يوم عريض في الفخار طويل
المظهر
يومٌ عريضٌ في الفَخارِ طَويلُ
يومٌ عريضٌ في الفَخارِ طَويلُ
ما تَنقَضي غُرَرٌ لهُ وحُجُول
ينجابُ منه الأفق وهو دجنَّةٌ
ويَصِحُّ منْهُ الدهرُ وهو عليلُ
مسحتْ ثغورُ الشّام أدمعها بهِ
و لقد تبلُّ التُّربَ وهي همول
و جلا ظلامَ الدِّينِ والدُّنيا بهِ
مَلِكٌ لما قال الكِرامُ فَعُول
متكشِّفٌ عن عزمةٍ علويَّةٍ
للكفرِ منها رنَّةٌ وعويل
فلوْ أنّ سفناً لم تحملْ جيشهُ
حَمَلَتْ عزائمَهُ صَباً وقَبول
ولوْ أنّ سَيْفاً لَيسَ يَبْتِكُ حَدُّهُ
جذَّ الرِّقابَ بكفِّهِ التَّنزيل
مَلِكٌ تَلَقّى عن أقاصي ثَغْرِهِ
أنباءَ ذي دُوَلٍ إليه تَدول
بُشْرَى تَحَمَّلُها اللّيالي شُرَّداً
خَيرُ المَساعي الشاردُ المحمول
تأتي الوفودُ بها فلا تكرارها
نصبٌ ولا مقرونها مملول
ويكادُ يَلقاهم على أفواهِهِمْ
قبلَ السَّماع الرّشْفُ والتّقبيل
يجلو البشيرُ ضياءَ بشرِ خليفةٍ
ماءُ الهُدى في صَفحَتَيهِ يجول
للّهِ عَينَا مَن رَأى إخْباتَهُ
لمّا أتاهُ بَريدُها الإجْفِيل
و سجودهُ حتى التُّقى عفرُ الثَّرى
وجَبينُهُ والنَّظْمُ والإكليل
لم يَثْنِهِ عِزُّ الخِلافَةَ والعُلى
والمجْدُ والتّعظيمُ والتبجيل
بينَ المواكبِ خاشِعاً مُتَواضِعاً
والأرضُ تَخشَعُ بالعُلى وتَميل
فَتَيَمّمُوا ذاكَ الصّعيدَ فإنّهُ
بالمِسكِ من نَفَحاٍّتِهِ معلول
سيَصِيرُ بعدَك للأئِمّةِ سُنُّةً
في الشكر ليس لمثلها تحويل
من كانَ ذا إخلاصُهُ لم يُعْيِهِ
في مشكلٍ ريثٌ ولا تعجيل
لو أبصرتكَ الرُّومُ يومئذٍ درتْ
أنّ الإلهَ بما تَشاءُ كَفِيل
يا ليتَ شعري عن مقاولهمْ إذا
سمعتْ بذلك عنك كيفَ تقول
ودُّوا وداداً أن ذلكَ لم يكنْ
صِدْقاً وكلٌّ ثاكِلٌ مَثكول
هذا يدلُّهمُ على ذي عزمةٍ
لا فيهِ تسليمٌ ولا تخذيل
أنْتَ الذي ترِثُ البِلادَ لَدَيْهِمُ
فالأرض فالٌ والسجودُ دَليل
قُلْ للدُّمُسْتُق مُورِدِ الجمعِ الذي
ما أصْدَرَتْهُ له قَناً ونُصُول
سل رهطَ منويلٍ وأنتَ غررتهُ
في أيّ مَعركَةٍ ثَوى مَنويل
منَعَ الجنودَ من القُفول رواجعاً
تَبّاً لهُ بالمُنْدِياتِ قُفُول
لا تُكذَبَنَّ فكُلُّ ما حُدِّثْتَ مِن
خبرٍ يسرُّ فإنَّهُ منحول
وإذا رأيتَ الأمْرَ خالَفَ قَصْدَهُ
فالرّأيُ عن جهةِ النُّهى معدول
قد فالَ رأيُكَ في الجلاد ولم تَزَلْ
آراءُ أغمارِ الرّجالِ تَفِيل
وبعثْتَ بالأسطولِ يحملُ عُدّةً
فأثابنا بالعدَّةِ الأسطول
و رميتَ في لهواتِ أسدِ الغابِ ما
قد باتَ، وهْي فَريسَةٌ مأكول
أدَّى إلينا ما جمعتَ موفَّراً
ثمَ انثَنى في اليَمِّ وهو جَفول
لجِبٌ وَشْوُ الخافِقَينِ صهيل
ولقد يُرى بالجيش وهو ثقيل
نفَّلتهُ من بعدِ ما وفَّرتهُ
مَنٌّ لعَمرُكَ ما أتيتَ جَزيل
إيهاً كذاكَ فإنّهُ ما كان مِنْ
برِّ الكرام فإنّهُ مقبول
