انتقل إلى المحتوى

التيجان في ملوك حمير/أخبار عبيد بن شرية

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
ملاحظات: الصفحات ٣١١–٣٥٦
 

اخبار عبيد بن شريـة الجرهمي في اخبـار اليمن و اشعارها وانسابها

على الوفاء والكمال والحمد لله على كل حال
اخبار عبيد

- بسم الله الرحمن الرحيم و به نستعين * الحمد الله حمدالشاكرين وسبحانه تعداد الا يام والسنين وصلى الله على رسوله خاتم النبيين وخيرته من خلقه الامين وعلى آله الطاهر بن ورحمته وسلامه حدثنا (۱) عبيد بن شرية الجرهمي عن البرقي يرفع الحديث أن معاوية بن ابي.. فيان كان امير الامير المؤمنين عمر بن الخطاب عشر سنين ووليها لتمان ايضا عشرائم وليها بنفسه عشرين سنة ودانت له المشارق والمغارب و نال رفاعة الملك ـ وهو أول من تملك واتخذ المقصورة ووقف على رأسه اذا سجد وجمع الاموال .. وكانت افضل لذاته في آخر عمره المسامرة و احاديث من مضى ـ فقال له عمرو بن العاص لو بعثت الى الجرهمي دى بالرقـة من بقايا من مضى فانه ادرك ملوك الجاهلية وهو أعلم من بقى اليوم في أحاديث العرب وانسابها .. و اوصفه لما مر عليه من تصاريف الدهر فبعث اليه معاوية فانى في محمل بعد ايام كثيرة وشدة شوق من معاوية اليه قد خل عليه شيخ كبير السن صحيح البدن ثابت العقل منتبه ذرب (1) كذا في نسختى الأصل و ( ب ) والصواب (حديث ) وكأنه كان في الاصل الأول ( حديث عبيد بنشرية الجرهمي ) عنوانا تم ابتدأ فقال عن البرقى المخ والبرقي تلميذ ابن هشام مؤلف التيجان وقد استنتح المستركرنكو من هذا ومن ذكر بعض مشايخ ابن هشام في هذا الكتاب أن الجامع له ابن هشام وكأن القائل عن البرقى أحد تلامذته اللسان C اخبار عبيد اللسان كأنه الجذع فسلم على معاوية بالخلافة فر- حب به معاوية و قال له اني اردت انخذك مؤد بالى وسميرا ومقوما وانا باعث الى اهلك وانقلهم الى جواري وكن لى سميرا في ليلي و وزيرا في امری۔ ق ل . يا اميرالؤمنين (رأيتى ورأيت رحلی ) فار س لها مثلا في العرب قال له معاوية . فذاك اخف لمؤنتك واعلى للزومك فامر به معاوية فانزله في قريه واخدمه وامر من مجري وضيفته ووسع عليه والطف... فاذا كان ذلك في وقت السمر فهر سميره في خاصته من أهل بيته وكان نقصر عليه اله ويذهب عنه همومه وانساه على كل سميركان قبله ولم يخطر على قلبه شيئ قط الا وجد عنده فيه شيأ وفرحا وصرحا .. فاذا به كان يحدثه وقائع العرب واشعارها و اخبارها امرا هل دیوانه و کتا به ان يوقموه ويدو نوه في الكتب فينيها هو ذات يوم في مجلس لمعاوية وفيه عمرو بن العاص وجماعة من قريش وقد اخذوا في الحديث وعبيد بنشرية يحدهم قال له معاوية .. كم أنى عليك من العمر ياعبيد .. قبل كثير يا امير المؤمنين كفاك انه لم يبق جرهمي غيرى أن علي مائة سنة وخمسون سنة(1) - قال له معاوية ـ هل شهدت دخول الحبشة ورجمها البيت الحرام - ام ـ قال نعم يا امير المؤمنين .. انما كان ذلك بالا مس ولقداد ركت عامة ملوك لخم وكندة وحمير وغسان قال له معاوية .. حدثني ياعبيد كيف كانت الجاهلية باليمن ولم يكن اى معد بن عدنان معهم ذكر ولم يظفروا منها بطائل قال يا امير المؤمنين .. ومثلك يجهل هذا إنما كانت مضر بالا مس وكانت اليمن وملكت وملكت و لم يكن مضرو لامعد ولاءد نان ولا اسمعيل .. انما المن من ولده ودواسمه بالسريانية عايرو بينه ( 1 ) كذا – وفي كتاب المعمرين – أن معاوية قال له أخبرني كم الى عليك قاله مائتان وعشرون سنة - ح اخبار عبيد و بين ابراهيم عليه السلام ثمانمائة سنة وعاش صلوات الله عليه مائتي سنة وقيذ ا رعاش مائة سنة واربعين سنة ومضر من ولد قيذار بن اسحميل بن ابراهيم فكيف حتى ولد عدنان ومهد ونزار ومضر وكيف حتى شعبت الاثار وانتشر وافي البلاد_قال له معاوية صدقت و بررت ـ اخبرني عنك مالك اذا ذكرت ابراهيم لم تملك ان تصلى عليه وقد ذكرت والدكم هودا نبي الله فلم صلى عليه وهو نبي الله.. قل ياامير المؤمنين والله المواهب الى من ابي الذي حملني في صلبه واحب الي من امي التي أرضعتني ولا اعدل بخليل الرحمن انحدا ولا محمدا صلى الله عليه واله وسلم ولا هود صلى الله عليه و على جميع الانبياء قال له معاوية انك لنصف فخذ في حد ينك برحمك الله عن ملوك اليمن وقد بلغنى عن حمير و سيرها في البلا دو ملكها في مشارق الأرض ومغاربها وكيف كان ذلك تسحر العرب والعجم وعن افتراق السنة الناس و عن اهل بابل .. و متى كان ذلك وكيف كان ذلك وسألتك إلا تمر بشعر تحفظه فراء له احد الاذكر ته ـ قال .. يا أمير المؤمنين لك في غير هذا الحديث ما يقصر فيلك و تلذ به في نهارك فان فيه ما تهوى و مالا تهوی ومغطية وشفقا للملوك وامش المودة_قال عزمت عليك الا اتبعت هوای وحد ثنتى ما علمت مما اسألك عنه فانت في جوار الله وذمته وامان منی و من غضبي و نمش مودتی ـ قال جميع جلساء معاوية ولك منا ذلك من جميعنا ـ وامي معاوية كتابه ان بدو توا ما تحدث به عبيد بن شرية في كل مجلس سمرفيه مع معاوية .. قال عبيد .. سل يا امير المؤمنين قال معاوية فمن العرب العاربة ومن العرب المستعربة ـ قال يا معاوية أتسلم انت وغيرك من اولى العلم انما هي عاد و ثمود وطلسم و جديس وارم والعماليق و جرهم اخبار عبيد وجرهم وقحطان بن هود فهم كانوا أوائل الناس منهم يعرب الذي تكلم بالعربية كل اخذه من يعرب بن قحطان بن هود واليه تنسب العربية فيل عربي لان يعرب اول من نطق بها وليس احد غيره تكلم قبله بها في هذه الاجناس التي سميت لك تكلمت بكلام يعرب بن قحطان بن هود النبي صلى الله عليه وسلم حتى كان اسمعيل ونقله ابوه ابراهيم صلى الله عليه و سلم من بلاده فانزله بمكة فكنا نحن جرهم اهل البلد الحرام فنشأ اسمعيل في وتكلم بكلام العربية و تزوج منا .. فجميع ولد اسمعيل من بنت مضاض ابن عمر و الجرهمي واسمعيل وابوه منا وانتم يا قريش منـا والعرب بعضها من بعض .. ألم تعلموا انكم من ولد اسمعيل بن ابراهيم صلى الله عليه وسلم و ابراهيم نحن ولدناه وابوه آزر واسمه تارخ بن ناحور بن ارغوان شارخ بن فالغ بن عابر وهو هود فهو ابو نا وا بو كم فنحن ولدنا كم وانتم منا و نحن منكم ـ قليل في كثير قال معاوية - كانك تحدث عن حديث الجاهلية .. قال عبيد يا امير المؤمنين لك في الاسلام ما يغنيك عن ذلك فقد محق الاسلام ما كان في. له كما محق الشمس ضوء القمر - قال عزمت عليك الاحد ثنى عما اسألك عنه قال .. يا امير المؤمنين كان من خبر اهل بابل واختراق المسنة الناس انه لاكبر والد سام و يافت وحام اولاد نوح في بلاد الله و ارا دالله ان يفرقهم في البلدان ويخالف بين السنتهم فبعث عليهم الارواح الاربع ـ قال معاوية ـ ماهذه الارواح .. الاربعة ـ قال الشمال والجنوب والصبا والدبور فضمتهم الارواح الأربع من أربع جوانب من كل ناحية كانوا بها ساقتهم فجمعتهم بيا بل وكانوا بها مكثوا بها ثلاثة ايام يموج بعضهم في بعض و علموا ان ذلك امر من ٣١٥ اخبار عبيد السماء ولا يدرون ماراد بهم غير أنهم لا يشكون ان الله الذي فعل بهم ذالك والله مظاهر ارادته .. قلها كان اليوم الرابع - مدوا من قبل السماء صونا بنادي الا ان الله مفرق بين السنتكم ومسكنكم اطراف الارض فا بماقوم توجهوا وجها فكلامهم ولسانهم واحد ـ قال معاوية .. وماكان الا ان يومئذ . قال عبيد سرياني اوله و آخره وهو لسان ابينا آدم علیه السلام و نوح و ادريس قال معاوية .. كيف اختصت ارض بابل با جماع الناس فيها .. قال عبيد هي سرة الأرض في فضلها وارادالله ذلك بها ـ قال معاوية و من اول من انطقه الله غير السريانية و اول من توجه من بابل .. قال أول من توجه مر بابل يعرب بن قحطان بن عامر وهو هود النبي عليه السلام ابن شالخ بن ارفخشذ بن سام بن نوح تو به من بابل بجميع ولده ومن اتبعه ثم نادى انى سائر في بلاد الله فمن تبعني فله مالی وعليه ما على قال معاوية بالعربية ام السريانية ـ قال عبيد .. لم ينطق بغير اللسان السريا نية حتى استقر به قراره في بلد سوى بابل .. قال معاوية سألتك الا اخبرتني بما تكلم يعرب اول ماتكلم قول يا ميرالمؤمنين ذكر اسم به عند زوله بالعربية وتكلم شمر او تكلم بها بعده ولده .. قال معاوية ـ أذكر الشعر الذي قال يعرب قال عبيد .. قال يعرب ا نا ابن قحطان الهام الاقيل لست بتكال ولا مؤمل(۱) و المبتدي باللسان المسهل يا لمنطق الا بين غير المشكل برزت والامة في تبليل نحو يمين الشمس في تمهل و تقهر الامسة في تفضل قد جاء نا نوح بقول فيصل (۱) مضى في صفحة (31) فارجع اليه ان شئت - ح * و نوح -اخبار عبيد و نوح جد للجد ود الاول لابد في عقب الزمان الاطول غير كم ينطق بالمر سل با النحو والا عراب و التنزل وكل خير ما روى الرواة لى من الآله ذي الجلال المفضل قال معاوية ـ فاين توجه .. قال عبيد ـ لما خرج يعرب بجميع ولده وكان أقوى ولد سام بن نوح واعظمهم شأنا لم يقصر حتى نزل بارض اليمن التي هم بها اليوم قال معاوية ـ فمن شخص بعد يعرب .. قال عاد بن عوص بن ارم ابن سام بن نوح حتى جاوره .. قال معاوية .. فما صار اليه شأنه وبما انطقه الله قال عبيد ـ لما توجه الى ماقبل يعرب تكلم بكلام يعرب ـ قال فهل نطق بشيء من الشعر - قال نعم كثير .. قال فاذكر بعض ماذكره فانا نرويه قال عبيدسأذكر لك من كل شيء سببا .. قال عبيد لما استقر بهاد قراره انشأ يقول ا نیا نا عادا الطويل النادي ذ و العز و القوة و السداد والبطش والأموال والأولاد ياقوم اجيبوا صوت ذا النادي فقد سموه اذينادي من غير ما شخص ترون بادی فيه عبرة لذي السداد فسرت بالطارف و التلاد

