التيجان في ملوك حمير/ملك الحارث بن الهمال
ملك الحارث بن الهمال
قال وهب وولی امر الملك بعد الهمال بن عاد ابنه الحارث بن الهمال وهو الرائش الاصغر والرائش الأكبر عمه لقمان بن عاد وهو الحارث ذو مراثد ابن الهمال ذي شدد بن عاد بن ذى مناح وكانت تأتى هدايا الهند الى التبابعة من أصناف الطيب والمسك والعنبر والكافور وحب البان والينجوج والزعفران وغير ذلك من أنواع الطيب ومرافق أرض الهند والفلفل والهليلج وغيره، ويأتي الجوهر والعقيق والدن١ فلما أتت الهدية إلى الرائش الحارث ذي مراثد وذو مراثد في لغة حمير ذو أيادي وذو مرثد ذو يد*
قال وهب فلما أتت الهدية من قبل الهند إلى ذي مراثد ورأى ما رأى من عجائب الهند تطلعت نفسه إلى غزوها فعبى الجنود وجمع العساكر وأظهر إنه يريد المغرب في البحر وأعد السفن وكان غزاها قبله ثلاثة من الملوك على البر من جبال حران٢ وأرض التبت حتى وصلوا إليها وهم عبد شمس ابن سبأ وبعده ابنه وائل بن حمير وبعده ابنه السكسك بن وائل فكان خراجهم الذي أجروه على الهند جميع هذه الطرائف يطرفونهم بها*
قال وهب فلما أمكن لذي مراثد الرائش جواز البحر ركب وقدم بين يديه رجلاً من حمير يقال له يعفر بن عمرو٣ فسار يعفر حتى دخل أرض الهند وتبعه الرائش ذو مرراثد فقاتل أهل الهند يعفر حتى آتاه الرائش فغلب عليهم فقتل المقاتلة له وسبى الذرية وغنم الأموال ورجع إلى اليمن من جهة مطلع الشمس وكان طريقه مدينة الصغد وهي سمرقند وخلف يعفر ابن عمرو في اثني عشر ألفاً في مدينة بناها الرائش ذو مراثد وسماها على اسم الرائش فلم يقدر أهل الهند يقيمون اسمها فسموها الرائد فهي مدينتهم
اليوم وبها ملكهم وقال في ذلك نوفل بن سعد من رؤساء حمير* قال وهب ولما صار الرائش بجبال خراسان أتته هدايا أرمينية اتقوه خوفاً لما وقع في الهند فأرسل ملوك أرمينية ببزاة بيض وديباج وسروج ومتاع عجيب مما يقابل به الملوك فقال للرسل كل هذا في أرضكم قالوا نعم أيها الملك قال فلم نأخذ شيئاً إذ لم نأخذ أرض أرمينية فسار يريد أرض أرمينية فقدم بين يديه شمر بن العطاف٥ الحميري في مائة ألف وسار يتبعه بالجمع فأخذ أرمينية وأخذ في دروب الأرض إلى عجز الأرض ما تحت بنات نعش وأبواب زوايا الأرض، ثم قفل راجعاً حتى بلغ أذربيجان حتى بلغ إلى الصخرتين من أذربيجان وهما صخرتان قد تقابلا جبلان شامخان يحسر الطرف عنهما وليس يأخذ أخذ بأذربيجان إلا بينهما. فكتب في الصخرتين بالحميري المسند وسموا الحميري المسند لأنه على عدده وهو منثور مثله فكتب في الصخرة الواحدة أن الرائش ذا مراثد سيد٦ الاوابد بلغ من الدنيا امله وبقى ينتظر أجله فمتى ينقض يمض وتحته منقوش*
وكتب في الأخرى
قال ابو محمد وان ذلك الكتاب لمكتوب فيها اليوم – قال وان الرائش ذا مراثد رجع إلى اليمن ونزل غمدان ومات فكان عمره في الملك مائة عام وخمسة واربعين عاما والله اعلم*