انتقل إلى المحتوى

الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس/الغزوة الرابعة

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
ملاحظات: الصفحات 219–220
 

الخبر عن غزوة أمير المسلمين الرابعة

لمارجع أمير المسلمين أبو يوسف من غزوة اشبيلية وجبال الشرف فاقام بالجزيرة حتى قسم الغنائم واستراح الناس وخرج غازيا الى شريش وذلك في الخامس عشر من شهر ربيع الآخر من سنة ست وسبعين وست مائة عازما على هلاكها واستيصالها فسار حتى نزل عليها فحاصرها وشدّ فى قتالها وشرع في قطع الزيتون والعنب والشجر وحرق الزرع وفسادها وهدم القرى والبروج وتخريبها وكان أمير المسلمين رحمه الله يقطع الثمار ويحرق الزرع بيده فابصره الناس فجدوا في فعله وكان فعله ذلك الرشاد وافضل الجهاد حتى صارت تلك البلاد خاوية على عروشها وقتل من وجد بها من فرسان الروم وجيوشها وبلغ بالروم من النكاية الى غاية النهاية فلما دوخ تلك البلاد وهتكها بعث لولده الامير الاسعد الى يعقوب في سرية من ثلاثة آلاف فارس الى غزو حصون الواد الكبير فسار اليها فغنم حصن روطة وشلوقة وغليانة والقناطير وسار مع الواد يفسد ويخرب ويقتل وياسر حتى وصل الى اشبيلية فغنمها ودوّخ أحوازها ورجع بالغنائم والسبى الى والده فوجده ينتظره بقرية شريش ففرح بقدومه وارتحل إلى الجزيرة يقسم بها المغانم على بنى مرين وقبائل المجاهدين ثم جمع اشياخ القبائل من بنى مرين والعرب والاغزاز والاندلس فندبها الى الجهاد وقال يا معشر المجاهدين ان إشبيلية وشريش وأحوازها قد ضعفا وبادا وان قرطبة وأعمالها بلاد خصيبة عامرة وعليها اعتماد الروم وتكلاهم ومنها قوتهم ومعاشهم فان غزوناها وافسدنا زروعها وقطعنا ثمارها فنت الروم جوعا وضعفت جميع بلاد النصرانية وقد عزمت على غزوها ما ترون في ذلك فقالوا يا أمير المسلمين وفقك الله فيما رأيته وأعانك وانابك على ما نوبت نحن نتبعك في رأيك سامعين لامرك ونهيك لو خُضت بنا البحر لخضناه ولو سرت بنا الى برك العماد لقتلناه فشكرهم ودعا لهم وفرق فيهم الخلع والاموال واحسن اليهم وزادهم وكتب الى ابن الاحمر صاحب غرناطة يخبره انه يريد غزو قرطبة ويدعوه في المسير معه اليه ويقول له ان خرجت معي اليها فتكون لك مهابة في قلوب الروم ما عشت واجرا عظيما عند الله تعالى