حتى حلات با لهما م مادي قد قال نوح خيركم اولا دی ماد المعادي غالب الاعادي . من ولد عوص الفرذي الميعاد وحل عاد بالا حقا ف ثم شخص بعده نمود بن عابر بن ارم بن سام بن نوح في وادي صنعاء ليعرب حتى حل في جهتهم وتكلم بكلامهم .. وبعض ماقال حين نزل مضاهيا اقول في اعمامه يا قوم سيروا واعلموا القودا للنا ندرك ذا الوفودا(1) و يعرب المنتوج الصنديد ! وخلفوا الا رذال و الو غودا (۱) كذا - وهو كماترى - ح . اخبار عبيد چند پس و المعشر الانذال و العبيدا قد مات نوح راشد محمودا وقال ان غيركم نمو دا وسوف بعدى يوصفون جودا و يبعث الله لكم وليـدا نبي صدق را حما ودودا ونزل هؤلاء الحجر الى قرح وهو نحو وادي القرى بين الشام والحجاز وقال نمود ايضا يدعو أخاه جديسا ويرغبه في اتباعه اياه ایا جد پس یا جد پس و حكا اخوك لا تؤثر عليه عمها و ولا تصر من منه حبلكا و يعرب الهام با در مجید کا و عاد ما عاد فا و طـا الملكا لا تكثر ذ في المقام رأيكا ن قال فلما انتهى قوله الى جديس رحل في طلبهم بجميع ولده ومن اتبعه ٠٠.م فنزل بقربهم و نطق بكلا مهم كلام يعرب ـ وبعض ماقال له ا يا نو د قيد اجیت دو تکا وقد عرفت ان مجدي مجد کا قد تك نفسي يا نمو دانكا دعوتي فما عصيت امر کا و کیف صبري يا نمود بعدكا و بعد عاد لا عدمت قر بكا نم شخص بعده عملیق بن لاوذ بن ارم بن سام بن نوح متو جهافی اثر هم حتی حل بقربهم بجميع ولده ومن ينسب اليه فتكلم بلسا نهم وهو كلا م يعرب قال معاوية ـ سألتك الا شددت حد ينك ببعض ماقا لوا من الشعر و لو ثلاثة ابيات ـ قال عبيد في بعض ما قال عمليق لما رأيت الناس في تبلل وسار منا خير نا في اول خير الملوك يعرب المفضل بالسادة الغرذوى التجمل اهل الحجيا و النيل والتبتل وسار عاد ذوالقوام الاطول فنجد منا في لحاق المقبل بمورد الحزم بأمر فيصل فقات اخبار عبيد فقات سير و اغير ما تخزل فسرت طردا بالـوام النقل فقلت يا طلسم الي فا عجل انى انا عمليق غير مشكل اريد ارضا ذات ملك اطول لعلنا نحل دار العـد مل ثم اتبعه طسم بن لاوذ بن ارم بن سام بن نوح حتى لحق اخاه عمليةا فتكلم بكلام يعرب وقال انی انا طسم شبیه سام و والدي لا وذبن رام لما رأيت من بني اعمامي واخوتى الرحيل باعتزام قد افتد و ا بيعرب الهام گرهت بعدا خوتي مقامي و کیف صبرى بعد آل سام عمليق ثم عاد ذي القوام ويعرب ذي العزم والاقدام و خلفنا با فت و آل حام و قال معاوية ـ هؤلاء اجمع ولد سام بن نوح ـ قال عبيد ـ نعم لم يرحل 00هم سواهم ـ قال معاوية فنز لو ا جميعا ا م اشنا تا ـ قال كل ذلك يا امير المؤمنين لما ناداهم الصوت بيـا بل كل قوم تو جهوا ناحية واحدة وكلامهم واحد توجه يعرب اول من توجه بولده ولحق به و لد سام فتكلموا جميعا بالعربية ونزلوا جهة واحدة - فنزل يعرب وولده باليمن و نزل عاد بالاحقاف ونزل نمود مما يليهم على الساحل وجاور بعضهم بعضا و بقى بيا بل ولد يافت وولد حام .. قال معاوية فلم -- صار امرهم اليه .. قال يأتى عليك في الحديث حتى اخبرك خبرا يغنيك ـ انه لما كثر ولد يعرب وولد عاد ونمود و طسم و عملاق وجديس ضاقت بهم ارضهم - فلول من رسل منهم عمليق وولده حتى اتوا الحرم فنزلوا به كافة ـ قال معاوية وهم يعلمون انه حرم الله قال عبيـد ـ نعم قد كانوا يعلمون ان آدم اخبار عبيد وادريس و نوحا كانوا يعظمونه قال معاوية فمن قال في نزولهم الحرم شعرا ـ قال .. نعم قد قال اصعر بن الحارث بن يعفر بن عمليق انا ابن مأمون الجوار الاصعر الحارث المفضال نجل يعفر وجدى السيار غير المنكر عمليق اذ سار بجيش مشهر لما رأيت الدهر ذا تغير فسرت سير أبالجموع البهر من آل عمليق الكريم المفخر الى حريم الارض ارض المحشر من ارض سام جد نا الموثر فلما رأى ذلك ولد جديس رحلوا باجمهم متى نزلوا بأرض اليمامة فاتسعوا بها- فلما رأى ذلك جميع ولد طسم لم به تهم المقام بعد ولد جديس وضاق بهم المقام وقد بلغهم عن سي جديس سمة بلادهم فرحلوا حتى حلوا بهم .. وقال في ذلك الاعجب بن مهراق بن سلام بن جديس فينا الدهر يطول للبقا ورى الدهر فاو دي اذري فلقد اخى علينا كلكلا مهد القوة منـا و القوى (1) (۱) رحات طسم الينــا لاقضا بعد ماضاقت بها الارض الفضا فقبلنـاهـا على ما كان من حدث الدهر و قلنا مر حبا ليس عيش دونكم يصفو لنا كل عيش بعد طلسم لا صفا المنا يعرب عنا كلما دارت الشمس واوفت بالسما يا خليلي سلاما دائما . من عشير بهم شط النوى ليت شعري كيف انتم بعدنا يا بي يعرب يا اهل الحجا يابي يسرب اتم سادة كتم من آلام في الذرى ولقد فضلكم ذا الكم بلسان فيه نورو سنا (1) كذا -- ولعله معد - ح * اخبار عبيد تجميع الناس طوعا لكم كلهم فا لمن فيـكم و السنـا و بنو عاد جميها غليسوا من ينـا و يهم بعز و بها و سی عایق منا فاذكر وا و بی طسم و كل قر با انما ابكي لأبي عنهم ويحق يسأل منا من بكى ذل من اصبح من اخبـار نـا نازح الدار و امسي موهنا و است انساه اذا نادی بنا يوم نادانا بلا شخص بری فا نصر فنا الى اوطانا بكلام غير سر با بعد ما كان لا نا و أحدا ما را ثنين وسبعين سوا(۱) قال .. فما صنع من بقى ببابل من و لد حام و يافت و قد سبقهم و لد سام إلى افضل البلدان ـ قال فسار طسم بن لاوذ بن يافث بن نوح راغبا عن مسير ان عمه حتى دخل أرض فارس فيقال ان جميع اجناس الفرس من ولده فلا ر آهم جميع ولد يافث بن نوح قدر حلوا رحلوابا جمعهم حتى حلوا بين المشرق و المغرب من ناحية الجربياء وهم فيما يقال الترك و الصقالبة و يا جوج وماجوج و برجان والروم والأسبان.. والروم ولد ياوار بزيافث بن نوح وراد ياجوج وماجوج بزيافث بن نوح انترك واجناسهم وماشيج بن يافت ان نوح و بر جان من بينى يافث بن نوح .. والصقالية و لد أشميل بن يافث بن نوح ثم سار جميع و لدكوش بن حام بن نوح و اجناسهم حتى حلوا اطراف المشارق و المغارب ... و اما و لد كنا ن بن سام بن نوح فهم ولد كنعان بن كو ش بن حام وهم البر برفسار حتى جاز فلسطين و بیت المقدس و فی اطراف الارضين و کا نوا بها حتى بعث الله نبيه ( ١ ) هذه القصيدة غير خفي ما فيها من التحريفات-ح * اخبار عبيد و د او د و هو الذي اسس بيت المقدس و سليمان بن د ا و د مه و لقد بلغنى ان سليمان بن د او د صلى الله عليه و سلم سأل الله ان لا يد خل بيت المقدس مؤ من بالله ورسله و كتبه الا اخر چه الله منذ نو به كيوم واسته امه فاعطاه الله ذلك ولم تسخر الربح بعده لاحد ولا الشياطين ولا العفاريت ولا الطير ـ وبلغنى أنه لم يملك احد ملكهـ فدعا داود البربر الى الله فكذبوه وة "لوه كما سمعت في كتاب الله ( وقتل داود جالوت واتاه الله الملك والحكمة ) و باغي عن هذه الآية ( ان فيها قوما جبارين ) انهم اولاد بر بر بن کنعان بن كوش بن حام .. فقتلهم بعد ذلك يوشع بن نون فسلم يزل يفا تلهم حتى نقلهم الى اطراف الارض ملك من ملوك حمير يقال له افريقيس* ثم ابرهة ذو المنار بن الرائش كثير الغزو ومغير في الارض فلما دخل ارض افريقية وبأسمه - ميت افريقية فرأى ارض المغارب طيبة خالية طنجة وتنيس فنقلهم اليها وعمر بهم المغارب و اطراف الارض ـ واما اخوتهم ولد قبط بن مصرايم بن حام فنزلوا بفلوات المغارب فقيهم انزل الله ( ان فيها قوما جبارين) و (قتل داود جالوت ) وهم يدعون الى قيس وكانت البربر ولم تكن قيسة طنة مصر وهم ولد سام بن نوح والبربر من ولد حام فابن الملتقى الى نوح ولكنهم بالامس نظروا اهل تنيس اذ كانوا بيت المقدس ولودعاهم احد الى نسبه ايضا اجا بوه و لكنهم ولد بر بر بن کنعان بن كوش ابن حام وذوو الاحلام منهم يعلمون ان هذا باطل وهم أقدم من ذلك وهل يجهل ما وصفت لك أهل العلم منهم وهم الخوة النوبة ـ و ولد قوط الحبشة وفيهم ما في ولد حام من عزة النفس والشجاعة و الشدة وقلة الرحمة ونساءهم اخبار عبيد و نساءهم ارحم من رجالهم - وفيهم الجفاء والخلف ترى ثقل اهل الحلم منهم فنقول صالحون مالم يغضبوا فأن غضبوا كفر وا دين احدهم على طرف انه اصحاب غدر وسحر لا يعرفون المكر من جاء اليهم منعوه كان على الحق اوغيره ـ ولا ينقادون بعضهم لبعض .. نحسبهم جميعا وقلوبهم شتى - لهم يأس وصبر وقد حرموا النصر ربحون ولا يربحون ولا يدينون وان قهروا يتون اهوا ،هم ويعصون امراءهم الا ان كانوا من غيرهم .. ما لفهم الخسران ولا ينظرون في النقصان ـ يكثرون الحجج من غير نية ويحلون في الحمية ولومات احدهم على غية .. أطوع الناس لمخلوق في معصية الخالق اصحاب لهو وطرب ـ وامو رهم عجب من العجب ـ لا يوفرون كبيرا ولا يرحمون صغيرا ـ يسينون الانساب و يتبعون الاغراب من جاءهم بالافك صد قوه ـ وان دعاهم اجابوه ـ ويهينون الاموال و يكثرون الانتقال ـ يطرحون المودة ويخلفون الصديق ـ و القسوة من رجا لهم والرحمة من نساءهم * و بلغنى في الحديث يرفع الى النبي صلى الله عليه و آله و سلم( ان الملح والشهرة نزعت من بني اسرائيل وجعلت في نساء البربر ) و بلغني ان اولاد بر بر این کنعان بن كو ش بن حام الذين يزحفون لرجل من ولد فاطمة حتی بر دوه الى مكة وهو صاحب العدل في آخر الزمان واصحابه يقال لهم الغرباء * قال له معاوية ـ قات الصواب انشاء الله وان كلامك طيب وشفاء لما في الصد و ر فاخبرنى من كان الملك .. قال عبيد .. كان الملك يومئذ فارس بن ارم بن سام بن نوح و افترقوا في البلدان ثم ملك يعرب جميع اخبار عبيد و لد سام و گل جنس ملكهم منهم ـ قال معاوية ـ اخبر ني عن القبط من ابوهم و هل ملك منهم احد ـ قال عيد .. ابو هم مليط بن ماش وكان ملكهم دار این دارا الذي قتله الاسكندر ـ قال معاوية ـ فهل ملك القبط .. قال نعم كان ملكهم نمرود بن كنعان بن كوش بن حام وهو الذي ارسل اليه ابراهيم الخليل صلوات الله عليه ـ قال قد كان ادعى الربوبية قال نعم يا معاوية يا سبحان الله لقد رغبته نفسه إلى أمر عظيم .. قال عبيد وقد كان فرعون قال انا ربكم الاعلى ولم تلك الا مصر وحدها وقوله يد لك على ذلك انه قال ( أليس ليملك مصر و هذه الانهار تجرى من تحتى أفلا تبصرون ) قال معاوية ـ فما فعل الله نمرود ـ قال عبيد لم يزل ابراهيم صلى الله عليه وسلم يدعوه واهل مملكته فعصى فاهلكه الله ومن الكافرين.. فاقام ابراهيم يدعوه ماشاء الله ثم دعا بالختان فزعموا أنه اختتن وهو ابن عشرين سنة ومائة سنة وعاش بعد ذلك ثمانين سنة وامر بالمسير الى بيت الله الحرام ووضع عندالبيت ابنه اسمعيل وأم اسمعيل وكان . همه من اهل البيت يومئذ العاليق وجرهم وكانت امور كثيرة بعـد * قال يامعاوية كان صالح وهوذ قبل ابراهيم التي نة ولقد بالغني ان بين موت هو دو صالح خمسمائة سنة .. قال معاوية كذلك بلغنى.. قال معاوية فما الذي اخرج جرها من دار اليمن الى الحرم .. قل لم تبللوا ولد يعرب وكثروا وضيقوا عليهم وتما دوا باجمعهم على جرهم فرحلوا الى الحرم ـ قال معاوية فكم كانوا ولد قحطان الذين من صلبه خاصة .. قال عبيد كان جميع ولد قحطان اكبرهم يعرب وهو اول من تكلم بالعربية واول من حيى بتحية الملوك ابيت اللعن وهي تحية الملوك ملوك الجاهلية وهو اول من حبى بها ..والحارث بن قحطان - قحطان وحضر موت وقحطان ولام بن قحطان والعاص بن قحطان والشمر ابن قحطان والملتمس بن قحطان وتحاسم بن قحطان وماعز بن قحطان وتبع ابن قحطان و القطام بن قحطان وظالم بن قحطان وجرهم بن قحطان و امهم امرأة من ولد عاد وكلهم قد ملك ملكاً عظيماً غير ظالم كان يسير بالجيوش

