انتقل إلى المحتوى

هنيئا لنا ولأقصى العباد

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

هنيئا لنا ولأقصى العباد

​هنيئا لنا ولأقصى العباد​ المؤلف ابن دارج القسطلي


هنيئا لنا ولأقصى العباد
جهادك في الله حق الجهاد
تباري الصبا وتناوي الشمال
تراوح أرض العدى أو تغادي
بسمر القنا وببيض السيوف
وحر الكماة وغر الجياد
جيوشا تضل الأدلاء فيها
وأنت لها بهدى النصر هاد
إذا اكتحل الجو كحل الظلام
كحلت العيون بطول السهاد
تقود أعنتها مستقيدا
إليك بها كل صعب القياد
مظللة بعوالي الرماح
مكللة بطوال الهوادي
مجللة منك برد اليقين
فهان عليهن حر الجلاد
تولئهن لحمل الكماة
وتوطئهن صدور الأعادي
مجيبا بهن منادي الإله
فلباك كل مجيب المنادي
بعزم يذكر أرض الأعادي
هبوب العواصف في أرض عاد
فأقدمتها يا بن عبد العزيز
لعز الموالي وذل المعادي
لتحيي من حكم حكمه
بسقي الردى كل باغ وعاد
ولم يثنها عن مدى غارة
تغورها في مغار البعاد
ولا أخرت يانعات الرؤوس
ليوم الجنى وليوم الجداد
فلأيا طردت المها عن أسود
أبرتهم في مكر الطراد
ديارا سقيت دم المانعيها
متون الربى وبطون الوهاد
وأطفأت فيهن نار السيوف
وأضرمت منهن قدح الزناد
وقودا تبيض فيها الليالي
ويصبغ نور الضحى بالسواد
بما بدلت من مجال الرماح
مجال الرياح بها في الرماد
فألبست فيها ثياب السرور
وغادرتها في ثياب الحداد
بفتح تفتح منه الأماني
إلى كل حاضر أرض وباد
معالم منها تعلمت منك
إليك مسالك سبل الجهاد
فأعليت نحوك بند الثناء
وقدت إليك خيول الوداد
وشرد جفني لذيذ المنام
وعطل جنبي وثير المهاد
مثالا تمثلته منك فيك
وأنت إلى الغزو سار فغاد
فكم أبت منه ببيض الوجوه
كما أبت منك ببيض الأيادي
وكم عدت منه بفتح الفتوح
كما عاد لي منك عهد العهاد
ولكن منكم جوادي وسرجي
ونزلي ويسري ومائي وزادي
وأنتم شددتم يميني برمحي
وهيأتم عاتقي للنجاد
وأنتم سقيتم ثراة اغترابي
سجال الغمام وصوب الغوادي
فتلك أزاهيرها قد سقيتم
تفوح لكم من أقاصي البلاد
ويسري بها في الدجى كل سار
ويشدو بها في الورى كل شاد
على كل فلك طروق الشراع
وفي كل رحل وثيق الشداد
وتلك حدائق ما قد غرستم
منى وجنى لنفوس العباد
تروض من نشرها كل أرض
ويندى بإنشادها كل ناد
ستؤتيكم أكلها كل حين
ويجنيكم زهرها كل واد
بإحياء فخركم للحياة
وإجزال ذخركم في المعاد
ودونك غراء يضحي سناها
بغرة سيدها في ازدياد
فلا خانها امل المستفيد
وأبقيت في عمر مستفاد