انتقل إلى المحتوى

يقولون لي : واصل سواها لعلها

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

يقولون لي : واصل سواها لعلّها

​يقولون لي : واصل سواها لعلّها​ المؤلف أبو الفضل بن الأحنف


يقولون لي: واصل سواها لعلّها
تغارُ وإلاّ كان في ذاكَ ما يسلي
ووالله، ما في القلبِ مثقالُ ذَرّةٍ
لأخرى سواها إنّ قلبي لفي شغلِ
عجبتُ لأبدانِ المحبّينَ قُوِّيتْ
بحملِ الهوى إنّ الهوى أثقلُ الثِّقلِ
حَمَلتُ الهَوى حتى إذا قمتُ بالهَوى
خررتُ على وجهي وأثقلني حملي
سَقَى الله بابَ الجِسرِ والشّطَّ كُلَّهُ
إلى قريةِ النّعمانِ والدّير ذي النّخلِ
إلى الدّوِّ فالروْحاء فالسيِّبِ ذي الرُّبا
إلى منتهى الطاقاتِ مستحقر الوبلِ
منازلُ فيما بينهنّ أحبّةٌ
لها وهيَ مِمّا قد أرَدْنَ على جَهلِ
كأَنْ لم يكُنْ بَيني وبَينَهُمُ هَوىً
ولم يَكُ مَوْصُولاً بحبلِهِمُ حَبْلي
بحُرْمَةِ ما قد كانَ بَيني وبَينَكُمْ
منَ الوُدّ إلاّ ما رَجَعتمْ إلى الوَصْلِ
وإلاّ اقتُلُوني أستَرِحْ من عَذابكُمْ
عذابُكُمُ عندي أشَدُّ منَ القَتلِ
فلم أر مثلي كانَ عاتبَ مثلكمْ
ولا مثلكمْ في غير ذنبٍ جفا مثلي
وإنّي لأستَحيي لكُمْ من مُحدِّثٍ
يُحدِّثُ عنكُمْ بالمَلالِ وبالخَتْلِ
وكم من عدوِّ رقَّ لي وتكشّفتْ
حزونته لي عن ثرى جانب سهلِ
زماني فلمّا أقصدتني -- سهامهُ
بكَى لي وشامَ الباقياتِ منَ النَّبْلِ
وقد زعمتْ يمنٌ بأنّي أردتها
على نفسها، تبّاً لذلكَ من فعلِ
سَلُوا عن قميصي مثل شاهدِ يوسفٍ
فإنّ قَميصي لم يكن قُدَّ من قُبلِ
تآزَرْنَ فيما بَينَهُنّ فجِئْنَها
على وجه إلقاء النّصيحة للمَحلِ
يُعَرِّضْنَ طوراً بالتّغاضي وتارَةً
يُعاتِبنَها بالجِدّ مِنهنّ والهَزْلِ
وما زِلنَ حتى نِلنَ ما شِئنَ بالرُّقَى
وحتى أصاختْ للخَديعةِ والخَتلِ
وحتى بدَتْ منها المَلالةُ والقِلَى
وعَهدي بفَوْزٍ لا تَمَلُّ وَلا تَقْلي
فلمّا انقضَى الوَصْلُ الذي كان بَينَنا
شَمِتنَ جميعاً واسترَحنَ منَ العَذلِ
وقد قال لي أهلي كما قال أهلها
لها غيرَ أنّي لم أُطعْ في الهَوى أهلي
وإنّي لكالذّئبِ الذي جاء واعِظٌ
إلَيهِ ليَنهاهُ عنِ الغَنَمِ الخُطلِ
فقالَ له: دعني فإنّي مبادرٌ
لها قبل أن تمضي فما جئتَ للعدلِ
وأرضتْ بسخطي معشراً كان سخطهم
يَهونُ علَيها في رِضَايَ ومن أجْلي
ولم ترعَ ممشاها وممشى فتاتها
تنادم عبد اللهِ والرّجلَ الذُّهلي
فلمّا أضاء الصُّبحُ قمنا جماعةً
لتشييعها نخفي خطانا على رِسْلِ
إذا النّاسُ قالوا: كيفَ فوزٌ وعهدُها؟
خرستُ حياءً لا أُمرُّ ولا أُحلي
فكوني كليلى الأخيليّةِ في الهوى
وإلاّ كلُبنى أو كعَفراءَ أوْ جُمْلِ