وصايا الملوك وصية عمرو بن الحارث
وحدّثني علي بن محمد، عن جده الدعبل بن علي، أن عمرو بن الحارث وصى ابنه الحارث الخطّار الذي كانت تسميه العرب الحارث الأعرج قال: وكان عمرو بن الحارث كاهناً، يخبر بالكوائن، وينذر منها، فأنشأ يقول: " من البسيط "
قال محمد بن علي: قال الدعبل بن علي: فيقال: إن الحارث الأعرج حفظ الوصية، وعمل بها، وثبت عليها، وملك بعد أبيه عمرو بن الحارث ما كان يملك من البلاد وقبائل العرب، وهو الذي ذكره النابغة في شعره الذي مدح فيه ابنه عمرو بن هند حيث يقول:
ويقال: إن القبرين الذين ذكرهما النابغة، أحدهما قبر جفنة بن مارية، والآخر قبر الحارث الأكبر بن ثعلبة بن جفنة. وأما قبر عمرو بن الحارث ففي خلان من أرض الشام، وقد ذكره النابغة في شعره حيث يقول:
وحدّثني علي بن محمد، عن جده الدعبل بن علي، أن الحارث الأعرج بن عمرو بن الحارث الأكبر وصَّى ابنه أبا منذر واسمه عمرو المحرق بن هند. وهند بنة عوف الشيباني، أمها البرصاء بنة مرّة فقال: " من البسيط "
قال علي بن محمد: قال الدعبل بن علي: فيقال: إن عمرو المحرِّق وهو ابن هند بنة عوف الشيباني حفظ وصية أبيه، وثبت عليها، وعمل بها، وملك ما ملكت آباؤه من البلاد وقبائل العرب،ويقال: إنه سمي محرِّقاً على وقت كبر سنه، وذلك أن أخاً له يقال له " أسعد " ، وكان مسترضعاً في تميم، فخرج إليهم عمرو بن هند، فقتل من تميم مقتلة عظيمة، ثم أخذ منهم مائة رجل أحياء، فضرجهم في النار، وحرقهم، فلذلك سمي محرّقاً. وقد ذكر ذلك ابن غالب التميمي في شعره حيث يقول:
وقد ذكر ذلك الأعشى في شعره حيث يقول:
وقد ذكر ذلك الطرماح في شعره الذي يقول فيه: " من البسيط "
وحدّثني علي بن محمد، عن جده الدعبل بن علي، أن عمرو المحرق وصّى ابنه الأيهم فقال:
قال علي بن محمد: قال الدعبل بن علي: فيقال: إن الأيهم بن عمرو المحرِّق حفظ هذه الوصية، وعمل بها، وثبت عليها، وملك ما كان يملك أبوه عمرو المحرق،والأيهم الذي يقول فيه النابغة، يوم قال له عمرو بن الحارث المحرق: امدح لي يا أخا ذبيان هذا الغلام، فقال: " من السريع "
وحدّثني علي بن محمد، عن جده الدعبل بن علي، أن الأيهم بن عمرو المحرق وصى ابنه جبلة بن الأيهم بن عمرو المحرق بن الحارث الخطار وهو الأعرج بن عمرو بن الحارث الأكبر بن ثعلبة بن جفنة بن ثعلبه بن عمرو بن عامر بن حارثة الأحساب بن امرئ القيس بن ثعلبه بن مازن بن الأزد، فقال له: يا بني إنك لمالك الشام بعدي، وإنك لصاحب أمرها دون ولدي، وإنك لفي أوان التعطيل لهذا الأمر الذي أوتيناه دون غيرنا، فإذا رأيت ذلك فانظر لنفسك ما يزينها والتمس لقومك ما يصونهم.
ال علي بن محمد: قال الدعبل بن علي: فيقال: إن جبلة بن الأيهم لم يزل ملكاً مطاعاً في قومه غسان، يحبى إليه خراج الشام وتطيعه قبائل العرب فيها. فبعث رسول الله ﷺ تسليماً وجبلة بن الأيهم ملك الشام. فتوفي رسول الله ﷺ فجلس أبو بكر، وأقام في الخلافة ما أقام وجبلة بن الأيهم ملك الشام. فلما كان في زمان عمر بن الخطاب أسلم جبلة بن الأيهم، وقدم المدينة في خمسمئة فارس من قومه أصحاب التيجان، وسار منها حتى دخل مكة حاجّاً. ويقال: إنه كان يطوف ذات يوم من أيام الحج عليه إزار وشي ورداء وشي، فوطئ إزاره رجل من فزارة، قال: فلطمه جبلة بن الأيهم لطمة هشّم بها أنفه، فقال: فأقبل الفزاري ودمه يسيل على صدره، حتى وقف على عمر بن الخطاب، فقال: يا أمير المؤمنين أنصفني من هذا الملك الجبار جبلة بن الأيهم الجفني، لطمني لطمة، فتركني على هذه الحالة، قال: فدعا عمر بن الخطاب بجبلة بن الأيهم، فقال له: علام لطمت هذا الرجل؟ فقال له جبلة بن الأيهم: وطئ إزاري، فقال عمر بن الخطاب: أما أنت فقد أقررت، فإما تعطيه لطمة بلطمته، وإما أن ترضيه من مالك، فقال جبلة بن الأيهم: لا أفعل شيئاً مما ذكرت يا أمير المؤمنين، وهم جبلة بن الأيهم أن يثير الفتنة بينه وبين عمر بن الخطاب. قال: فدخل إليه الناس فكلموه، وسكنوا بعض ما كان به من الغضب، وناشدوه بالله ألا يجعلها فتنة، فأجابهم جبلة بن الأيهم إلى ذلك. فلما كان في بعض من الليل مضى إلى الشام جبلة بن الأيهم فيمن معه، ودخل في النصرانية، ومضى حتى دخل بلد الروم على هرقل بن قيصر مغضباً حنقاً عاتباً على عمر بن الخطاب.
وهذا مختصر من خبر جبلة بن الأيهم، والشرح يطول في ذلك. ويقال: إنه ندم على ما كان من تركه الإسلام ودخوله في النصرانية. وقال في ذلك شعراً، يقول فيه:
قال علي بن محمد: قال الدعبل بن علي: ولقد كان لجبلة بن الأيهم عند دخوله في النصرانية أخبار وأحاديث، يطول شرحها، وهو الذي يقول فيه حسان بن ثابت الأنصاري لما وصل به بره من أرض الروم حيث يقول: