عذاب الآخرة وهو أشد وأبقى وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح
(وفى ليلة ۱۳) قالت بلغنى أيها الملك السعيد أن الصعلوك قال للصبية والجماعة والخليفة وجعفر يستمعون الكلام ثم أن عمى ضرب ولده بالنعال وهو راقد كالفحم الاسود فتعجبت من ضربه وحزنت على ابن عمى حيث صار هو والصبية فحما أسود ثم قلت بالله يا عمى خفف الهم عن قلبك فقد اشتغل سرى وخاطرى بما قد جرى لولدك وكيف صار هو والصبية فحما أسود اما يكفيك ما هو فيه حتى تضربه بالنعال فقال يا ابن أخى أن ولدى هذا كان من صغره مولعا بحب أخته ووكنت أنهاه عنها وأقول فى نفسى أنهما صغيران فلما كبر أوقع بينهما القبح وسمعت بذلك ولم أصدق ولكن زجرته زجرا بليغا وقلت له احذر من هذه الفعال القبيحة التى لم يفعلها أحد قبلك ولا يفعلها أحد بعدك والا نبقى بين الملوك بالعار والنقصان الى الممات وتشيع أخبارنا مع الركبان واياك أن تصدر منك هذه الفعال فانى أسخط عليك واقتلك ثم حجبته عنها وحجبتها عنه وكانت الخبيثة تحبه محبة عظيمة وقد تمكن الشيطان منها فلما رآنى حجبته فعل هذا المكان الذى تحت الارض خفية ونقل فيه الماكول كما تراه واستغفلنى لما خرجت الى الصيد وأتى الى هذا المكان فغار عليه وعليها الحق سبحانه وتعالى واحرقهما ولعذاب الآخرة أشد وأبقى ثم بكى وبكيت معه وقال لى أنت ولدى عوضا عنه ثم أنى تفكرت ساعة في الدنيا وحوادثها من قتل الوزير لوالدي وأخذ مكانه وتلف عينى وما جرى لابن عمى من الحوادث الغريبة فبكيت ثم أننا صعدنا ورددنا الطابق والتراب وعملنا القبر كما كان ثم رجعنا الى منزلنا فلم يستقر بيننا الجلوس حتى سمعنا دق طبول وبوقات ورمحت الابطال وامتلات الدنيا بالعجاج والغبار من حوافر الخيل فحارت عقولنا ولم نعرف الخبر فسأل الملك عن الخبر فقيل أن وزير أخيك قتله وجمع العسكر والجنود وجاء بعسكره ليهجموا على المدينة فى غفلة وأهل المدينة لم يكن لهم طاقة بهم فسلموا اليه فقلت فى نفسى متى وقعـت أنا فى يده قتلنى وتراكمت الاحزان وتذكرت الحوادث التى حدثت لابى وأمى ولم أعرف كيف العمل فان ظهرت عرفنى أهل المدينة وعسكر أبى فيسعون فى قتلى وهلاكى فلم أجد شيئا انجو به الا حلق ذقنى فحلقتها وغيرت ثيابي وخرجت من المدينة وقصدت هذه المدينة والسلام لعل أحدا يوصلنى الى أمير المؤمنين وخليفة رب العالمين حتى أحكى له قصتى وما جرى لى فوصلت الى هذه المدينة في هذه الليلة فوقفت حائرا ولم أدر اين امضى واذا بهذا الصعلوك واقف فسلمت عليه وقلت له انا غريب فقال وأنا غريب أيضا فبينما نحن كذلك واذا برفيقنا هذا الثالث جاءنا وسلم علينا وقال أنا غريب فقلنا له ونحن غريبان فمشينا وقد هجم علينا الظلام فساقنا القدر اليكم وهذا سبب حلق ذقنى وتلف عينى فقالت الصبية ملس على رأسك ورح فقال لها لا أروح حتى أسمع خبر غيرى فتعجبوا من حديثه فقال الخليفة لجعفر والله أنا ما رأيت مثل الذي جري لهذا الصعلوك ثم تقدم الصعلوك الثانى وقبل الارض وقال يا سيدتى أنا ماولدت أعور وانما لى حكاية عجيبة لو كتبت بالابر على آماق البصر لكانت عبرة لمن اعتبر فانا ملك بن ملك وقرأت القرآن على سبع روايات وقرأت الكتب على أربابها من مشايخ العلم وقرأت علم النجوم وكلام الشعراء
صفحة:ألف ليلة وليلة.djvu/46
المظهر