حديث هلاك عاد

قال معاوية ― فحدثني يا عبيد عن هلاك عاد وكيف كان هلاكهم ― قال عبيد يا معاوية إنه كان عاد بن عوص بن سام بن نوح - وهو الذي أحدث له عشرة من الولد وهم شداد وهو أول من ملك منهم وطال ملكه وهو الذي عمل أرم ذات العماد والخلود وهم رهط النبي هود صلى الله عليه وسلم وتيم بن عاد وبر وبهار والعنود والحقود والصور وهم رهط أبي سعيد المؤمن وصدوهم رهط لقمان بن عاد صاحب النسور ووفد وثمود ومتاب وهم رهط صاحب السحابات وأس وفد غار١ ورمل - وكانت عاد عشر قبائل وكانوا عرباً وكانت مساكنهم الأحقاف - وهي الرمال ما بين حضر موت وبحر عدن - وذلك قول الله تعالى ﴿وَٱذۡكُرۡ أَخَا عَادٍ إِذۡ أَنذَرَ قَوۡمَهُۥ بِٱلۡأَحۡقَافِ وكانوا قد كثروا وانتشروا في البلاد من ارض اليمن كلها وما قاربها من البلاد وقسوا في البلاد وكان الله قد أعطاهم بسطة في الجسم وقوة في الأبدان وسعة في الأرزاق ومهلاً في الأعمار لم يعطه أحداً من الخلق من بعد قوم نوح وذلك قول الله عز وجل ﴿وَزَادَكُمۡ فِی ٱلۡخَلۡقِ بَصۜۡطَةࣰۖ وقال سبحانه ﴿أَمَدَّكُم بِأَنۡعَـٰمࣲ وَبَنِينَ وَجَنَّـٰتࣲ وَعُيُونٍ فكفروا ربهم وطغوا بما فضلوا به على غيرهم فافسدوا في الأرض وعتوا عتواً كبيراً واغتروا بجهلهم وقالوا لنبيهم هود ― أن هذا إلا خلق الأولين ظن وقال الله عز وجل ﴿فَأَمَّا عَادٌ ﴿فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةًالآية ― فلما كثر عتوهم وكفرهم وظهرت فيهم المعاصي بعث الله نبيه هودا صلى الله عليه حجة عليهم لينذرهم وابعثه إليهم وكان من أوسطهم بيتاً وأكرمهم حسباً وأعزهم رهطاً ليمنع من سفاهتهم حتى يبلغ رسالات الله وقد سمعت ابن عمك عبد الله ابن عباس يقول إن الله لم يبعث نبياً قط إلى قومه إلا من أوسطهم بيتاً وأعزهم ليمتنع من سفاهتهم حتى يبلغ رسالات الله قال صدقت يا أخا جرهم فهل تعرف أحداً من شعر العرب ذكر هوداً في شعره وإن في كتاب الله لشفاء من العمى وبياناً من الجهلة ونحب أن نزداد فأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول {إن من الشعر لحكمة} قال عبيد يا معاوية قال فيه حسان ابن ثابت الأنصاري حيث يقول

وإن أخا الأحقاف إذ يعذلونه
يجاهد في دين النبي ويعذل

قال معاوية ― صدقت يا ابن شريه فحدثني حديثك عن عاد ― قال يا معاوية وكان لعام أصنام يعبدونها دون الله تسمى صداء وبغاء وصمود قال معاوية فهل قيل فيها شعر ― قال عبيد نعم ― قال أبو سعيد المؤمن وهو من بيت سعيد حيث قال

لنا صنم يقال له صمود
يقابله صداء والبغاء

قال معاوية ― صدقت فخذ في حديثك عن عاد قال فبعث الله إليهم نبيه هوداً صلى الله عليه برسالاته وداعياً إلى عباداته فبلغهم الرسالة ونصح لهم ما استطاع فردوا نصيحته وطرحوا قوله وكرهوا ما جاءهم به وكان من قولهم ما ذكر الله في كتابه في غير آية ولا آيتين ﴿قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ﴿إِن نَّقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ} قد سمعت ابن عمك يقول ― أصابك بعض آلهتنا بجنون ― قال هود ﴿إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ الآية وسمعت ابن عمك يقول إني بريء من آلهتكم الذين تزعمون أنها أصابتني بسوء فأصيبوني بأعظم من ذلك أن أخببتم ― وقوله تعالى ﴿أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ ― يعني بكل نجد والربع هو النجد مما ينصبون من الحجارة في النجاد وهي للناس٢ سمعت ذلك من ابن عمك أيضا*

