روح الثورات والثورة الفرنسية/مقدمة المترجم
أقول بعد حمد الله والصلاة والسلام على رسول الله :
إن علم الاجتماع من العلوم التي على العلماء في الوقت الحاضر باستجلاء قواعدها ، ومن أكابر هؤلاء العلماء الدكتور غوستاف لوبون مؤلف «حضارة العرب»
الف هذا العلامة ، بعد سياحات كثيرة قام بها في أقطار الأرض ، كتبا ذات قيمة في مدنيات بعض الأمم، ثم وضع ثلاثة كتب بسط فيها ما استبطه في تلك الأثناء من العبر وما ظهر له من سنن الاجتماع وهي : «سر تطور الأمم» و «روح الجماعات» و «الآراء والمعتقدات» ، ثم عرض ما جاء في هذه الكتب من الآراء الكلية على مسائل أخرى فأخرج للناس «روح الاشتراكية» ، و د «روح الثورات و الثورة الفرنسية» وقد نقلت هذين المؤلفين الى العربية ، فقدمت طبع الثاني لصغر حجمه ، وسأطبع الأول بعده إن شاء الله تعالی1.
نقل المرحوم فتحى باشا زغلول کتاب و سر تطور الأمم . وكتاب «روح الجماعات الى العربية . فأرجو أن أعرض عما قليل، على القراء ترجمة كتاب و الآراء والمعتقدات2 فيكون قد اجتمع عندهم كتب غوستاف لوبون الثلاثة الأساسية وكتابان من كتبه التحليلية.
ولا أری أن أشير إلى ما في مؤلفات الكاتب المشار اليه ، ولا سيادروح الثورات والثورة الفرنسية . ، من الفوائد العلمية والحقائق التاريخية، فالأمر أصبح مشهورا لا يحتاج إلى بيان . وإنما أنقل على سبيل الذكر العيارات الآتية :
قال إميل فاكه العضو في المجمع العلى الفرنسى ، وهو من أشهر کتاب فرنسة : وقد أثرت أفكار غوستاف لوبون السياسية الصائبة في نفسي تأثيرا جعلني في الوقت الحاضر أعتمد عليها ، فالفصل الذي بعث فيه عن أوهام رجال الثورة الفرنسية حسن من كل الوجوه ، وهذه الأوهام هي اعتقاد صلاح الانسان، وان من الممكن فصل الأمم عن ماضيها، وتحويل المجتمع بوضع القوانين ، ولا يخفى ما أدت اليه هذه الاغلاط الكبيرة من النتائج .
«أشارك غوستاف لوبون في ما ذكره عن علل نجاح نابليون بونابرت ، فالنصر وحده، وهو الذي دل على نابليون ، لم يجعله سنة ۱۷۹۹ معبود فرنسة ، و إنما الذي سهل نجاحه هو قور الناس من الظلم والاضطهاد والأزمة المالية والطمع في الأملاك العامة وأنجب بغوستاف لوبون خصم للقدر التاريخي الذي شب على اعتقاده أبناء جيلى ، فهذا القدر من الأمور الختلة .»
وجاء في مجلة العالمين :
وأن ما أتي به غوستاف لوبون من البحث الدقيق في مؤلفاته في الفلسفة وعلم الحياة والتاريخ مكنه من إيضاح بعض الأمور العظيمة التي ظلت غامضة حتى الآن. وقد استطاع أن يوضح قواعد الحركات الثورية في كتاب مبتكر جديد بحث فيه عن روح الثورات والثورة الفرنسية .
«أوضح في هذا الكتاب وجه الشبه بين السنن النفسية للحوادث الكبيرة التي حولت مصيرالأمم كثورة الاصلاح الديني والثورة الفرنسية كما أنه أوضح فيه شأن الشعوب الضعيف في الحركات الثورية و مناقضة معزائم أعضاء المجالس وهم منفردون العزائمهم وهم مجتمعون والتأثير الكبير للعاطفة والدين في سير أبطال الثورة الفرنسية»
- باريس في ٦ يناير سنة ۱۹۲٤