دمعة وابتسامة (1914)/خليلي
لو علمت، ياخليلي الفقير، ان الفاقة التي تقضي عليك
بالشقاء هي هي التي توحي اليك معرفة العدل وتبثك ادراك
کنه الحياة، لرضيت بقسمة الله. قلت: معرفة العدل، لان
الغني مشغول عن تلك المعرفة بخزائنه. وقلت: كنه
الحياة، لان القوي منصرف عنها الى المجد. فافرح اذن بالعدل،
لانك لسانه، و بالحياة، لانك كتابها. وابتهج، فانت مصدر
فضيلة عاضديك وعاضد فضيلة الاخذين بيدك
ولو دريت يا حبيبي الحزين ان الارزاء التي اصبحت
مغلوبها هي تلك القوة التي تنير القلب وترفع النفس من
دركات الاستهزاء الى درجات الاعتبار لقنعت بها أرثاً،
آخذة بعضها برقاب البعض، وان الحزن حلقة ذهبية تفصل
بين الاستسلام لمآتي الحاضر والتعلل ببهجة الآتي، كما
يفصل الصبح بين النوم واليقظة
خليليَّ - ان الفقر يظهر شرف النفس، والغنى يبين
لؤْمها، والحزن يلطف العواطف، والسرور يدملها، لان
الانسان ما برح يستخدم المال والسرور توصلاً للازدياد،
مثلما يفعل باسم الكتاب شرّاً ينزه عنهُ الكتاب، وباسم
الانسانية ما تأباه الانسانية
لو باد الفقر ونأى الحزن لاصبحت النفس صحيفة خالية
الا من ارقام تدل عَلَى الانانية ومحبة الاكثار، والفاظ
مفادها الشهوات الترابية، لاني نظرت فوجدت الألوهية،
وهي الذات المعنوية في الانسان، لا تباع بالمال ولا تنمو
بمسرات فتيان العصر، وتأملت، فرأيت الغني ينبذ الوهيته ويحرص على امواله، وفتى العصر يغادرها ويتبع ملذاته
ان الساعة التي تصرفها، ايها الفقير، مع رفيقتك وصغارك بعد
مجيئك من الحقل لهي رمز العائلة البشرية المستقبلة-هي عنوان
سعادة الاجيال الاتية، والحياة التي يصرفها المثري بين الخزائن
لهي حياة دنية تحاكي حياة الدود في القبور - هي رمز الخوف
والدموع التي تذريها، ايها الحزين، هي اعذب من
ضحك المتناسي وأحلى من قهقهة المستهزئ. تلك دموع
تغسل القلب من ادران البغض وتعلم ذارفها كيف يشارك
منكسري القلب بشواعره – هي دموع الناصري
ان القوة التي زرعتها، ايها الفقير، واستغلها الغني القوي
سوف تعود اليك، لان الاشياء ترجع الى مصادرها بحكم الطبيعة
والاسى الذي عانيته، ايها الحزين، ينقلب فرحاً بحكم السماء
سوف تتعلم الاجيال الاتية المساواة من الفقر، والمحبة من الاحزان