قال صدقت يا عبيد وجئت بالبرهان الواضح فحدثني عن هود ― قال نصح لهم هود بجهده وآتاهم بالحق من ربه فلم يزدادوا إلا طغيانا وكفرا وتماديا في معصيته ― وأسلم مع هود منهم نفر يسير لا يبلغون أربعين رجلا وأسلم رجل من أشرافهم وساداتهم وذوي أحسابهم يقال له أبو سعيد بن سعد بن عفير وكان يكتم إيمانه وهو رأس الوفود وصاحب البر والتقوى وودها وقد بلغني يا معاوية إنه كان سائرا ذات يوم إذ مر بجماعة منهم في نادي قومهم فدعاهم إلى الله ووعظهم فحمل عليه رجل من سفهائهم بحجر فأدمى كعبه فدعا عليهم هود عليه السلام أن يبتليهم الله بالقحط ويحبس القطر عنهم ثلاث سنين فاستجاب الله له فحبس عنهم المطر وابتلاهم بالقحط ثلاث سنين حتى جهدهم ذلك ― قال معاوية لله أنت يا عبيد فهل قيل في ذلك شعرا ― قال عبيد ― نعم ― قال فاسمعني ذلك ― قال لما دخلت السنة الأولى عليهم علموا أنها سنة قحط وأزمة فسموها حجرة فقال في ذلك رجل من المسلمين - يقال له حماد هذا الشعر

قد نزلت بأرض عاد حجره
لها لهيب وعليها غبره
فأرضهم جادبة مغبرة
جاحمة وحرثها مصفرة
ليس لها في يومها مسره
ولا لعين بالنهار قره
حلاوة الإتراف فيها مره
لطاعة الله وفيها عبره
وفي معاصيه الردى والحسرة
فقد رأوا منك عظيم القدره
إذ أرضهم يابسة كالصخره
موحشة دون البلاد قفره
مستبدلين خيره مضره
إذ لم تزل تربتها مغبره
وصادفت من ربها المعره

فأجابه رجل من المشركين ― قال ― وما أسمه ― قال اسمه الخلجان ابن الوهم فأنشأ يقول

إن السنين حلوه ومره
فاخرة ولدنة مخضرة
فمرة جدب وخصب مره
ليست بنكر سنة مغبره
معينهم ليست تدوم العره
وعاد أولو همة وخبره٣
محتالة للكسب ذات قدره
وكلهم ذو وسعة يمره
لهم بعز شوكة مسره
كأنهم عند اللقاء جمره
وهم معا في الخافقين عبره

قال ― فلما دخلت الثانية سموها كحلا فقال رجل من المسلمين يقال له مبتدع شعرا يقول فيه

قد نزلت كحل بآل عاد
من السنين الازم الشداد
حين بغت عن سنن السداد
تذل ذا الإتراف والفساد
من في القرى منهم وفي البوادي
كلوحها على العزيز بادي٤
تمنع عادا سنن الإيراد
عقوبه من ملك العباد
إذ جانبت عاد هدى الرشاد
ثم طغت في البغي في البلاد
مغترة بأوهن الأجناد
بعد اصامتنا مع المراد٥
فأصبحوا في سمة الحساد
وسلكوا في طرق الفساد

فأجابه رجل من المشركين يقال له جيحون

إن السنين لم تزل تجاد
لم تزل السنين في ترداد
لها بروق جمة الإرعاد
بروقها رائحة غواد
من غير ما وعث ولا فساد
أمر قضاه ملك العباد
ولا تضر دعوة الأنداد
وكل أنداد إلى المعاد
إلى العلى الخالق الجواد
يرجون أمرا حاضر السداد
شفاعة ترجى لآل عاد
قد علمت جماعة الأوغاد
وكل ذي رأي وذي فؤاد
من ساكن القرى أو البوادي
بأن عادا صعبة القياد
قاطنة الأوطان والمهاد
قاهرة الأقران في العناد
شديدة الأركان والاعضاد
قوية في البطش والعماد
غالبة جماعة الحساد
تصيب بالمخالب الحداد
ذا المنعة المغالب المعادي

قال فلما دخلت السنة الثالثة سموها كلح ― فقال رجل من المسلمين هذا الشعر

كيف لعاد بعد كحل بكلح
بذات قحط وغبار وبلح
تمنع ذات٦ لذات الفرح
لأن عادا حاربت نهج الفلح
ولم تطع نبيها حين نصح
ورام أن تصلح فيمن قد صلح
فأنكرت دين الهدى لما وضح
وغرها التمهل من رب صفح
فاتبعت من المحارب جمع
من الصمود ذبحة لما ذبح
فذكره منقطع إذا افتتح
فخف في ميزانه وما رجح

فأجابه رجل من المشركين يقال له الخلجان أيضا

إن لعاد قوة لن تفتلح٧
وعزها رأس لها أن يقترح
والأمر فيها بينهما أمر صلح
والعز فيها خالد لا يطرح
وأمر شاويها إذا شاء سرح
تم لها فيها مناخ منفسخ
عارفة غبوقها والمصطبخ
نحو الذي يكسب كساب النقح
تذل بالعزة منها من جمح
ومن بي عمدا عليها أو طمح
وكلهم ذو منعة وذو فرح
وإن يشا من خرد بيض نكح

قال معاوية ― لقد جئت بالبرهان في حديثك يا عبيد فماذا فعلوا ― قال يا معاوية لما تولت عليهن سنون ب متها وحطمتها فاشتد فيها قحطهم وهم في ذلك غير تائبين ولا مطيعين لنبيهم هود صلى الله عليه ― ثم قام رجل من أشرافهم وذوي أنسابهم يقال له زميل بن عنز أخو القيل بن عنز وكان القيل رأس عاد وسيدها في زمانه وصاحب السحابات والريح التي أهلكت عادا بإذن الله عز وجل ― فقام زميل فنادى قومه ― فقال يا قوم إني فكرت لما نزل بكم من هذا القحط ورأيت رأيا وقلت فيه قولا وأنا عارض ذلك عليكم ― أن رأيتم ذلك ― فقالت له الجماعة ― إن رأيك لأصيل وإن فعلك لجميل فقل نسمع ما تقول فقام زميل فيهم منشدا هذا الشعر حيث يقول

إلا نزلت بنا حجج ثلاث
على عاد فما تحتال عاد
فدمعهم يبل الترب منها
وما يدرون ما بهم يراد
وقد علمت بنو عاد بن عوص
بأن مشورتي لهم سداد
واني عارض رأيي عليهم
وما مني به فيه انفراد
بأن يتخيروا وفدا يسيروا
إلى البت العتيق لهم سداد
من القول السداد إذا آتوه
وهيمنه لهم فيها اقتصاد
فيستسقوا المليك البرغيثا
به تحي البرية والعباد
وقد جربتم ذاكم فعرفي
لديه في بدايته السداد
لأن الله مقتدر حكيم
غفور رزاق بر جواد
فإن يسمع مقالتنا سقانا
فقد نزلت بنا أزم شداد
وإن نهلك فأمر الله ماض
له منا المقادة والقباد

قال ― فلما سمعوا مقالته أجمعوا على المسير إلى بيت الله الحرام يستسقون الغيث ― قال معاوية ― لله أنت يا عبيد وكيف كانوا يطمعون إن الله يستجيب لهم وهم مقيمون على الشرك بالله وعبادة الأصنام قال عبيد يا معاوية ― كان الناس في ذلك الزمان العرب وغيرهم من المشركين إذا نزل بهم فادحة أو نابهم نائبة أو جهدهم قحط أو غيره فزعوا إلى الله فيأتوا إلى البلد الحرام يطلبون من الله الفرج فيطيعون مسائلهم ويعرفون من الله الاستجابة عند بيته الحرام فيجتمع بمكة بشر كثير مختلفة أديانهم يطلبون من الله حوائجهم كلهم عارف بمكة وحرامها فلا يبرحون حتى يعطى السائل سؤاله مما سأل*

قال ― معاوية فهل كان في ذلك الوقت يعرف موضعه قال عبيد نعم يا معاوية قد كان موضعا منذ وضعه الله لآدم إلى أن بناه إبراهيم عليه السلام معروفا مكانه ولم مبينا يومئذ فلما أجمعت على المسير إلى مكة ليستسقوا جهزوا من عظمائهم وأشرافهم وذوي أحسابهم سبعين رجلا ثم وضعوا على السبعين أربعة منهم قيل بن عنز وهو رأسهم وصاحب أمرهم ولقمان بن عاد هو صاحب النسور وأبو سعيد مرثد ابن سعد وهو خير النفر وجلهمة بن الخيبري فساروا حتى أتوا مكة وسكانها يومئذ العماليق وهم يومئذ ملوك الحجاز وأرضها فنزلوا على رجل منهم يقال له بكر بن معاوية قد تزوج امرأة من عاد وهي أخت جلهمة بن الخيبري فولدت ابنه معاوية بن بكر وجميع ولده وكانت أخت لبكر بن معاوية وهي هزيلة ابنة هزال بن معاوية متزوجة في عاد وزوجها أبو سعيد المؤمن مرثد ابن سعد٨ فولدت عمرا وعامرا وعميرا أبناء مرثد بن سعد وهي وولدها التي نجت من العذاب يوم الريح وبنو أبي سعيد هؤلاء هم عاد الآخرة فلما قدم وفد عاد إلى الحرم نزلوا على صهرهم بكر بن معاوية وابنه معاوية وكان منزلهما بظهر مكة خارجا من الحرم ففرحا بالوفد وأكرماهم وأحسنا منزلتهم عند ابن أختهم معاوية ابن بكر وكان معاوية قد كبر وضعف وكانت الرئاسة لابنه بعده فأنزل أخواله وحبسهم عنده شهرا يأكلون الخبز واللحم ويشربون الخمر وتغنيهم قينتان يقال لهما الجرادتان ويقال إنه أول من اتخذ القينات في الأرض للغناء وكان أكثر العرب مالا في زمانه فأقبل وفد عاد في اللهو والشراب وتركوا ما جاءوا له فلما رأى ذلك معاوية بن بكر غمه ذلك وقال لئن تركت أخوالي وأصهاري إنها لهلكتكم وهلك من خلفوا من أهلهم وقومهم في بلادهم وهم أيضا ضيفي ووجوه قومي ― وأنا استحي أن آمرهم بالشخوص لما قاموا له ― فلما طال مقامهم ولم ينظروا في ما قدموا له قال شعرا ثم حفظه لجاريتيه وأمرهما إذا انتشى القوم وأخذ فيهم الشراب أن تقوما على رأس كبيرهم وشريفهم قيل بن عنز وغنياه فأضاف لهم الطعام والشراب فلما انتشوا قامت الجاريان على رأس قيل بن عنز وأنشأتا تقولان

