يا عجبا للدهر شتى طرائقه
المظهر
يا عجباً للدّهرِ شتّى طرائقهْ
يا عجباً للدّهرِ شتّى طرائقهْ
وللمرءِ يبلوهُ بما شاءَ خالقهْ
وللخلدِ يرجى والمنيّةُ دونهُ
وَلِلأَمَلِ الْمَبْسُوطِ والْمَوْتُ سَابِقُهْ
جَعَلْنَ أَرِيكاً بِالْيَمِينِ وَرَمْلَهُ
وزالَ لغاطٌ بالشّمالِ وحالقهْ
وصبّحنَ بالصّقرينِ صوبَ غمامةٍ
تَضَمَّنَهَا لَحْيَا غَدِيرٍ وَخَانِقُهْ
وَأمْسَتْ بأطْرَافِ الْجَمَادِ كَأنَّهَا
عَصَائِبُ جُنْدٍ رَائِحٍ وَخَرَانِقُهْ
وصبّحنَ منْ سمنانَ عيناً رويّةً
وهنَّ إذا صادفنَ شرباً صوادقهْ
وَأَسْحَمَ حَنَّانٍ مِنَ الْمُزْنِ سَاقَهُ
طروقاً إلى جنبيْ زبالةَ شائقهْ
فَلَمَّا عَلاَ ذَاتَ التَّنَانِيرِ صَوْبُهُ
تكشّفَ عنْ برقٍ قليلٍ صواعقهْ
كفاني عرفّانُ الكرى وكفتيهُ
كلوءَ النّجومِ والنّعاسُ معانقهْ
فباتَ يريهِ عرسهُ وبناتهِ
وَبِتُّ أُرِيهِ النَّجْمَ أيْنَ مَخَافِقُهْ
وسربالِ كتّانٍ لبستُ جديدهُ
على الرّحلِ حتّى أسلمتهُ بنائقهْ
وَلَذٍّ كَطَعْمِ الصَّرْخَدِيِّ طَرَحْتُهُ
عَشِيَّةَ خِمْسِ الْقَوْمِ والْعَيْنُ عَاشِقُهْ
وَعَيَّرَنِي الإبْلَ الْحَلاَلُ ولَمْ يَكُنْ
ليجعلها لابنِ الخبيثةِ خالقهْ
وَلكِنَّمَا أَجْدَى وَأَمْتَعَ جَدُّهُ
بفرقٍ يخشّيهِ بهجهجَ ناعقهْ
وَقَال الَّذي يَرْجُو الْعُلاَلَةَ وَرِّعُوا
عَنِ الْمَاءِ لاَ يُطْرَقْ وَهُنَّ طَوَارِقُهْ
فَمَا زِلْنَ حَتَّى عَادَ طَرْقاً وَشِبْنَهُ
بِأَصْفَرَ تَذْرِيهِ سِجَالاً أيَانِقُهْ
خَرِيعٌ مَتَى يَمْشِي الْخَبِيثُ بِأرْضِهِ
فإنَّ الحلالَ لا محالةَ ذائقهْ
تَنَاوَلَ عِرْقَ الْغَيْثِ إذْ لا يَنَالُهُ
حِمارُ ابْنُ جَزْءٍ عَاصِمٌ وَأَفَارِقُهْ
إذَا هَبَطَتْ بَطْنَ اللَّكِيكِ تَجَاوَبَتْ
بِهِ وَکطَّبَاهَا رَوْضُهُ وَأبَارِقُهْ
فَأمْسَتْ بَوَادِي الرَّقْمَتَيْنِ وَأَصْبَحَتْ
بِجَوِّ رِئَالٍ حَيْثُ بَيَّنَ فَالِقُهْ
فأصبحنَ قدْ خلّفنَ أودَ وأصبحتْ
فِرَاخُ الْكَثِيبِ ضُلَّعَاً وَخَرَانِقُهْ
فلمّا هبطنَ المشفرَ العودَ عرّستْ
بحيثُ التقتْ أجزاعهُ ومشارقهْ
وصبّحنَ للعذراءِ والشّمسُ حيّةٌ
وليَّ حديثِ العهدِ جمٍّ مرافقهْ
يهيبُ بأخراها بريمةُ بعدها
بدا رملُ جلاّلٍ لها وعواتقهْ
فغادرنَ مركوّاً أكسَّ عشيّةٍ
لدى نزحٍ ريّانَ بادٍ خلائقهْ
تُعَيِّرُنِي صُهْباً كَأنَّ رُؤُوسَهَا
ذُرَى الأُكْمِ فِيهَا غَضُّ نَيٍّ وَعَاتِقُهْ
لَهَا فَأْرَةٌ ذَفْرَاءُ كُلَّ عَشِيَّةٍ
كما فتقَ الكافورَ بالمسكِ فاتقهْ
وَكَانَ لَهَا فِي أَوَّلِ الدَّهْرِ فَارِسٌ
إذا ما رأى قيدَ المئينَ يعانقهْ
أجدّتْ مراغاً كالملاءِ وأرزمتْ
بِنَجْدَيْ ثُقَيْبٍ حَيْثُ لاَحَتْ طَرَائِقُهْ
فما نهلتْ حتّى أجاءتْ جمامهُ
إلى خَرِبٍ لاَقَى الْخَسِيفَةَ خَارِقُهْ
وأزهرَ سخّى نفسهُ عنْ تلادهِ
حنايا حديدٍ مقفلٍ وسوارقهْ
فَإنْ يُودِ رِبْعِيُّ الشَّبَابِ فَقَدْ أُرَى
ببطانهِ قدّامَ سربٍ أوافقهْ
... فما تنفكُّ دلوٌ تواهقهْ
................