هنيت بالشهر بل هني بي الشهر
المظهر
هنيتُ بالشهرِ بلْ هني بيَ الشهرُ
هنيتُ بالشهرِ بلْ هني بيَ الشهرُ
وما له بالذي يجري به أمرُ
له التصرف في الأركان أجمعها
والحكم في يده والنفعُ والضرُّ
وما له خبر بما يكوّنه
عنه الإله العليمِ الواحد البرُّ
لو أنَّ يونس والحيتان تطلبه
يكونُ من مكة لم يدر ما البحر
لعلمنا بالذي أعطتْ معالمُها
منَ الذي أخبرتُ بكونِهِ الزهرُ
فإنَّ ربَّكَ أوحى أمرها بكذا
فيها وما عندها ذوق ولا خبر
مسخراتٌ بأمرِ اللهِ ليسَ لها
إلا الشهادةُ والتسبيحُ والذكرُ
بألسنٍ ما لنا فقهٌ بما نطقتْ
لأنَّ حاجبها ألحكمُ والفقرُ
تثني عليه بطبعٍ فيه قد جُبلت
وما لها في الذي تثني به فكر
بالله عالمةٌ لله قائمةٌ
في الله جاهدةٌ في أمرهِ الأمرُ
قالَ الخليلُ بها ستراً لحكمتهْ
وحجةً للذي أودى بهِ الفكرُ
وقد أتاها رسولُ اللهِ وهوَ بها
أدرى وأعلم فهو العالم البحر
وما له في الذي يدريه من حكم
مثلٌ يعادلهُ عبدٌ ولا حرُّ
القِل دان له والكثر دان له
فليسَ يعجزه قلٌّ ولا كثرُ
اللهُ أعظمُ أنْ يحظى بهِ أحدٌ
وكيفَ يحظى بمن رداوهُ الكبرُ
الكبرياءُ وما تحصى عوارفهُ
وليسَ يدري لها بجهلهمْ قدرُ
إنَّ العوارفَ أستارُ المعارفِ لا
يدخلك في ذاك إشكال ولا نكر
فعندها العجزُ عنْ إحصائها عدداً
وعندها أنها النائل النَّزرُ
خزائنُ الجودِ ما انسدَّت مغالقُها
لو انتهت لانتهى في العالم الفقر
وفقرهُ دائمٌ لا ينتهي أبداً
كذاكَ نائلهُ لا ينقضي عمرُ
الفقرُ بالذاتِ ذاتيٌّ لصاحبهِ
ولوْ يدومُ لهُ منْ ربهِ اليسرُ
ما قلتُ إلا الذي قالَ الإلهُ لنا
فينا ففي كلِّ يسرٍ مدرجٍ عسرُ
إنَّ الإلهَ بلا حدٍّ يحددنا
معَ الزمانِ لذا كانَ اسمهُ الدهرُ
لله قومٌ ذوو أعلم مقامهمُ
الشمسُ والتينُ والأحقافُ والفجرُ
همُ النجوم التي الأفلاكُ مركبها
لا بل أقول هم الأحجارُ والتِّبر
حازوا الكمالَ فلم يظفر بهم أحد
غيري لأنهم الأشفاعُ والوتر
سكرى حيارى تراهم في محاربهم
وما لهمْ في سوى مطلوبهم فكرُ
قد استوى عندهم من ليس يعرفهم
مع العليم بهم والسرُّ والجهر
همُ الوجودُ ولكن لا وجودَ لهمْ
فليسَ يحجبهمْ نفعٌ ولا ضرُّ
لهمْ منَ الفلكِ العلوي صورتهُ
ومنْ ثرى الأرضِ ما يأتي به الزهرُ
منَ المطاعمِ والأنهارِ شربهمُ
الماءُ والعسلُ النحليُّ والخمرُ
وشربهم لبنٌ يأتي بهِ بقرٌ
هذا شرابهمُ مما لهُ درُّ
ويأكلونَ طعاماً ما لهُ صفةٌ
منزَّهُ الطعمِ لا حُلْوٌ ولا مُرُّ
مقامهمْ ما همْ فيهِ وحالهمُ
ما يشتهون فهم بهالِلُ غرّ
لا يجهلونَ ولا تدري مقاصدهمُ
سكناهمُ المجلسُ المعمورُ والقبرُ
خرسٌ إذا نطقوا عميٌ إذا نظروا
صمٌ إذا سمعوا إيمانُهم كفرُ
لا يهتدونَ ولا يهدونَ صاحبهم
عمارُ أنديةٍ كثبانها حمرُ