إلا يا قيل ويحك قم فهنيم
لعل الله يصحبنا غما ما
فيسقي آل عاد إن عادا
قد أضحوا لا يبينون الكلاما
من العطش الشديد فما تراهم
ولا الشيخ الكبير ولا الغلاما٩
وإن الوحش تأتيهم نهارا
فما تخشى لعادي سهاما
وقد كانت نساؤهم بخير
فقد أمست نساؤهم أيامي
وأنتم ها هنا فيما اشتهيتم
نهاركم وليلكم نياما
فقبح وفدكم من كل وفد
ولا لقوا التحية والسلاما

قال ― فلما قالتا الشعر ووعته أسماعهم فزعوا لذلك وتركوا ما هم فيه من اللهو وحلو الحياة وقال بعضهم ― يا قوم إنما بعثكم قومكم لهذا البلاء الذي قد نزل بهم وقد أبطأتم فسرتم شهرا من بلدكم وأهلكم إلى ها هنا ولكم منذ شهر ها هنا فانطلقوا إلى بنية ربكم واطلبوا الغوث من ربكم لقومكم*

فقال أبو سعيد المؤمن يا قوم هلمكم لأمر أدعوكم إليه تذكرون به حاجتكم وتغيثون به قومكم ― قالوا وما ذاك ― قال تؤمنون بنبيكم هود عليه السلام وتؤمنون بربكم فذلكم خير لكم ― قال فكرهوا قوله وردوا النصيحة

قال معاوية ― فهل قيل في ذلك شعر ― قال عبيد نعم ― قال في ذلك أبو جلهمة
أبا سعيد كأنك من قبيل
سوى عاد وأمك من ثمود
أتأمرنا لنترك دين وفد
ورمل وآل صد والعنود
أنترك دين أقوام كرام
ذوي حسب ونتبع دين هود
وإنا لا نعطيك ما حيينا
ولسنا فاعلمن على عهود

قال فغضب من ذلك رجل من الوفد من قوم أبي سعيد فأجابه

فمرثد مخ عاد في ذراها
وأنت لساقط وغد كنود
نماه يا زنيم إلى المعالي
من أخوال وأعمام صمود
وأفضل قوم عاد بعد هود
وخيرهم الكريم أبو سعيد

قال معاوية ― فما فعل الوفد يا عبيد ― قال إن الوفد لما أرادوا المسير إلى الكعبة سألوا بكرا وابنه أن يحبسا أبا سعيد ففعلا وكلماه في ذلك فقال نعم ― ووقف عنهم هو ولقمان بن عاد ومضى سائر الوفد إلى البيت يتقدمهم قيل بن عنز وصف الوفد حوله ولاذ بالكعبة ودعا وتضرع فسمع مناديا ينادي من السماء يقول ― يا قيل بن عنز ما جئت تطلب فاسأل تعط ― فقال جئت أطلب القطر الذي ينبت الشجر ويكثر الثمر ويحيي به البشر ويصلح به قومي وبلادي قال فأنشأ الله ثلاث سحابات بيضاء وحمراء وسوداء ثم قيل له اختر أيها شئت ― قال أما البيضاء فجهام ليس فيها مطر ولا لغيثها روي ― وأما الحمراء فجهام غير أتى الذي١٠ ينفي السراء ويأتي بالضراء ولا حاجة لنا فيها وأما السوداء فكثيرة الماء والروي معقبة لرخاء مبلغة المنى غائطة الأعداء وقد اخترتها لقومي وبلادي – فناداه المنادي رمادا أرمد لا يبقى من عاد بن عوص أحدا لا والد ولا ولدا إلا القبيل الأبعد*

قال معاوية – لله أنت من يعني بقوله إلا القبيل إلا بعد ― قال من ولد عملوق بن لاوذ وهي أخت بكر بن معاوية - يعني هزيلة بنت هزيل العمليقة وهي أخت بكر بن معاوية وهي زوجة أبي سعيد المؤمن – وقد بلغني يا معاوية أن هزيلة كانت امرأة فاضلة في عقلها وأدبها وكانت محبة لهود عليه السلام وأصحابه وتلطف بهم وتوسع عليهم في مالها وكانت كثيرة المال وقد كان الإسلام وقع في قلبها وهي تكتم ذلك في قومها فنجاها الله من العذاب وولدها وانصرف وفد عاد إلى منزلهم عند بكر بن معاوية فرحين مسرورين أنهم قد أصابوا الغيث ولما رجعوا انطلق أبو سعيد المؤمن ولقمان إلى البيت العتيق فقدم أبو سعيد المؤمن إلى البيت فلاذ بالكعبة ودعا وتضرع وقال – رب إني جئتك في حاجتي فأعطني سؤالي – فسمع مناد من السماء يقول – يا أبا سعيد ابن مرثد ما جئت تطلب سل تعط ― قال جئت أطلب البر والتقوى فنودي – إلا قد أوتيتهما ولك بهما الفضل الكبير

قال معاوية – أقيل في ذلك شعرا ― قال عبيد – نعم يا معاوية قد قالت العرب في ذلك أشعارا فإن أحببت انشدتكها وإن شئت في آخر الحديث فإنه أصلح لحديثك قال معاوية سمعنيها في آخر الحديث فهو أحسن ― قال ثم تقدم لقمان ابن عاد فلاذ بالكعبة ودعا وتضرع وقال – اللهم إني لم آتك وافدا إلا لنفسي فأعطني سؤلي – فسمع مناديا من السماء يقول – يا لقمان بن عاد ما جئت تطلب وما تريد فاسأل تعط ― قال جئت أطلب العمر ― قال فنودي اختر عمر سبعة أنسر حين تنفلق عن الفرخ البيضة أحب إليك إلى أن تبقى كثيرا – فإذا هلك نسر أعقب نسر آخر أو تبقى سبع بقرات سمر من سنوات عفر في جبل وعر لا يمسها قطر١١ – فقال لقمان – بل عمر سبعة أنسر – فنودي أن قد أوتيت سؤلك ولا سبيل إلى الخلود – فانصرف لقمان وأبو سعيد إلى الوفد في منزل بكر وابنه وأقاموا معا حتى آتاهم هلاك عاد ― قال عبيد وكان هلاك عاد يا معاوية أن السحابة السوداء التي اختارها قيل بن عنز لقومه جعلها الله سبحانه ريحا عقيما عقوبة من الله وذلك قول الله عز وجل ﴿وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ قال سمعت ابن عباس يقول إنما عقمت من الرحمة ولقحت بالعذاب ― قال الله سبحانه ﴿بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ سمعت ابن عباس يقول عتت يومئذ على خزنتها خزنة الريح خرج منها مثل منخر الثور فيه أهلك الله عادا ― قال وسارت الريح يزجيها أمر الله وقدرته معها جنود الله وملائكته ملائكة العذاب يقودونها بازمه حتى انتهت إلى بلاد عاد فأتتهم من قبل واد يقال له مغيث كان يأتيهم من قبله الغيث فلما رأوه فرحوا واستبشروا وطمعوا أنها غيث من قبل الله ولم يعلموا أنها نكال عليهم وعقوبة ― قال الله تعالى ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا ۚ بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ ۖ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ . تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا وقولهم لنبيهم هود عليه السلام ﴿فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ سمعت ابن عباس يفسر ذلك قال معاوية صدقت فماذا ― قال – قال كان أول ما تبين به إنها ريح عقوبة من الله لهم جارية يقال لها مهد١٢ فإنها لما رأتها صاحت ثم صرخت ثم غشي عليها فاجتمع إليها قومها فلما استفاقت قامت تنوح وهي تقول

البلية البلية
ما جنى الوفد عليه
إن وفد الريح كانوا
شر وفد في البرية
أرسلوا يبغون غيثا
فآتوهم بالبلبه
سخرت ريح عليهم
تركت عادا خليه
سخرت سبعا عليهم
لم تدع منهم بقيه

ويقال يا معاوية أنها أول نائحة ناحت في الأرض فقال لها قومها ويحك ماذا ترين وماذا دهاك ― قالت ― الويل لعاد التي طغت في البلاد فأكثروا فيها الفساد ― أي رياحا كأمثال الجبال لها لجم بأيدي رجال كأن في وجوههم شهب النار والرجال الذين ذكرت ملائكة الله عز وجل مع الريح قال معاوية هل قيل فيه شعر ― قال عبيد ― نعم يا معاوية قد قال أمية بن أبي الصلت أو النابغة الذبياني في ذلك شعرا حيث يقول

رأت ما رأت مهد فقيل لها
ماذا ترين فقالت انظر العجبا
أرى رياحا كأمثال الجبال لها
لجم بأيدي رجال تشبه اللهبا

قال معاوية ― خذ في حديثك ― قال فلما تبين لهم إنها ريح عقوبة من الله عليهم قاموا إلى صعيد واحد ووضعوا العيال والذراري ― قال ثم بنوا عليهم بالأبنية والمتاع كالردم العظيم فوقهم ليقيهم بزعمهم من الريح فاجتمع جميع أولي القوة والجلد والبأس وصفوا بينهم وبين الريح على فم الوادي وانتدب منهم رجال كالاطواد العظام وهم عمرو بن خلي والحارث بن أسد والمقدم بن سفر والخلجان بن الوهم وصيد بن سعيد وزميل بن عمرو وزمر بن أسود فبرزوا دون قومهم وقالوا نرد هذه الريح عنكم١٣*

قال معاوية ― فما كان من أمر هود عليه السلام ― قال عبيد ― أن هودا كان فيهم وكان يدعوهم إلى طاعة الله فلما رأى أن العذاب قد نزل بهم وعلم أن الله مهلكهم اعتزل عنهم في ثلاثين رجلا ممن أسلم معه وانطلقوا حتى وقفوا على حظيرة على تل قريب من الوادي يسمعون كلامهم وينتظرون ما الله فاعل بهم فلما انتهت الريح إلى عاد قام عمرو بن خلي أحد الجبابرة السبعة وهو رأسهم فبرز دون أصحابه يلقى الريح وأنشأ يقول

من الذي تحذر عاد أوهنه
هي الجبال في البلاد الممكنة
الصعبة الشامخة المحصنة
هي السود الضاريات المكبنة
وكلنا فيها ربية عسونة
قاسية عند اللقاء محجنة
من جرب الدهر أراه الونه
وطنه أكلبه واقفنه

فسمع هود صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه المسلمون قوله فأجابه رجل منهم وأنشأ يقول

هل عاد إلا أنفس مضمنة
إلى مدى آجالها مرهنه
وكبل ليس يحمي مدنه
من ريب دهر كاد يدفنه
يبعث أيدي أنفس موهنه
إلى مدى أنفسها مضمنه
وقد أتم آية مبينه
في أنفس لموتها موطنه
وقد أتتكم صولة مغلنة
بعاصف عليكم موطنه
بها أفانين الردى مكونه
يهلك فيها الأسرة الملونة
يلقى عماها يحيدها في محنه
من بعدما كانت عليها ممكنه١٤