رمتُ الملوكَ فلم يبنْ لكَ بينها
شَخصٌ ولا سِيما وأنتَ ضئيل
أتقدُّماً فيهمْ وأنتَ مؤخَّرٌ
و تشبُّهاً بهم وأنتَ دخيل
ماذا يؤمَّلُ جحدرٌ في باعهِ
قصرٌ وفي باعِ الخلافةِ طول
ذمَّ الجزيرةَ وهيَ خدرُ ضراغمٍ
سامتهُ فيها الخسفَ وهوَ نزيل
والأرضُ مَسبَعَةٌ تُكلّفُه القِرى
فيجودُ بالمُهَجات وهو بخيل
قد تُسْتَضافُ الأُسْدُ في آجامِهَا
جهلاً بهنَّ وقد يزارُ الغيل
حَربٌ يُدَبّرُهَا بظنٍّ كاذبٍ
هلاّ يقِينُ الحَزْم منه بَديل
والظَّنُّ تغريرٌ فكيفَ إذا التقى
في الظَّنّ رأىٌ كاذبٌ وجهول
وافى وقد جمعَ القبائلَ كلَّها
وكفاكَ من نَصْرِ الإلهِ قَبِيل
جمع الكتائبَ حاشداً فثناهُمُ
لك قبلَ إنفاذِ الجيوش رَعيل
والنصرْ ليسَ يُبِينُ حقَّ بَيانِهِ
إلاّ إذا لقيَ الكثيرَ قليل
ثمّ انثنوا لا بالرماحِ تقصُّدٌ
بادٍ ولا بالمُرهَفاتِ فُلُول
نزلوا بأرضٍ لم يمسوا تربها
حتى كأنَ وقوعهم تحليل
لم يتركوا فيها بجعجح الرّدَى
إلاّ النجيعَ على النجيعِ يَسيل
خاضتهُ أوظفةُ السوابقِ فانتهى
منهنَّ مالا ينتهي التَّحجيل
إنّ التي رامَ الدُّمُستُقُ حَربَها
للّهِ فِيها صارمٌ مسلول
لا أرضُها حَلَبٌ ولا ساحاتُهَا
مِصْرٌ ولا عَرضُ الخليجِ النِّيل
ليت الهرقلَ بدا بها حتى انثنى
و على الدُّمستقِ ذلّةٌ وخمول
تلك التي ألْقَتْ عليهم كلكَلاً
ولها بأرضِ الأرمَنينَ تَلِيل
يَرتابُ منها الموجُ وهو غُطامِطٌ
و يراعُ منها الخطبُ وهو جليل
نحَرَتْ بها العَربُ الأعاجِمَ، إنّهَا
رمحٌ أمقُ ولهذمٌ مصقول
تلكَ الشّجا قد ماتَ مغصوصاً بها
من لا يكادُ يموتُ وهو قتيل
يَجِدونَها بينَ الجوانحِ والحَشا
فكأنّما هي زفرَةٌ وغَلِيل
وكأنّها الدّهْرُ المُنيخُ عليهِمُ
لا يستطاعُ لصرفهِ تحويل
وكأنّها شمسُ الظّهيرَةِ فوقَهُمْ
يرّتَدُّ عنها الطَّرّفُ وهو كليل
ما ذاكَ إلاّ أنّ حَبْلَ قَطِينِها
بِحبالِ آلِ محمّدٍ مَوْصُول
ذرهُ يجمِّعُ ألفَ ألف كتيبةٍ
فهو النَّكُولُ وجَمْعُه المفلُول
وهو الذي يُهْدي حُماةُ رجالِهِ
نفلاً إليك فهل لديكَ قبول
لو كنتَ كلَّفتَ الجيوشَ مرامها
كلّفتها سفراً إليه يطول
فكفاكَ وشكُ رحيلهِ عن أرضهِ
عن أن يكون العامَ منك رحيل
حتى إذا اقْتَبَلَ الزّمانُ أريْتَهُ
بالعزمِ كيفَ يصولُ من سيصول
فلتعلمِ الأعلاجُ علماً ثاقباً
أنّ الصّليبَ وقد عززتَ ذليل
و ليعبدوا غيرَ المسيحِ فليسَ في
دينِ التَّرهُّبِ بعدها تأميل
ما ذاك ما شهدت لهُ الأسرى به
إذ يَهْزَأُ الطّاغي بهِ الضِّلّيل
بَرِئَتْ منَ الإسلامِ تحتَ سيوفِهِ
إلاَّ اعتدادَ الصَّبرِ وهو جميل
سلكتْ سبيلَ المُلحِدينَ ولم يكُنْ
من بعد ذاكَ إلى الحياةِ سبيل
أرِضىً بمأثورِ الكلامِ وخلفَهُ
غدرٌ ومأثور الحديد صقيل
فالحرُّ قد يقنى الحياءَ حفيظةً
وهو الجَنيبُ إلى الرّدى المملول
