هنالك عهدي بالخليط المزايل
المظهر
هنالكَ عهدي بالخليطِ المزايلِ
هنالكَ عهدي بالخليطِ المزايلِ
و في ذلكَ الوادي أصيبتْ مقاتلي
فلا مثلَ أيّامٍ لنا ذهبيّةٍ
قصيرةِ أعمارِ البقاءِ قلائل
إذِِ الشَّملُ مجموعٌ بمنزلِ غبطةٍ
و دارِ أمانٍ من صروفِ الغوائل
ليَاليَ لم تأتِ اللّيالي مَساءتي
ولم تَقْتَسِمْ دَمْعي رُسومُ المنازل
و أسماءُ لم يبعدْ لهجرٍ مزارها
و لم تتقطَّعْ باقياتُ الرّسائل
ألا طرقتْ تسري بأنفاسِ روضةٍ
وأعْطافِ مَيّاسِ من البانِ ذائل
فيا لكَ وحشيّاً من العينِ شارداً
أتيحَ لإنسيٍّ ضعيفِ الحبائل
أأسماءُ ما عهدي ولا عهدُ عاهدٍ
بخدركِ يسري في الفيافي المجاهل
فإنّكِ ما تَدرينَ أيَّ تَنائِفٍ
قطعتُ بمكحولِ المدامعِ خاذل
تأوَّبَ مُرخَاةً عليه سُنُورُهُ
هِدُوءاً وقد نامَتْ عيونُ العَواذل
و إنّي إذا يسري إليَّ لخائفٌ
عليه حبالاتِ العيونِ الحوائل
أغارُ عليْهِ أن يُجاذبَهُ الصِّبَا
فُضُولَ بُرُودٍ أو ذُيولَ غلائل
و قد شاقني إيماضُ برقٍ بذي الغضى
كما حُرِّكتْ في الشمس بيض المناصل
إذا لم يَهِجْ شوْقي خَيالٌ مُؤرِّقٌ
تَطَلّعَ من أُفقِ البُدورِ الأوافِل
و ما النَّاسُ إلاّ ظاعنٌ ومودِّعٌ
وثاوٍ قريح الجفنِ يبكي لراحل
فهل هذه الأيّامُ إلا كما خَلا
وهل نحنُ إلاّ كالقُرُونِ الأوائل
نُساقُ من الدّنيا إلى غيرِ دائِمٍ
و نبكي من الدنيا على غيرِ طائل
فما عاجِلٌ تَرْجوه إلاّ كآجِلٍ
و لا آجلٍ نخشاه إلاّ كعاجل
فلو أوطأتني الشمسَ نعلاً وتوَّجتْ
عِبِدّايَ تِيجانَ المُلوكِ العباهِل
ولو خُلِّدَتْ لم أقضِ منْها لُبانَةً
و كيفَ ولم تخلدْ لبكرِ بن وائل
لقومٍ نموا مثلَ الأميرِ محمَّدٍ
ففاؤوا كما فاءتْ شموسُ الأصائل
وإنّ بهِ منهُمْ لكُفْواً ومَقْنعاً
و لكنّنا نأسى لفقدِ المقاول
إذا نحنُ لم نجزعْ لمن كان قبلنا
لَهِوْنَا عن الأيّام لَهْوَ العقائل
و لكن إذا ما دامَ مثلُ محمّدٍ
ففي طيِّ ثوبيهِ جميعُ القبائل
تسلَّ به عمّنْ سواه ومثلهُ
يريكُ أباه في صدورِ المحافل
و إنّ ملوكاً أنجبتْ لي مثلهُ
أحقُّ بني الدنيا بتأبينِ عاقل
ولو زِيدَ فِيها مثلُ ذَرع الحَمائل
و هم خيرُ حافٍ في البلاد وناعل
لهم من مساعيهمْ دروعٌ حصينةٌ
تُوَقّيهِمُ من كلِّ قوْلٍ وقائل
وهم يتَقُونَ الذَّمَّ حتى كأنّهُ
ذُعافُ الأفاعي في شِفارِ المناصل
وحقَّ لهم أن يتقوه فلم تكنْ
تُصابُ بهِ الأعراضُ دونَ المَقاتل
أولئك لا يحسنُ الجودَ غيرهم
ولا الطعنِ شزراً بالرماحِ الذوابل
فلم يَدْرِ إلاّ الله ما خُلُقُوا لهُ
ولا ما أثاروا من كُنوزِ الفضائل
شبيهٌ بأعلامِ النُّبوَّةِ ما أرى
لهم في النَّدى من مُعجزاتِ الشَّمائل
أجلّك عز الله ذكركَ فارساً
إذا صرَّ آذانُ الجيادِ الصواهل
وما لسيوفِ الهندِ دونَك بَسْطَةٌ
ولو زيدٌ فيها مثلَ زرعِ الحمائل
ترشفها في السلمِ ماءَ جفونها
فتَجزأُ عن ماء الطُلى والبآدل
وتَقلِسُ مِنْ رِيٍّ إذا ما أمَرْتَها
بتصد يعِ هاماتٍ وفتقِ أباجل
فلا تتبعْ الحسادَ منك ملامةٌ
فما شرفُ الحسّادِ منك بباطل
وكم قد رأينَا من مَسُولٍ وسائِلٍ
قديماً ومن مَفضُولِ قومٍ وفاضل
فكُلُّهُمُ يَفْديكَ من مُتَهلِّلٍ
إلى المجتدي العافي وأربدَ باسل
تقيكَ دماءُ القرنِ من متخمِّطٍ
على القِرنِ مشبوحِ اليدين حُلاحِل
ضَمِينٌ بلَفِّ الصّفِّ بالصّفِّ كلما
تَبَاعَدَ ما بينَ الكلى والعوامل
تُؤنِّسُهُ الهَيجا ويُطرِبُ سَمعَهُ
صريرُ العَوالي في صُدورِ الجَحافل
هو التّاركُ الثثغْرَ القصيَّ دروبهُ
مَقَرّاً لفُسطاطٍ وداراً لنازل
فعارِضُهُ الأهْمَى لأوّلِ شائِمٍ
ودِرَّتُهُ الأولى لأوّلِ سائل
تَجودُكَ مِن يُمْناهُ خمسةُ أبحُرٍ
تفيضُ دِهاقاً وهي خمسُ أنامل
عطاءٌ بلا منٍّ يكددِّرُ صفوهُ
فليسَ بمنّانٍ وليسَ بباخل
ترى الملكَ المخدومَ في زيّ خادمٍ
حواليهِ والمأمولَ في ثوبِ آمل
كأنا بنوه أهلهُ وعشيرهُ
يُرَشِّحُنَا بالمَأثُراتِ الجلائل
يُطيفُ بطلق الوجهِ للعُرْفِ قائلٍ
وبالعرفِ أمّارٍ وللعرفِ فاعل
بمبسوط كفِّ الجودِ للرّزقِ قاسمٍ
ومسلولِ سيفِ النصرِ للدين شامل
فتىً كلُّ سعيٍ من مساعيهِ قِبلةٌ
يصلّي أليها كلُّ مجدٍ ونائل
وفي كلّ يومٍ فيهِ للشعرِ مذهبٌ
على أنّهُ لم يبقِ قولاً لقائل