قال ثم عصف الريح بعمرو بنخلي فقام مقامه الحارث بن أسد وأنشأ يقول

يا عاد إن العز فيكم قد رسخ
وقد نشا فيكم وقد شمخ
كسقرة عتقتها بعد الفتح
فصرعته الريح ― قال ثم قام مقامه المقدم بن السفر وأنشأ يقول
يا عاد قومي إنما الأمر نزل
بكم بكم يا عاد والكيد بطل
إني أرى الدهر بحتف قد أطل
قد شرب الدهر عليه وأكل
أولى لمن أوردنا هذا المحل
أفا له دهر أو تعسا ونكل

فصرعته الريح ― قال ثم قام مقامه صيد بن سعيد وأنشأ يقول

يا ويل قيلا ثم يا ويل أمه
ماذا جنى لنفسه وقومه
والدهر غير معتب من لومه
من لامه طارت ببيت حومه١٥
وليلة هلاكه في يومه

فصرعته الريح فقام مقامه زمر بن أسود وأنشأ يقول

يا ويح عاد كيف أدهاها الزمن
واغتالها الدهر بذحل واحن
أف له دهرا وتعسا وغبن
قد احتوى الأهل جميعا والبدن

فصرعته الريح ثم قام بعده الخلجان بن الوهم وأنشأ يقول

يا لك يوما غاب عنا شمسه
يوم شديد لا يؤدب أمسه
لم يبق إلا الخلجان نفسه
لم يبق إلا سيفه وترسه
أسبلت سعد نساها
لم تجد من ذاك بدا
فأجيبوا إن سلوا ما
شئتم تعطوه قصدا
فدعا لقمان بالعم
ر ليعي العمر مدا
للذي نجاهم مم
ابه أفتى العديدا
في أكفهم لها لجم
يخيلين الوقودا
قالت الويل لعاد
ويلها ويلا جديدا
فاتوا مكة سحا
بين خزا وبرودا
أحسن الناس اعتدالا
ووجوها وخدودا
يا خير فرع قد أصيب أسه
طوبى لمن وارى قرار رمسه
يا من كجذع النخل ثاو حسه
أمكن مني السد فإن قوسه
من بعد ما كان منيعا مسه

ثم صرعته الريح مع أصحابه فهلكت الجبابرة السبعة بإذن الجبار*

ولقد بلغني يا معاوية أن أحدهم يلقى الجاري بيديه فلا يجري – ثم عصفت الريح على جماعة آل عاد فأهلكتهم بقدرة الله تعالى لم تدع منهم عينا تطرف لا صغيرا ولا كبيرا ثم طفقت الريح تقلب أجسامهم بين السماء والأرض في الجو مصعدين ومنحدرين سبع ليال وثمانية أيام حسوما حتى تركتهم كأنهم أعجاز نخل خاوية وذلك قول الله عز وجل {كأنهم أعجاز نخل خاوية} وهدمت البيوت وتركتهم كأنهم جذوع النخل اليابسة وخربت القصور والحيطان والبساتين أقلعتها من أصولها حتى كأنها لم تكن على وجه الأرض ولم تترك منهم أحد إلا هزيلة بنت هزال العملقية وبينها - وهي امرأة أبي سعيد المؤمن - فإن الله نجاهم من العذاب بإيمان أصحابهم وأمر الله سبحانه وتعالى الريح فحملتهم برفق وشفقة هي وولدها لم تؤذهم ولم تضرهم حتى أتت بهم مكة فألقتهم في منزل بكر بن معاوية الذي فيه وفد عاد وأصحابه قال فبينما القوم في لهوهم ولذتهم إذ أقبلت هزيلة ببنيها حتى هجمت على عمها الشيخ بكر بن معاوية في منزله فلما رآها فزع منها فزعا شديدا وقال ويحك ما دهاك وما وراءك ومن قدم معك من أصحابك فاستعبرت هزيلة باكية وقالت الخبر أفظع وأوجع واجزع من أن أصفه لك ― قال ويحك خبريني ما ذاك فقد أكثرت وجدي! قالت وأينوفد عاد ― قال هم أولاء في منزل ابني معاوية قالت ما فعلا ― قال فزعوا إلى بيت ربهم فأعطى السائل منهم سؤاله قالت كلا ورب الكعبة قد أعطوا الخزي الطويل والذل الذليل ― قال ثكلتك أمك يا هزيلة اخبريني ما ذاك قالت ما أنا مخبرتك بشيء حتى تحضر إلي جميع الوفد فأرسل إليهم بكر فأخبرهم بمكان هزيلة فأقبلوا يبتدرون فزعين مرعوبين فلما توافوا عندها قالوا لها ويحك أخبرينا من الذي جاء بك ومن جاء بصحبتك وما وراءك وكيف تركت قومك قالت بل أخبروني عن مسيركم وأمركم فأخروها قالوا سرنا شهرا وأقمنا شهرا عند عمك وابنه ثم فزعنا إلى البيت العتيق فأعطى السائل منا سؤاله وقد توجهت السحابة نحوكم بالغيث فما عندك من الخبر ― فقالت هزيلة ― إن الخبر أفظع وأشد وأوجع من أن اسمعكموه قيلا ولكني سأقول شعرا وأرويه الجرادة تسمعكموه فقالت هزيلة هذا الشعر

إن عادا آثرت حقا
على الرشد الصدودا
لم تقل في غيها حين
عتت قولا سديدا
بل طغت بغيا وقالت
لن نطيع الدهر هودا
كذبوا عبدا تقيا
مسلما برا رشيدا
وعصوا ربا عظيما
قاهر البطش مجيدا
قادرا أمسى له الخل
ق معاطرا عبيدا
فدعا هود مليكا
مبديا لهم معيدا
إن يذلهم بأيد
يقمع العاصي الكنودا
فاستجاب له آله
عز مقتدرا حميدا
جل ربا ذا اقتدار
منعما عدلا أبيدا
كلهم أكرم عاد
أمهات وجدودا
كي يتوبوا فأراهم
ما يرد الصد قودا
من سنين ما اسطاعوا
للنكال لها ردودا
ازما جاءت ثلاثا
ما يبل القطر عودا
حجرة تبعث بكحل
واحتوت كلح السعودا
لم يتوبوا بل تعصوا
عن ذو الفضل البرودا١٦
عابدين من ضلال
صنما يدعى الصمودا
يطلبون الغيث منه
بعدما خروا سجودا
الذي حوي سفاها
سألوا منه رفودا
أفلوا من حيث طاعوا
فيه شيطانا مريدا
ثم قال لهم زميل
بعدما ذاقوا الجهودا
اسمعوا قولي ورأيي
وابعثوا وفدا جنودا
نحو بيت الله يما
يسألوا الرب ودودا
أن يغيث الخلق منا
متهما ثم النجودا
بعثوا سبعين كهلا
تبعوا قيلا جليدا
ثم أربعة أرادوا
هم على الوفد شهودا
بعثوا لقمان رأسا
وأبا سعد مزيدا
وأبا جلهمة القر
م فتى الحي الحقودا
ثم قيل نجل عنز
قائد ليس مقودا
ثم ساروا بسواد
نحو حسداء أسودا١٧
فاتوا مكة سحا
بين خزا و برودا
احسن الناس اعتد الا
ووجوها وخدودا
كلهم اكرم عاد
امهات وجدودا
نزلوا بالمرء بكر
وابنه شهرا جديدا
يشربون الخمر صرفا
لا يملون الركودا
ثم هبوا بعدما هي
الهم بكر نشيدا
ثم غنتهم بصوت
قينة تسمى الجرودا
نهضوا إذ سمعوها
كأنهم كانوا رقودا
فأتوا بيت مليك
لم يزل للخلق عيدا
فدعوا فاختار لقما
ن فتى الحي الخلودا
ببقا عمر نسور س
بعة دهرا أبيدا
أسرا تبقى صحاها
وخلودا لن تبيدا
وحبا الله أبا سع
د تقاه والسعودا
فنجا بالبر زادا
ثم تقوى الله زيدا
وارى قيلا ثلاثا
من سحابات فرودا
قطعة بيضاء كانت
ما بها في الغيث جودا
ثم حمرا لم يردها
ظنها غيثا ثميدا
فارتضى السودا التي صا
ورت بها الأقطار سودا
ثم سارت نحو عاد
كي تذيقهم كؤودا
خيولهم إذ رأوها
غيمها السود عبيدا
فاكتسوا فرحا وبشرى
بارزين لها الصعيدا
أبصرت مهد على الر
يح مطيعين ركودا
في اكنهم لها لجم
يخيلن الوقودا
قالت الويل لعاد
يلها و يلا جديدا
ليلة حلت به الد
هر على عاد الصدودا١٨
إن ترى السبعة منهم
كلهم كانوا حسودا
كل قوم مثل طود
لابس فيها الحديدا
كي يردوها ومن ذا
يستطيع لها ردودا
خلفت أجسامهم في
الجو والقفز بديدا
عذبت سبع ليال
أمة كانت يهودا
ثم أياما ثمانا
ما هبوطا ما صعودا
تحسب الأصوات إذ
يهوون في الجو رعودا
ثم خروا في قصور
صيرت فلقا بديدا
استباح الدهر صدا
ومنافا والخلود
وجهارا لم تذره
وهباء والعنودا١٩
وبنو سرد ورفد
صادفت دهرا كنودا
فهم كالنخل صرعى
ليس للضر الخلودا
قيل فانظر أين عاد
ثم دع عنك السمودا
لن تراهم آخر الدهر
كما كانوا قعودا
ثم نجاني الهي
وبني جدي الابيدا
قد تفانوا ثم بادوا
في ديارهم حصيدا
حملتني وبني
نحوكم ريح برودا
ونجا هود وأصحاب له خروا سجودا
ثم نجاني الهى
وبني جدى الا بيدا
معه ثم ثلاثو
ن يقيمون الحدودا
نزلوا الاحقاف أما
رين بالعرف الوفودا
سكنوا الأرض على ما
شكروا الرب الحميدا
ثم نناهين عن المنكر
من خاف الوعيدا
أعيني جودى بدمع
ليس يبدو أو جمودا
وابكيا عادا بسجل
من دموع ثم زيدا
أسعداني بدموع
من درور ثم جودا
وقال أسد بن ناعض يذكر أمر الوفد والسحابات والتخيير على حديث مرثد بن سعد يقول فيه شعرا
بعثت عاد إلى الله
لتسقي الغيث وفدا
ورسول الله فيهم
رغبة عنه وزهدا
ثم أعطى بعضهم بع
ضا على الغية عهدا
أنهم لن يتبعوا هو
د طوال الدهر بدا
أو يتوبوا فيكونوا
شرعا في الموت حصدا
فاجر هد القوم للغي
وعافوا الرشد رشدا
فتوافوا ليردوا ال
ريح كل جد جدا
غضبا حتى إذا ما
جعلوه للحديدا
ثم عادوا فتلقو
ها عناقا يتصدى
فدعا هود وصلى
ثم عادوا ثم بدا٢٠
ودعا القوم آله الناس
······ ٢١ جهدا
فأجيبوا ان سلوا ما
شئتم تعطوه قصدا
قد عا لقمان بالعم
ر ليعطى العمر مدا
فحباه بمناه
غير أن لم يعط خلدا
ودعا ثم مزيد
يرتجى برا وحمدا
فحبا بالبر والحم
د أبا سعد وسعدا
ودعا قيل فقال الغي
ث يسقي العيش رغدا
دعوة فارق فيها
قصده وازداد بعدا
فرأى نشء سحاب
فاصطفى السوداء فردا
أنشئوا منه منو
يرديهم وتردى٢٢
يترك الأقوام صرعى
ويخد الصخر خدا
افعمت حي مغيث
من حيا حمير جهدا
سمعوا فيها دويا
شبهوا ذلك رعدا
ولقد قاموا إليها
كي يردوها مردا
ولقد قالت مهد
فعصوا في القول مهدا
إن في الريح لأمرا
عجبا يا قوم إذا
من احابيش تمد الل
جم بالأفواه مدا
ورجال كحريق الن
ار شدوا اللجم شدا
لا يراخون لها اللج
م تهد الأرض هدا
صدقوا هودا تكونوا
تصمدوا الخيرات صمدا
وتزجيهم فردت
هم عباديد وكندا
جاءت الريح ترقى
بثبوت الحي ضدا
أسبلت سعد نساها
لم تجد من ذلك بدا
أينما كانت عناكم
ثم سلماكم وهندا
أهلكت زمر أو رفدا
وأبا سود وصدا
ولقد كانوا عتوا
وعلى ذا الناس أسددا
كل جبار كنود
مرة للحق جندا

