يذكرني الحمـى عهد الوصـال
المظهر
يُذكِّرني الحِمـى عهدَ الوصـالِ
يُذكِّرني الحِمـى عهدَ الوصـالِ
وأيامَ الشبابِ ومَن بِهـا لـي؟
وسلمى والسّلامـةَ من هواهـا
ونعمـى والنعـيمَ بـلا زوالِ
وهَصري غُصـنَ ذابلةِ التثنِّي
وقطفي وردَ ناضرةِ الجمالِ
ورَشفي حيـثُ يبتسمُ الأقاحي
وشمي حيثُ تنعجنُ الغوالي
وتَركي الزُّهـد في راحٍ شمولٍ
ورَفْضي النُسكَ في ريحٍ شمالِ
وحبي شربَ ياقوتٍ مذابٍ
يَرضُّ المـزجُ فيهِ حصى اللآلـي
وهزِّي العطفَ في غَفَـلاتِ عيشٍ
وريقِ الأيكِ ممطورِ الظلالِ
فها أنا من لبابِ العمر أشجى
إذا هجستْ خواطرُهـا ببـالـي
وأجتنبُ الشجونَ وأينَ صبري؟
وأحتلبُ الشؤونَ وكيفَ حالي؟
وتَذوي مُهجـتي واشْتف لَوني
وتدمى مقلتي وسلِ الليالي
فخذي الزعفرانُ ولا أحاشي
ودَمعـي الأرجوانُ ولا أُبـالي
أحاكي الوردَ ذا الوجهين يحذى
معاً في الصبغتينِ على مثـاليِ
وكيفَ يُرَدُّ لي مـا فـاتَ منِّـي
وردُّ الغَانيـاتِ منَ المُحـالِ؟
ومـا للمُفلسين سوى التّمنِّـي
ومـا للنّائمينَ سِوى الخَيـالِ
ذَوى الشّعرُ البنفسجُ في عِـذاري
وزاحَمَـهُ ثَغـامُ الاكتهـال
وكدّ تفاوتُ الخطّـينِ قَلـبي
وخـاطَ عـلي أثوابَ الخَبـالِ
فخيطُ دب بدءُ الشيبِ فيهِ
دبيبَ النارِ في طرفِ الذبالِ
وآخرُ فاحمٌ كالفحمِ جانٍ
على جارٍ بحر النار صالِ
يُحاذرُ أنْ يصـابَ وغيرُ بـدعٍ
لجارِ النارِ عدوى الإشتعالِ
فذي ظلمُ الشبابِ على صَداهـا
ضيـاءُ الشيبِ حودِثَ بالصقالِ
تُرى تلـكَ العهود تعودُ يومـاً؟
وحال الوصلِ يلقحُ عن حِيالِ
وينسَى البـينُ عـادَتَهُ وتَنْجـو
منَ الأقتابِ أسمنةُ الجمالِ
فتعمرُ باللوى تلكَ المغاني
وترجعُ بالحمى تلكَ الليالي
رخيمُ الدلِّ مكسالُ التهادي
طويلُ الذيلِ صرارُ النعالِ
يرقِّـقُ طَبعيَ المأيـوسَ عنـهُ
ويشحذُ غَرْبَـهُ بعـدَ الكـلالِ
فينشطُ لاختراعِ الشعرِ عقلي
وينشطني البيانُ منَ العقالِ
وأطنب في ثناءِ أبي عليِّ
نظامِ الملك نظامِ المعالي
فـتىً كالليثِ مَشبوبُ المـآتي
فتىً كالقرمِ محذورُ الصيِّالِ
وتسخر كفهُ والبحرُ فيها
بمن شامَ السحائبَ للنوالِ
ويعلى كعبهُ عرضٌ مصونٌ
معولهُ على مالٍ مذالِ
أعارَ عواطلَ اى دابِ عيناً
تُراعيهـا فهُـن بـهِ حَوالِ
وعطر شعرَ صدغيها بمسكِ
ونقطَ وردَ خديها بخالِ
وبوءَ وفدها كنفاً رحيباً
مرودَ العشبِ مورودَ الزلالِ
حراماً مثلَ بيتِ اللهِ يشدو
بسحرٍ في مناقِبـهِ حَـلالِ
يسفُّ بهِ تواضعه فتدنو
مَقاطِعُـهُ على بعـدِ المَنـالِ
ويُظْهِرُ نطقُـهُ إعجـازَ عيسى
بردٍّ الروحِ في الرممِ البوالي
وأهـداف الصـوابِ مُغَربـلاتٌ
بأقـلامِ لـهُ مثـل النِّبـالِ
يفوقها فلا تخطي وتمضي
مضاءَ القعضبيةِ في العوالي
بخطٍّ إثمدي اللونِ يشفي
عيونَ الرمدِ عندَ الاكتحالِ
فمن دالٍ تُصـاغُ عـلى اعتدالٍ
ومن ذالٍ تصانُ عن ابتذالِ
وليس تحسُّ منه العينُ عيباً
سوى المحذورِ من عـينِ الكَمالِ
تُساقُ إلى النّبيِّ بـهِ صَـلاةٌ
وتُعرفُ فيهِ قُـدرةُ ذي الجَـلالِ
ويثبتُ ركنهُ في كلِّ خطبٍ
تزلزلُ منهُ أركانُ الجبالِ
وما شربَ الطلا إلا استراحت
مسامعُهُ إلى نَغَـمِ السُّؤالِ
فكأسٌ في اليمينِ يميلُ منها
إلى طربٍ وكيسٌ في الشمـالِ
وإن برقت غزالةُ وجنتيهِ
حسبتَ الشمسَ ناظرةَ الغزالِ
ويذهلُ عن نفائسه بنفسٍ
تَرى الذكرَ المخلّدَ خيَر مـالِ
رماها بالعراءِ كما تجافت
عن البيضاتِ حاضنـةُ الرِّئـالِ
أمولانا خدمتك غيرَ وانٍ
وأُلْتُ إلى جَنابِـكَ غـيرَ آلِ
وجادَ رياضَ مَجدِكَ مِنَ ثنَائي
حياً يَنْهـلُّ مُنحلَّ العَـزالي
فكم أنشدتُ بينَ يديكَ شعري
فلم يَخجـل مَقامي من مَقـالي
ولي في صَنْعتي بُرهـانُ مـوسى
وعندَ سوايَ تزويرُ الخيالِ
وكم فحصت يد الأيامِ عني
كأيْدي الخيلِ أبصرتِ المَخالي
فلذاتُ ببابِ داركَ مستجبراً
مخلى السربِ متسعَ المجالِ
ونلتُ لدَيـكَ رفعاً في مَحلِّي
تناقضهُ يوضعٍ في رحالي
فعِشْ ما شِئتَ مَقْهـورَ الأعـادي
ودم ما شئتَ منصور الموالي
وخذ في مجلسِ الأنس المهنا
هلالاً في هلالٍ من هلالِ