هل كان يُعرَفُ للبطارقِ قبل ذا
بأسٌ ورأيٌ في الجلادِ أصيل
أنَّى لهم هممٌ ومن عجبٍ متى
غَدَتِ اللّقاحُ الخورُ وهي فُحول
أهلُ الفِرار فليتَ شِعْري عنهمُ
هل حدَّثوا أنَّ الطِّباعَ تحول
الأكثرينَ تخمُّطاً وتكبُّراً
ما لم تِهَزّ أسِنّةٌ ونُصُول
حتى إذا ارتعصَ القَنا وتلمّظَتْ
حَرْبٌ شَرُوبٌ للنفوس أكول
رجعوا فأبدوا ذلَّةً وضراعةً
و إلى الجبلَّةِ يرجعُ المجبول
إذ لا يزالُ لهم إليكَ تغلغلٌ
و سرىً ووخدٌ دائمٌ وذميل
وإنَابَةٌ مُنْقَادَةٌ وإتَاوَةٌ
ورسالَةٌ مُعْتَادَةٌ ورسول
فإذا قبلتَ فمنّةٌ مشكورةٌ
لك ثمَّ أنتَ المرتجى المأمول
وإذا أبَيْتَ فعزمَةٌ مَضَاءَة
لا بُدّ أنّ قضاءها مفعول
وليَغْزُوَنّهُمُ الأحَقُّ بغزوهم
و اللَّهُ عنهُ بما يشاءُ وكيل
و لتدركنَّ المشرفيَّةُ فيهمِ
ماينثني عن دركهِ التَّأميل
وليُسَمَعَنً صَليلها في هامهِم
إن كان يُسمَعُ للسيوفِ صَليل
و ليبلغنَّ جيادُ خيلكَ حيثُ لم
يَبْلُغْ صَباحٌ مُسْفِرٌ وأصِيل
كم دوَّختْ أوطانهمْ فتركتها
والمالُ نَهْبٌ والدّيارُ طُلول
فوراءهم حيثُ انتهوا وأمامهمْ
تطَوى بهنَّ تنائفٌ وهجول
فكأنّها بينَ اللِّصابِ نضانضٌ
وكأنّهَا بينَ الهِضابِ وُعول
و لقد أتيتَ الأرضَ منْ أطرافها
ووطِئْتَها بالعزم وهي ذَلول
و استشعرتْ أجبالها لك هيبةً
حتى حَسِبنَا أنها ستَزُول
نامتْ ملوكٌ في الحشايا وانثنتْ
كسلى وطرفكَ بالسُّهاد كحيل
لن ينصُرَ الدينَ الحنيفَ وأهلَهُ
مَن بعضُهُ عن بعضِهِ مشغول
تلهيكَ صلصلةُ العوالي كلّما
ألهَتْ أولئك قَيْنَةٌ وشَمول
و بذاكَ حسبكَ انْ تجرِّرَ لأمةً
وبحسبِ قومٍ أن تُجَرّ ذُيول
لا تَعْدَمَنّكَ أُمّةٌ أغنَيْتَهَا
وهَدَيْتَها تَجْلُو العَمى وتُنيل
ورَعِيَّةٌ هُدّابِ عَدلِكَ فوقَها
سِتْرٌ على مُهَجانِها مسدول
فكأنّ دَولَتَكَ المنيرةَ فيهم
ذَهَبٌ على أيّامِهِمْ مَحلول
لا يَعْدَمُوا ذاكَ النّجادَ فإنّهُ
ظلٌّ على تلكَ الدِّماءِ ظليل
مَن يهتدي دونَ المعِزِّ خليفَةً
إنَّ الهدايةَ دونهُ تضليل
مَنْ يَشْهَدُ القرآنُ فيه بفضْلِهِ
و تصدَّقُ التَّوراةُ والإنجيل
و الوصفُ يمكنُ فيهِ إلاّ أنَّهُ
لا يُطْلَقُ التّشبيهُ والتّمثيل
و النَّاسُ إن قيسوا إليهِ فإنَّهم
عرضٌ لهُ في جوهرٍ محمول
تَرِدُ العيونُ عليه وهي نَواظِرٌ
فإذا صَدَرْنَ فإنّهُنَّ عقول
غامرتهُ فعجزتُ عن إدراكهِ
لكنَّهُ بضمائرِ معقول
كلُّ الأئمَّةِ من جدودكَ فاضلٌ
فإذا خصَّصتَ فكلُّهم مفضول
فافخَرْ فمِن أنسابكَ الفرْدوْسُ إن
عُدّتْ ومن أحسابِكَ التنزيل
و أرى الورى لغواً وأنتَ حقيقةٌ
ما يَستَوي المعلومُ والمجهول
و شدَ البريَّةُ كلَّها لكَ بالعلى
إنَّ البريَّةَ شاهدٌ مقبل
و اللّهُ مدلولٌ عليهِ بصنعهِ
فينا وأنتَ على الدَّليلِ دليل