انتقل إلى المحتوى

يقولون صف حرب الرعية والجند

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

يقولون صف حرب الرعية والجند

​يقولون صف حرب الرعية والجند​ المؤلف الخُبز أَرزي


يقولون صِف حربَ الرعيَّة والجندِ
وصلحَ رجالٍ من بلالٍ ومن سعدِ
ولي شغل في صلح قلبي وناظري
على تَلفي حتى فنيتُ من الوجدِ
ويقبح ذكرى وقعةٍ وبمهجتي
وقائع شتّى من جهاد ومن جهدِ
وكم قتلةٍ لي في حروبٍ من الهوى
تسلَّط فيهن الظباءُ على الأُسدِ
فواللَهِ ما هَزُّ الرماح بمقلتي
بأروع لي من هَزِّ معتدل القد
وان ارتكاض الشوق في حلبة الحشا
لأَهوَلُ من ركض المسوَّمة الجردِ
ولحظ عيون العِين أمضى مضارباً
وأتلفُ للأرواح من قضُب الهندِ
وأنفَذُ من وقع السهام تغازلٌ
على القرب أو حُسن الإشارة من بُعدِ
سهام الهوى تُهدى إلى باطن الحشا
وتُردي ولكن لا تؤثِّر في الجِلدِ
عجبتُ من الطرف المكحَّل أنه
يُشحِّطني بالسيف والسيف في الغمدِ
فلو أنني في غمرَتي حرب داحسٍ
وحرب بسوسٍ كان دون الذي عندي
وشيطان شعري ليس يُعذَر حيث لا
يراد له ما نفع زرعٍ بلا حصدِ
ولي هاجس طَلق على كل لذةٍ
وما هاجسي وقفاً على الأجر والحمد
وأبسط أُنسي في الملاح ممازحاً
فإن تسطو بي صار مزحي إلى حدِّ
فمن حيث داروا درتُ فيهم ككوكب
بأرزن من قاضٍ وأسخف من قرد
ولي قلبُ برقٍ تحت رعدِ فكاهةٍ
فأستمطر اللذات بالبرق والرعدِ
وأطرد من أحببتُ طردَ تظرُّفٍ
فيجذبه لي ما تقدَّم من طردي
مفاكهةً طوراً وطوراً دماثة
وطوراً مجوناً كلُّ ذلك من عندي
فتُقضى ديون العاشقين نسيئة
بوكسٍ ودَيني في وفاء وفي نقدِ
خليليَّ هل أبصرتما أو سمعتما
بأكرم من مولىً تمشّى إلى عبد
أتى زائراً من غير وعدٍ وقالي لي
أصونك من تعليق قلبك بالوعدِ
فما زال نجم الكأس بيني وبينه
يدور بأفلاك السعادة والسعدِ
سَلِ الكأسَ لِم تبدي لنا في خدودنا
حياءً وفي أفعالنا قِحَةً تبدي
تواقح تجميشي فأظهر خدُّهُ
حياءً على تلك الوقاحة يستعدي
ولكن إذا راحٌ وروح تغازلا
تحاقد ذاك الخدُّ واحمرَّ للحقدِ
لثمتُ ثناياها فذقتُ رُضابَها
كذوب نقيِّ الثلج في خالص الشَّهدِ
فقلتُ لها لمّا ترشَّفت ريقَها
فأطفى غليلاً كان مضطرم الوقدِ
أرى نَفَسي خلَّى الجحيم بلا لظى
وريقك خلّى الزمهرير بلا بردِ
فقالت تمتَّع بالحياة فإنما
حياة الفتى تعديله الضدَّ بالضدِّ
فمازلتُ في كدٍّ هو الفوز بالمنى
وكم راحةٍ للروح في ذلك الكدِّ
تمردت في المرد الملاح لأنهم
من المهد شرطي سرمداً وإلى اللحدِ
أُموِّه كذباً بالل تستراً
على عاذلي والله يعلم ما قصدي
ببدرين من بدر السماء ووجها
وليلينِ من ليلٍ ومن فرعها الجعدِ
فبتنا بليلٍ كان من طيب عيشه
وتخليد ذكراه جنى جنة الخلد
وأفركُ رمّانَ الصدور وأكتفي
بورد جنيّ في الخدود عن الورد
فلو لم يكن في العشق سحرٌ وأُخذةٌ
لمَا أنِس الوحشُ المفرّدُ بالقهد
وإن ترني فرداً وحيداً فإنما
تزيف إناثُ الطير للذكر الفرد
فكم نلتُ نعمى أحمد اللَه عندها
وقد تعب الشيطان فيها بلا حمد
لقد ركز الشيطان بند جيوشه
ببندي فكل الجيش يأوي الى بندي
فلو وُلد المولود بالصين فارهاً
أتتني به الأخبار ركضاً على البُردِ
يزيد مجوني عند عشقي كمثل ما
تزيد بوهج الجمر رائحة الندِّ
صلابة وجهي في الهوى لو تمثلت
بأيام ذي القرنَينِ أغنت عن السدِّ
اذا جمحت خيل الهوى للذاذتي
فألف عنان لا يطيق بها ردّي
ولم ينتفع بي غير إبليس وحده
وإن متُّ لم يظهر على غيره فقدي
وكنتُ فتىً من جند إبليس فارتقى
بي الأمر حتى صار إبليس من جندي
فلو مات قبلي كنتُ أُحسن مثله
صنايع فسق ليس يُحسِنُها بعدي