هائية الحكمي
ما لي وللدُّنيا وليستْ ببُغْيَتي ** وَلاَ مُنْتَهى قَصْدي ولستُ أَنا لها
ولستُ بميّالِ إِليها ولا إِلى ** رئاساتِها فتنًا وقبْحًا لحالها
هي الدارُ دارُ الهمِّ والغمِّ والعَنا ** سريعٌ تقضِّيها قريبٌ زوالُها
مياسيرُها عُسْرٌ وحزنٌ سرورُها ** وأَرباحُها خسرٌ ونقصٌ كمالُها
إِذا أَضحكتْ أَبكتْ وإِن رامَ وصلَها ** غبيٌّ فيا سُرْعَ انقطاعِ وصالِها
فأَسأَلُ ربي أَنْ يحولَ بحوله ** وقُوَّتِهِ بيني وبين اغتيالِها
فيا طالبَ الدنيا الدنيئةِ جاهدًا ** أَلا اطلبْ سواها إِنها لا وفا لها
فَكَمْ قَدْ رأَينا من حريصٍ ومشفقٍ ** عليها فلمْ يَظْفَرْ بِها أَن ينالَها
لَقَدْ جاء في آيِ الحديدِ ويُونسٍ ** وفي الكهفِ إِيضاحٌ بضربِ مثالِها
وَفي آلِ عمرانَ وسورةِ فاطرٍ ** وفي غافرٍ قد جاء تِبْيانُ حالِها
وَفي سورةِ الأَحقافِ أَعظمُ واعظٍ ** وكمْ من حديثٍ موجبٍ لاعتزالِها
لَقَدْ نظروا قومٌ بعينِ بصيرةٍ ** إِليها فلمْ تَغْرُرْهُمُ باختِيالها
أُولئك أَهلُ اللهِ حقًّا وحزبُه ** لهم جنةُ الفردوسِ إِرثًا ويا لها
ومالَ إِليها آخرونَ لِجَهْلِهِمْ ** فلمَّا اطمأَنُّوا أَرشَقَتْهُمْ نِبالُها
أولئك قومٌ آثروها فأَعقبوا ** بها الخِزْيَ في الأُخرى وذاقوا وَبالَها
ومالَ إِلَيْها آخَرونَ لِجَهْلِهِمْ ** فلمَّا اطْمَأَنُّو أَرْشَقَتْهُمْ نِبالُها
فَقُلْ للذينَ اسْتَعْذَبوها رُوَيْدَكُم ** سَيَنْقَلِبُ السُّمُّ النقيعُ زلالَها
لِيَلْهوا ويغترُّوا بها ما بدا لهُمْ ** متى تبلُغِ الحلقومَ تُصْرَمْ حبالُها