فلما سمعت الصبية ذلك قالت طيبك الله ثم شقت ثيابها ووقعت على الارض مغشيا عليها فلما لنكشف جسدها رأى الخليفة اثر ضرب المقارع والسياط فتعجب من ذلك غاية العجب فقامت البوابة ورشت الماء على وجهها وأتت اليها بحلة وألبستها أياها فقال الخليفة لجعفر أما تنظر الى هذه المرأة وما عليها من أثر الضرب فانا لا اقدر أن أسكت على هذا وما استريح الا ان وقفت على حقيقة خبر هذه الصبية وحقيقة خبر هاتين الكلبتين فقال جعفر يا مولانا قد شرطوا علينا شرطا وهو ان لا نتكلم فيما لا يعنينا فنسمع ما لا يرضينا ثم قامت الدلالة فاخذت العود واسندته الى نهدها وغمزته باناملها وأنشدت تقول
ان شكونا الهوي فماذا نقول
او تلفنا شوقا فماذا السبيل
أو بعثنا رسلا نترجم عنا
ما يؤدى شكوى المحب رسول
أو صبرنا فما لنا من بقاء
بعد فقد الاحباب الا قليل
ليس الا تأسفا ثم حزنا
ودموعا على الخدود تسيل
أيها الغائبون عن لمح عينى
وعم فى الفؤاد منى حلول
هل حفظتم لدى الهوي عهد صب
ليس عنه مدى الزمان يحول
أم نسيتم على التباعد صبا
شفه فيكم الضنى والنحول
واذا الشر ضمنا أتمنى
من لدن وبنا حسابا يطول
فلما سمعت المرأة الثانية شعر الدلالة شقت ثيابها كما فعلت الاولى وصرخت ثم ألقت نفسها على الارض مغشيا عليها فقامت الدلالة وألبستها حلة ثانيه بعد ان رشت الماء على وجهها ثم قامت المرأة الثالثة وجلست على سرير وقالت للدلالة غنى لى لا فى دينى فما بقى غير هذا الصوت فأصلحت الدلالة العود وانشد هذه الابيات