ثم أن الوزير أرسل الى عجيب ليحضره فلما حضر قامت له جدته واعتنقته وبكت فقال لها شمس الدين ما هذا وقت بكاء بل هذا وقت تجهزك للسفر معنا الى ديار مصر عسى الله ان يجمع شملنا وشملك بولدك ابن أخی فقالت سمعا وطاعة ثم قامت من وقتها وجمعت جميع أمتعتها وذخائرها وجواريها وتجهزت فی الحال ثم طلع الوزير شمس الدين الى سلطان البصرة وودعه فبعث معه هدايا وتحفا الى سلطان مصر وسافر من وقته هو وزوجة أخيه ولم يزل سائرا حتى وصل الى مدينة دمشق فنزل على القانون وضرب الخيام وقال لمن معه اننا نقيم بدمشق جمعة الى أن نشتري للسلطان هدايا وتحفا ثم قال عجيب للطواشی يا غلام انی اشتقت الى الفرجة فقم بنا ننزل الى سوق دمشق ونعتبر أحوالها وننظر ما جرى لذاك الطباخ الذي كنا أكلنا طعامه وشججنا رأسه مع أنه قد كان أحسن الينا ونحن أسأناه فقال الطواشی سمعا وطاعة ثم أن عجيبا خرج من الخيام هو والطواشی وحركته القرابة الى التوجه لوالده ودخل مدينة دمشق وما زالا سائرین الى أن وصلا الى دكان الطباخ فوجداه واقفا فی الدكان وكان ذلك قبل العصر وقد وافق الامر أنه طبخ حب رمان فلما قربا منه ونظره عجيب حن اليه قلبه ونظر الى أثر الضربة بالحجر فی جبينه فقال السلام عليك يا هذا اعلم ان خاطری عندك فلما نظر اليه حسن بدرالدين تعلقت احشاؤه به وخفق فؤاده اليه وأطرق برأسه الى الارض وأراد أن يدير لسانه فی فمه فما قدر على ذلك ثم رفع رأسه الى ولده خاضعا متدللا وأنشد هذه الابيات
ثم قال لهما اجبرا قلبی وكلا من طعامی فو الله ما نظرت اليك أيها الغلام الا حن قلبی اليك وما كنت تبعتك الا وانا بغيرعقل فقال عجيب والله انك محب لنا ونحن أكلنا عندك لقمة فلازمتنا عقبها وأردت أن تهتكنا ونحن لا نأكل لك اكلا الا بشرط أن تحلف انك لا تخرج وراءنا ولا تتبعنا والا لا نعود اليك من وقتنا هذا فنحن مقيمون فی هذه المدينة جمعة حتى يأخذ جدی هدايا للملك فقال بدر الدين لكم علی ذلك فدخل عجيب هو والخادم فی الدكان فقدم لهما زبدية ممتلئة حب رمان فقال عجيب كل معنا لعل الله يفرج عنا ففرح حسن بدرالدين واكل معهم حتي امتلأت بطونهما وشبعا على خلاف عادتهما ثم انصرفا واسرعا فی مشيهما حتى وصلا الى خيامهما ودخل عجيب على جدته ام والده حسن بدر الدين فقبلته وتذكرت حسن بدر الدين فتنهدت وبكت ثم أنها انشدت هذين البيتين