وقال المهيل بن ناعض المسلم رحمه الله تعالى رحمة واسعة

لو أن عاد أسمعت من هود
وقبلت من رأيه الرشيد
وقد دعا بالوعد والوعيد
ما أصبحت عاثرة الجدود
صرعى على الأنف والخدود
ما فضله الأجساد بالوطيد
من عصف ريح عوهج سجود
آتية من الاهاب السود
ما جابه الوفد من الوفود
على ابن صيد ثم آل سود
ذاهبة كالعمرس الصخود
يبلى صداها جدة الحديد
أتتهم بالطائر الفقيد
فغادرتهم كالهشيم المودي
أحدوثة لأبد الابيد

وقالت هزيلة بعد مصيرها إلى عمها حين نظرها تبكي على عاد وهي تقول

ما جنيتم أيها الوف
د على القوم الحضور
شرة عمت على عا
د أحاطت بالشرور
أهلكت عادا جميعا
من صغير وكبير
فعلى وفدهم من
بعدهم ريح الابور
سيقت البلوى إليهم
بالعذاب القمطرير
منوه بعد فهالا
مؤدبي وهرير٢٣
خافت الموت فولت
أمرها قوم الزئير
والاهيين حال
لغبير أو حمير
يتعارين جميعا
سرة السر الشرور
لو رأيتم ما رأوا من
غصة الموت السعير
يوم جرتهم شعوب
بالفاء المستطير
وشآبيب شآبي
ب كاهدام الكسير
إنما أهلك عادا
عهدها يوم الصدور
كرهوا العذر فأمسوا
حطب النار السعير
كل يوم لهم منهـ
ـا عذاب ذو كرور
سبعة ثم آتاهم
ثامن بالعنقفير
فتوافوا شرك المو
ت وصاروا للمصير

قال – فلما سمعوا قولها يا معاوية وعلموا ما انزل الله بقومهم من العذاب والعقوبة ورأى أبو سعيد مرثد بن سعد ما صنع الله له إذ نجى أهله وإذا هم غليه سالمين ازداد إيمانا ويقينا بالله وأظهر إسلامه عند ذلك وأنشأ يقول

عصت عاد نبيهم فأمسوا
عطاشا ما تبلهم السماء
لقد كفروا بربهم جهارا
فارقهم مع الجوع الظماء
وساروا وفدهم شهرا ليسقوا
فحل بهم مع القحط البلاء
فقد أمسوا مثل النخل صرعى
على آثار عاد كم العفاء
إلا قبح الإله حلوم اد
فإن حلومهم صفر هراء
من الخير الشفاء إذا رأوه
وما يغني التخبط والبكاء
فنفسي والبنون وأم ولدي
لنفسي نبينا هود فداء
آتانا والقلوب مصممات
على ظلم وقد أزف الضياء
على صنم يقال له صمود
يقابله صداء والبغاء
فأبصره الذين له أنابوا
وأدك من يكذبه الشقاء
فاني سوف أنحو نحو هود
وإخوته إذا دخل المساء

وكان لأبي سعيد أخ يقال له جنحوي بن سعج - وكان كافرا غاشا متبعا لعاد ولم يكن رأيه رأي أخيه وكانت له امرأة من قومه يقال لها جفينة لها منه ابن يقال له عفير وابنة يقال لها عنجهور - فسال أبو سعيد امرأته عن أخيه وأهله فأخبرته بهلاكهم وكيف رأت الريح تفعل بهم فرق لهم عند ذلك وأنشأ يرثيهم وهو يقول

كأني الآن أنظر جنحويا
عليه الريح عاصفة تدور
عليك وأنت في كربات موت
آتاك بها مليك لا يجور
تنادي يا جفينة أين يهوى
عفير والبنية عنجهور
فبينا ذاك إذ هبت شمال
كما يتقاذف البحر الزخور
فأودى بالرياح وكل حي
على الدنيا إلى الموتى يصير
بهذي الريح لم تضرر غريبا
سوى عاد أصابهم النكير
تفرقهم بأفهار صلاب
وتدمغهم وليس لهم نصير
وقد أمست بلادهم خلاء
وهم فيها وما قدم المشير
كشبه النخل خاوية جناها
كذلك فاعلموا هذا الكفور
وقد قال النبي لهم أقيموا
على الحق المبين ولا تجوروا
فإن الجور يعطب سالكوه
وفي الحق السلامة والسرور
وأنا لا نطيعك ما بقينا
وأنت مكذب فينا حقير
فنادى فاستجاب له مليك
عظيم لا يجار وقد يجير
فأهلكهم بما كسبوا جهارا
هو القهار والملك الكبير

قال معاوية ― لله درك فقد جئت بالبرهان فما فعل أبو سعيد وما كان من هود وأصحابه ― قال عبيد ― يا معاوية تحمل أبو سعيد بأهله وولده حتى أتى هودا وأصحابه مؤمنا مسلما ووجدهم على ساحل البحر مما يلي أرض عاد فأقاموا جميعا يعبدون الله على أحسن حال ― ووهب الله لأبي سعيد المال والولد حتى كان أكثر العرب مالا وولدا في زمانه ذلك وبلغنا يا معاوية أن عادا الآخرة من نسله*

قال معاوية ― وهل عاد غير هذه ― قال نعم يا معاوية فإن أحببت أخذت في الحديث حتى آتي بحديثهم قال بل خذ في حديثك ― قال عبيد كان هود وأصحابه يعبدون الله حتى ماتوا وانقرضوا*

وذكر٢٤ بعض أصحاب السير عن عبيد بن شرية بأمر هود ― قال أخبرني البختري عن محمد بن إسحاق عن محمد بن عبد الله بن أبي سعيد الخزاعي عن أبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني عن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه أن رجلا من حضر موت جاء يسأله العلم فقال له علي عليه السلام يا حضرمي أرأيت كثيبا أحمر تخلطه مدرة حمراء فيه أراك وسدر في موضع كذا وكذا من بلدك هل رأيته قط أو تعرفه ― قال الحضرمي ― نعم والله يا أمير المؤمنين ― قال علي فإن فيه قبر النبي هود صلى الله عليه وسلم*

رجع الحديث إلى عبيد بن شرية ومعاوية ― قال معاوية يا عبيد أخبرني عن وفد عاد ما فعلوا بعد هلاك قومهم قال عبيد ― يا معاوية إن الوفد لما سمعوا قول هزيلة فيما أصاب قومهم أقبلوا على قيل بن عنز يعذلونه ويلومونه وقالوا أنت شأمتنا وجررت علينا الهلاك فقام رجل من أشرافهم يقال له موت بن يعفر بن عرعر وهو يقول*

لو أن عادا أرسلت زميلا
أو تبعت هودا لنالت نيلا
لجاءها الوادي يسيل سيلا
بالماء يحيي آيله وأيلا
فضلا من الله له وطولا
لكن عادا أرسلت قييلا
ويلا لعاد ثم ويلا ويلا
دعوت يا قيل لعاد عيلا
فصادفت دعوتك الضليلا
فجاءت الريح تجر ذيلا
تقصد أحيانا وحينا سبلا
تخترم النساء والرحيلا
ولم تدع زرعا ولا بقولا
كلا ولا تينا ولا نخيلا
إلا رمادا أرمد ضئيلا

وقال موت يذكر الريح والوادي الذي جاءت منه ومنه اهلكوا وأنشأ وهو يقول

أفعمت حي مغيث
من حيا صير جهدا
سمعوا في الريح صوتا
شبهوا ذلك رعدا
ولقد قاموا إليها
كي يردوها مردا
أهلكت عادا وزمرا
وزميلا ثم صدا
ثم مقداما وحارا
ثم من بعد الاعدا
خلجانا تركته
مثل جذع النخل جردا
عين فابكيهم بدمع
يخضب الخدين وردا

قال عبيد – ثم إنهم أقاموا بالحرم عند بكر بن معاوية وابنه ما شاءوا ومكثوا على ذلك ما شاء الله – وقد بلغني أنهم أقاموا سبع سنين ثم أنهم تذكروا الأوطان وحنت نفوسهم إلى البلاد فأرادوا المسير إلى بلادهم فأقبل عليهم بكر بن معاوية وابنه وقالا – يا قوم إنا نكره لكم أن تأتوا أرضا قد هلك فيها قومكم فترون مل تكرهون وأنتم هاهنا في حرم الله وأمنه والسعة والرحب

ولكم الأثرة في المال ما بقينا – فامكثوا فقالوا لهما إن النفوس قد حنت
٣٥٢
اخبار عبيد

إلى الأوطان والآثار ولا بد لنا من إتيانها والنظر إليها – فأجمعوا في ذلك فأرسلوا إلى ركابهم وكانت في بادية لبكر من بوادي مكة - فأتوا بها سمانا حسانا فقال في ذلك حسان أبو كلهدة هذه الأبيات وأنشأ يقول

