تبوك وغيرها وصدق بعض أزواجه ، وتردد في حديث الإفك وضاق صدره به زمناً حتى نزل عليه آيات البراءة فكشفت له الغطاء عن الحقيقة.
قال القاضي عياض 1 : أما أحواله في أمور الدنيا فقد يعتقد الشيء على وجه ويظهر خلافه ، أو يكون منه على شك أو ظن بخلاف أمور الشرع . عن رافع بن خديج 2 قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يأبرون النخل فقال : ما تصنعون ؟ قالوا : كنا نصنعه ، قال : لعلكم لولم تفعلوا كان خيراً ، فتركوه فنفضت ، فذكروا ذلك له. فقال : « إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به وإذا أمرتكم بشيء من رأبى فإنما أنا بشر» . وفي رواية أنس « أنتم أعلم بأمر دنياكم » وفي حديث آخر إنما ظننت ظنئًا فلا تؤاخذونى بالظن . وفي حديث ابن عباس في قصة الخرص 3 فقال رسول الله : « إنما أنا بشر فما حدثتكم عن الله فهو حق ، وما قلت فيه من قبل نفسي فإنما أنا بشر أخطئ أصيب» . وهذا على ما قررنا فيما قاله من قبل نفسه في أمور الدنيا وظنه من أحوالها ، ولما نزل بأدنى مياه بدر قال له الحباب بن المنذر : أهذا منزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه أم هو الرأى والحرب والمكيدة ؟ قال : لا بل هو الرأي والحرب والمكيدة . قال : فإنه ليس بمنزل ! انهض حتى نأتى أدنى ماء من القوم فننزله ثم نغور ما وراءه من القلب فنشرب ولا يشربون . فقال : أشرت بالرأى . وفعل ما قاله . وأراد مصالحة بعض عدوه على ثلث تمر المدينة فاستشار الأنصار فلما أخبروه برأيهم رجع عنه . فمثل هذا وأشباهه من أمور الدنيا التي لا مدخل فيها لعلم ديانة ولا اعتقادها ولا تعليمها يجوز عليه فيها ما ذكرناه .
وقال 4 وأما ما يعتقده في أمور أحكام البشر الجارية على يديه وقضاياهم ومعرفة المحق من المبطل، وعلم المصلح من المفسد فبهذه السبيل، لقوله صلى الله