هل أقال الحمام عثرة حي
المظهر
هل أقالَ الحِمامُ عثرة حيٍّ
هل أقالَ الحِمامُ عثرة حيٍّ
أم عدا سهمهُ فؤاد رَميِّ
هلْ أدامَ الزّمانُ وَصْلَ خليلٍ
فوفَى، والزّمانُ غيرُ وفيّ
وهو كالفكر بين غشّ عَدُوٍّ
لبنيه، وبين نُصحِ وليّ
قد رأينا حالاً نؤولُ إليها
ووعظنا بحالنا الأوليّ
غير أنّا نرنو بأعينِ رشدٍ
كُحِلَتْ من هوَى النفوس بغيّ
أين ما كان خلقه من ترابٍ
لم يكنْ بدءُ خلقه من منيّ
واغتذى عند مولد الروح فيه
من ثُديّ الحياةِ أوّلَ شيّ
قد دُفِعْنَا إلى حياةٍ وموْتٍ
ونشورٍ إلى الإلهِ العَليّ
ودوام البقاءِ في دار أخرى
ومجازاةُ فاجرٍ وتقيّ
كم مليكٍ وسوقٍ وشُجاعٍ
وجبانٍ وطائغٍ وَعَصِيِّ
نشرَتْهُمْ حياتهمْ أيّ نشرٍ
وطواهُمْ حِمامُهُمْ أيّ طيّ
فهمُ في حشا الضريح سواءٌ
ولقد كان ذا لذا غَيْرَ سِيِّ
لك يا من يموتُ شخصٌ وفيءٌ
ثم شخصٌ في القبر من غير فَيّ
أيُّ فْيء لم يصيرُ تراباً
مُحِيَتْ مِنْهُ صورَةُ البَشَريّ
كيفَ تنجو على مَطِيَّةِ دُنْيا
وهي تَشّحُو بالجانِبِ الوحْشِي
تطرحُ الراكب الشديد شموساً
وركوبُ الشموس فعل غبيّ
غُرّ مَنْ ظنّ أن يصافي دهراً
وهو للأصفياءِ غيرُ صفيّ
كلّ لاهٍ عمّا يطيل شجاه
يملأ العينَ من رقادِ خليّ
والرّدى يشملُ الأنامَ ومنه
عرضيّ يجيءُ من جَوْهريّ
ومميتُ الحراكِ من سكونٌ
مظهرٌ فعلهُ بسرٍّ خفيّ
وهو يرمي قوائمَ الأعصم الضِّر
بِ ويلوي قوادمَ المضرَحيِّ
لا يهابُ الحِمامُ مَلكاً عظيماً
يجتبي يوم جوده بالحبيّ
ينطقُ الموتُ من ظباه فَيَمْضِي
خيرُ وسميّ رحمةٍ وَوَليّ
لا ولا مُرْهَفَ المُدى بين فَكّيْ
باطشِ البرثَنيْنِ وَرْدٍ جَريّ
ومتى هابَ موقداً نارَ حربٍ
فارساً في المُضاعَفِ الفارسيّ
للرّدينيّ منه ريٌّ مُعَادٌ
من نجيع العدا كحرف الدّويّ
أيّ رزءٍ جارتْ به الريحُ في الما
ءِ وأفشتهُ من لسانِ النعيّ
ومصابٍ أصابَ كلّ فؤادٍ
في ابن عيد العزيز عبد الغني
قائدٌ قادَهُ إلى الموْتِ عِزّ
باقتحامٍ كهلٍ وعزمٍ فتيّ
فارسُ الماءِ والثرى والفتى المحـ
ـضُ والمروءة الأريحيّ
ورثَ العزّ من أبيه كشبلٍ
أخذَ الفتكَ عن أبيه الأبيّ
جمرةُ البأس أخمدت عن وقود
بنفوس العداة من كلّ حيّ
وحسامُ الجِلاد فُلّ شباه
بشبا الموت عن قراع الكميّ
حاسرٌ درعه، تضَرُّمَ قلبٍ
خافقٍ في حشا فتًى شَمّريّ
يتقّي حدّ سيفه كلّ علج
يجيبكِ الماذيّ في الآذيّ
مقبلاً لا مولياً بالأماني
عن كفاحِ العِدا وبالسمهريّ
وكأنّ الإتاءَ مال عَلَيه
يوم مَدّوا إليه سُمَر القنيّ
سلبُوا سَيْفَهُ وفيه نجيعٌ
منهمُ كالشقيق فوق الأتيّ
ورأوْا كل مُهْجَةٍ منهمُ سا
لتْ على صَدْرِ رُمْحِهِ الزاعبيّ
زُوّدوا كل ضربةٍ منه كالأخدو
دِ تُردي وطعنةٍ كالطويّ
كلّ نارٍ كانتْ من الغزو تذكى
خمِدتْ في حسامِه المَشّرَفي
صافحَ الموتَ والصفائحُ غَضْبَى
وَلَغَتْ منه في دماءِ رَضيّ
مُشْعراً بالسيوف كالهدي تُهدى
كلّ حوريةٍ إليه هَديّ
فهو نعم العروسُ حشوَ ثيابٍ
قانئاتٍ من كلّ عِرقٍ ضَريّ
طيبُهُ من نجيعه، وهو مسكٌ
في عِذارِيْ مُهَذَّبٍ لَوْذَعِيّ
يا شهيدا في مشهد الحرب مُلقى
وسعيداً بكلّ علجٍ شقيّ
وَسخياً بنَفسِهِ للعوالي
في رضى الله فعلُ ذاكَ السخيّ
كمْ ضروبٍ ضاربته وجليدٍ
وقريبٍ طاعنتهُ وقصيّ
وأخي وفضةٍ كأمٍ ولودٍ
ما أصابتكَ من بنات القسيّ
كَمْ صَديقٍ بكاكَ مثلي بدَمعٍ
طائعٍ من شؤونه لا عصي
تذرف العينُ منه جريةَ ماءِ
تطأُ الخدّ وهي جمرةُ كيّ
وثكالى يندبنَ منكَ بحزنٍ
خيرَ ندبٍ مُهذَّبٍ ألمعيّ
حاسراتٍ ينُحنَ في كلّ صُبحٍ
بلّه دمعها وكلّ عشيّ
ليس يدري امرؤ أجَزّ نواصٍ
كانَ منهنّ أم حصادُ نصيّ
سُوّدتْ بالمداد بيضُ وجوه
فهي في كلّ برقعٍ حبشيّ
ولبسنَ المسوحَ بعد حريرٍ
شرّ زيٍّ أرتكَ من خيرِ زِيّ
كلّ نواحةٍ عليكَ حشاها
حَشْوُهُ منك كلّ داءٍ دَويّ
يتلقّى بنفسجُ اللطمِ منها
ذابلَ الوَرد فوْق وردٍ جنيّ
يا خليلاً أخلّ بي فيه دهرٌ
لوفاءِ الأحرار غير وفيّ
أنْتَ بالموْت غائبٌ، ومثالٌ
في ضمير الفُؤادِ منك نجييّ
وإن أرضاً غودرتَ فيها لتهدي
ريحها منك عَرفَ مسكٍ ذكيّ
فسقى شلوك الممزقَ فيها
خبرُ وسميّ رحمةٍ وَوَليّ
لم أكنْ إذ نَظَمْتُ تأبينَ مَيْتٍ
لكَ أختارُهُ على مَدْحِ حَيِّ
أنا أبكي عليكَ ما طال عمري
شَرِقَ العين من دموع بريّ
وستبكيكَ بعد موتي القوافي
في نياح من لفظها معنويّ