رعينا السرب والريان حتى
إذا ما هاج وامتنع المذاقا
وصار كأنه أصفار نمل
إلى تيهاء تدفنه دقاقا
أتينا ننقل الأوتار منها
لنفض الريح غيثا أو دفاقا٢٥

قال - ثم ارتحل وفد عاد جميعا سوى أبي سعيد المؤمن ولقمان بن عاد حتى أتوا أرضهم ومنازلهم بالأحقاف فنظروا إليها مقلوبة مهدومة موحشة من الأهل والمال ورأوا ما نزل بقومهم من العقوبة والنكال فدعوا إلى الله عز وجل فقالوا اللهم ألحقنا بقومنا وانزل بنا ما أنزلت بهم فأماتهم الله بصاعقة من السماء فدمرتهم فماتوا إلى النار فسحقا لأصحاب السعير*

قال معاوية وأبيك لقد أتيت وذكرت عجبا من حديثك عن عاد وقد علمت أن الشعر ديوان العرب والدليل على أحادثيها وأفعالها والحاكم بينهم في الجاهلية وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول {إن من الشعر لحكما} قال لقد صدقت يا معاوية ولقد سمعت ابن عمك يذكر عن رسول الله ذلك وأخبرك يا معاوية إنه لما كان من وفد عاد ما كان وما قد حدثتك عنه وصارت عاد ووفدها أمثالا وأحاديث وقالت العرب فيها أشعارا - منها ما حفظنا ومنها ما لم نحفظ ― قال معاوية فهات أسمعني ما حفظت من ذلك ― قال عبيد ان أبا سعيد المؤمن من مرثد

بن سعد عند هلاك القوم ― قال شعرا
عجبت لعاد وأمثالها
تحاول بالعز والمكرمات
وحالوا العيال وشدوا القاح
بأجساد مر أنديات٢٦
فقالوا ونحن أولو قوة
ومن ذا يخاف تبار السنات
فأضحوا وقد همدوا في الديار
بريح من العاصفات
وأهلك عاد وأصحابه
بوقع عواصفها المهلكات
بأيد المليك وسلطانه
وقدرته ذل باغ وعات

وقال في ذلك العباس بن مرداس بن أبي عامر السلمي وهو يعظ رجلا من قومه كان ظالما لعشيرته ويزجره عن الظلم فيها وأنشأ يقول

أراك امرأ في ظلم قومك جاهدا
وما لك في ظلم العشيرة من رشد
فالا تدع ظلم العشيرة طائعا
تلاق أمرأ من بعض قومك ذا حقد
من الرجلة الساعين أو تلق فارسا
على فرس في الخيل أدهم ذي ورد
جواد كنصل السيف أين لقيته
فيضربك أو يطعنك طعنا على عمد
ألم تر عادا يف فرق جمعها
قبيل وقد ما جار عن منهج القصد
وقالت بنو عاد هلكنا فجهزوا
خيارهم أهل الرفاعة والمجد
وكان أبو سعد وقيل فعوقبوا
بلقمان أذرد الحبيب إلى الجعد٢٧
فلما أتوا عزف الجرادة اخلدوا
ثلاثين يوما ثم هبوا على وجد
فقيل لهم أعطيتهم فتخيروا
مناكم ولكن لا سبيل إلى الخلد
دعاكم قبيل بالمنية ربه
ولله قيل ذلك من وفد
وقال أضربوا رأسي ولا تتهيبوا
تجورا من الاطواد ذي أجد صلد
فعاجله وقع الصواعق كالذي
أراد سفاها والسفاهة قد تردي
وملك لقمان الحياة فردها
إلى ناهض حرقوا أئمة نهد
وكان يحب الخلد لو حصلت له
أفاحيص صار ليلة القطر الرعد
وقال أبو سعد الهي فأعطني
مناي على ما كان أذهب من وجدي
فزوده برا وتقوى كلاهما
وما كان عن وفد الوفادة من صد
وقال عباس بن مرداس أيضا
ويل لقوم لقد حاولت بينهم
في القول لو أن لهم في المجد أحلاما
إلا ثلاثة أحلام فتزجوهم
فإن في عدم الأحلام إعداما
أني أرى الحلم محمودا عواقبه
والجهل أفنى من الأقوام أقواما
أمست سراة بني سعد لقومهم
حربا وكانوا لهم من قبل أعماما
إذ لا يردون للمظلوم مظلمة
بل يجمعون له لوما وإسلاما
٢٨في كل يوم لنا وفد نجرهم
من حر باحتنا طرا وأجساما
كانوا كوفد بني عاد أضلهم
قيل واتبع من هاماتهم هاما
عند الجرادة تسقيهم وتسمعهم
حتى إذا فدوا مالا وأنعاما
قاموا فلم يجدوا من دار قومهم
إلا مغانيها وحشا وآراما

وقال في ذلك عبيد بن الأبرص الأسدي بن نعمان بن المنذر وأنشأ يقول

يخيرني نعمان في يوم بؤسه
خصالا اتا في كلها الموت قد برق
كما خيرت عاد من الجو مزنة
سحابا وما فيها لمختارها انق

وفي ذلك يقول الأعشى بن نصير أعشى بني وائل وأنشأ يقول

ولو كان حي خالدا ومعمرا
لكان سليمان البريء من الدهر
براه الهي واصطفاه لخيره
وملكه ما بين درتا إلى مصر
وسخر من جن الملائك تسعة
قياما عليه يعملون على أجر
فأنت الذي ألهيت قيلا بكأسه
ولقمان إذ خيرت لقمان في العمر٢٩
فقيل أما والصار تختار في الصفا
يكر له الابعار في ظلل القطر
فيبقى بقا أبعارها في كهوفها
محصنة من قطر سار إذا يسري
لنفسك أن تختار سبعة أنسر
إذا ما خلا نسر خلوت إلى نسر
فقال نسور حين ظن بأنها
تدوم وهل بقى النسور على الدهر

وفي ذلك يقول أسد بن ربيعة الكلابي وهم القرون الأولى فأنشأ يقول

ألم تر إلى حي عاد
أفناهم الليل والنهار
بادوا فلما مضوا
باد على أثرهم قدرا
وبعدهم غالت المنايا
عادا فلم ينجهم حذار
وأهل جو أتت عليهم
فانتدبت عليهم وباروا
وحل بالحي من جديس
يوم من الشر مستطار
وأهل غمدان قد أبيدوا
بالدهر ما يجمع الخيار
فصحبتهم من الدواهي
جائحة عقابها الدمار
ومر دهر على وبار
فاضت لها وحشة ونار
يا ليت شعري فأين ليت
وهل تدوم لي المغار
وهل يعودون بعد عسر
على أخي شدة يسار

وفي ذلك يقول كريم بن معشر التغلبي لبعض قومه في جرهم

لا تكونوا قومي أحدوثة
كبني طسم أو الحي أرم
بعثوا قيلا ووفدا كلهم
طائش الحلم وبئس المدعم
ولقيما ومرثدا ذا التقى
وسفار أوان عوف والصنم
خرجوا وفدا إلى خالتهم
حين أبطأ عنهم غيث الديم
بعدما ردوا نبيا مرسلا
وتتعاطوه بتفخيم الحرم
عجلوا حربا من الله لهم
لم تدع خفا ولا ذات قدم

قال معاوية ― لله درك يا عبيد حدثتنا عجبا من أمر عاد فالحمد لله القادر على ما يشاء من أمره فهات يا ابن شرية فحدثني عن لقمان بن عاد صاحب النسور وكيف كانت نسوره وكيف يناديه المنادي وكيف كان يجيبه وما كان عمر نسوره وعمره وما قيل في ذلك من الشعر

قال عبيد يا معاوية إنه لما وقع من وفد عاد وقتل أصحابه من التشاجر فارقهم مرثد بن سعد المؤمن واعتزلهم لقمان ― قال لقمان بن عوص ― قال لا يا معاوية ولكنه لقمان بن عاد بن هزيل بن همل بن صدر بن عاد بن عوص قال صدقت فحدثني حديثك عنه ― قال عبيد وأنه لما توجه لقمان مع الوفد حدثتك بحديثه وأنه اختار طول عمره فكان من دعائه حين سأل طول العمر وترك ما وفد له أن قال فيما دعا

اللهم يا رب البحار الخضر
والأرض ذات النبت بعد القطر
أسألك عمرا فوق كل عمر

فنودي أن قد أعطيت ما سألت ولا سبيل إلى الخلود فاختر إن شئت بقاء سبع بقرات من ظبيات عفر في جبل وعر لا يمسها قطر وإن شئت بقاء سبعة أنسر سحر كلما هلك نسر أعقب نسر فكان اختياره بقاء النسور*


  1. بالاصل — فدعاد*
  2. في الاصل ―الباس *
  3. كذا ― في الاصل والله اعلم ― ح
  4. كذا ― وجدناه في النسخ ― ح*
  5. كذا ― فلينظر ― ح
  6. كذا ― ولعله ― ذا اللذات ― ح*
  7. كذا بالأصل ― ح*
  8. كذا – في الاصل – وعبارة الكامل - ( ان لقيم بن هزال تزوج هزيلة بنت کر اخت معاوية وذكر الاولاد كما هنا وزاد عبيدا – ح*
  9. مضى هذا البيت في ص (٤٣) من التيجان مخالفا ما هنا – ح*
  10. كذا – ولم يظهر وجهه – ح *
  11. تقد مات بالفاظ أخرى في التيجان ص (۷۰) –ح
  12. في الكامل – فهدد – ح*
  13. قد تقد مت أسماؤهم في التيجان ص (٤٤) مخالفة لما هنا – ح*
  14. هاتان القطعتان فيها الفاظ لم تظهر لنا ― ح *
  15. كذا – ح *
  16. كذا ـ ولم يظهر – ح*
  17. كذا – فتأمله - ح *
  18. انظره – ح*
  19. أنظر أسماء القبائل أول حديث هلاك عاد – ح *
  20. هذا والله اعلم – ح
  21. بياض بالنسختين *
  22. كذا بالأصل – وما ظهر لنا – ح*
  23. لا يخفى على الناظر ما فيها من التحريف – ح*
  24. لعل هذه العبارة كانت حاشية فادمجها بعض النساخ في الأصل ومع ذلك فهذا عبيد بن شرية ليس له دخل في هذه القصة – ح*
  25. هذه الابيات كما تراها – ح *
  26. كذا – والابيات كما ترى – ح
  27. كذا – والقصيدة كثيرة التحريف – ح*
  28. كذا – فانظرها – ح *
  29. كذا – وقد مضت في التيجان ص (۷۷) – ح*