الحضري، وابو عثمان بن يخلف، موسى بن ثماري، وأبو يحيى بن يجيت. فهؤلاء العشرة أصحاب المهدي السابقون إلى دعوته والمصدقون بإمامته المنقادون لإمارته المسارعون الى بيعته.أقاموا معه بتينمل إلى شهر رمضان المعظم من سنة خمس عشرة وخمس مانة، فكثر أتباعه، وعظم صيته في جبل درن واجتمع عليه خلق عظیم. فلما رأى ذلك أظهر دعوته ودعا الناس الى بيعته، فكان أوّل من بايعه أصحابه العشرة المذكورون وكانت بيعتهم له بعد صلاة الظهر يوم الجمعة الخامس عشر من شهر رمضان عام خمسة عشر وخمس مائة. فلما كان من الغد وهو يوم السبت السادس عشر من رمضان المذكور السادس عشر من رمضان المذكور خرج إلى المسجد الجامع بتينمل مع أصحابه العشرة متقلدين بسيوفهم فصعد المنبر وخطب الناس وأعلمهم أنه الإمام المهدي المنتظر الذى يملأ الارض عدلا وأظهر دعوته ودعاهم الى بيعته فبايعه كافة اهل تينمل ومن جاورهم بها من الناس. وبعد ذلك
صفحة:الأنيس المطرب بروض القرطاس (طبعة أوبسالا، 1259هـ ).pdf/114
المظهر
١١٣
