فلما فرغ من شعره واذا بالخليفة وحده واقف علی رأسه فعرفه الخليفة فقال له يا كريم فالتفت اليه لما سمعه سماه باسمه فلما رأى الخليفة ارتعدت فرائصه وقال والله يا أميرالمؤمنين ما فعلته استهزاء بالمرسوم ولكن الفقر العيلة قد حملانی على ما ترى فقال الخليفة اصطاد على بختی فتقدم الصياد وقد فرح فرحا شديدا وطرح الشبكة وصبر الى أن أخذت حدها وثبتت فی القرارثم جذبها الیه فطلع فيها من انواع السمك ما لا يحصى ففرح بذلك الخليفة فقال يا كريم اقلع ثيابك فقلع ثيابه وكانت عليه جبة فيها مائة رقعه من الصوف الخشن وفيها من القمل الذی له أذناب ومن البراغيث ما يكاد ان يسير بها على وجه الارض وقلع عمامته من فوق رأسه وكان له ثلاث سنين ما حلها وانما كان اذا رأى خرقة لفها عليها فلما قلع الجبة والعمامة خلع الخليفة من فوق جسمه ثوبين من الحرير الاسكندراني والبعلبكی وملوطة وفرجية ثم قال للصياد خذ هذه والبسها ثم لبس الخليفة جبة الصياد وعمامته ووضع على وجهه لثاما ثم قال للصياد رح أنت الى شغلك فقبل رجل الخليفة و شکره وانشد هذين البيتين
فلما فرغ الصياد من شعره حتى جال القمل على جلد الخليفة فصار يقبض بيده اليمين والشمال من على رقبته ويرمی ثم قال يا صياد ويلك ما هذا القمل الكثير فی هذه الجبة فقال يا سيدی انه فی هذه الساعة يؤالملك فاذا مضت عليك جمعة فانك لا تحس به ولا تفكر فيه فضحك الخليفة وقال له ويلك كيف أخلی هذه الجبة على جسدی فقال الخلیفة انی أشتهی ان أقول لك كلاما ولكن أستحی من هيبة الخليفة فقال له قل ماعندك فقال له قد خطرببالی يا أمير المؤمنين انك ان أردت أن تتعلم الصيد لأجل ان تكون فی يدك صنعة تنفعك فان أردت ذلك يا أميرالمؤمنين فان هذه الجبة تناسبك فضحك الخليفة من كلام الصياد ثم ولى الصياد الى حال سبيله وأخذ الخليفة مقطف السمك ووضع فوقه قليلا من الحشيش واتى به الى جعفر ووقف بين يديه فاعتقد جعفرانه كريم الصياد فخاف عليه وقال يا كريم ما جاء بك هنا انج بنفسك فان الخليفة هنا فی هذه الساعة فلما سمع الخليفة كلام جعفر ضحك حتى استلقى على قفاه فقال جعفر لعلك مولانا أميرالمؤمنين فقال الخليفة نعم يا جعفر وانت وزيری وجئت انا واياك هنا وما عرفتنی فكيف يعرفنی الشيخ ابراهيم وهو سكران فكن مكانك حتى أرجع اليك فقال جعفر سمعا وطاعة ثم ان الخليفة تقدم الى باب القصر ودقه فقام