نصيحة الأخوان عن تعاطي القات والتبغ والدخان
► ويكي مصدر:إسلام | ◄ |
حمدًا لمن أسبغ النعما وألهمنا ** حمدًا عليها بألطاف خفيات
ثم الصلاة بتسليم تدوم على ** محمد المصطفى خير البريات
يا باحثًا عن عفون القات ملتمسًا ** تبيانه مع إيجاز العبارات
ليس السماع كرأي العين متضحًا ** فاسأل خبيرًا ودع عنك الممارات
كله لما شئت من وهن ومن سلس ** ومن فتور وأسقام وآفات
كله لما شئت من لهو الحديث ومن ** إهلاك مال ومن تضييع أوقات
على العبادة قالوا نستعين به ** فقلت لا بل على ترك العبادات
إن جاءه الظهر فالوسطى يضيعها ** أو مغربًا فعشاء قط لم يأت
وإن أتاها فمع سهو ووسوسة ** في غفلة مع تفويت الجماعات
لقد عجبت لقوم مولعين به ** وهم مقرون منه بالمضرات
في الدين والمال والأبدان بل شهدوا ** بسكرهم منه في جل المحلات
إني أقول لشاريه وبائعه ** إن لم يتوبوا لقد باؤا بزلات
مع أنهم زهدوا فيما أحل لهم ** واستبدلوا عنه بالجيف العفونات
من أجل أكذوبة في زعمهم حكيت ** كأنما الدين جانا بالحكايات
قالوا أتى الخضر المشهور يحمله ** حاشا النبيون من حمل القذورات
تالله ما قدروهم حق قدرهموا ** حتى رموهم بأنواع الخرافات
والبردقان بها الجهال قد فتنوا ** حتى رأوا أكله من خير مقتات
وفي الصيام على عمد له أكلوا ** فيا خسارتهم كل الخسارات
فهم من الناس يستخفون من فرق ** ولم يبالوا بعلام الخفيات
تبًا وسحقًا لهم أجوافهم ملئت ** نارًا كما ضيعـوا أزكـى العبـادات
كذاك معشوقة الشيطان قد نصبت ** بها فخاخ لأرباب الجهالات
وفي المساجد هم عمدًا لها نصبوا ** تظاهرا ما لديهم من مبالات
تالله ما جمرت بالطيب مذ بنيت ** إلا بخارهمو بالتتن والقات
وبعض عبادهم في حال أكلهموا ** يتلون نص أحاديث وآيات
آذيتموا ساكنين الأرضين فاحتملوا ** فما أذاكم لأملاك السماوات
كذا الدخان بأنواع له كثرت ** وغير ذلك من نوع الدنيئات
داء عضال ووهن في القوى ولها ** ريح كريه مخل بالمروءات
سألتهم أحلال ذا الشراب لكم ** من طيبات أحلت بالدلالات
أجابني القوم ما حلت ولا حرمت ** فقلت لابد من إحدى العبارات
أنافع أم مضر بينوه لنا ** قالوا مضر يقينًا لا ممارات
قلنا فلا شك أن الأصل مطرد ** بأنه الحظر في كل المضرات
أليس في آية الأعراف مزدجر ** لطالب الحق عن كل الخبيثات
إن تنكروا كون ذا منها فليس لكم ** إلا ببرهان حتى واضح يأتي
أنى لكم ذا وأنتم شاهدون بتخـ ** ـدير يليه وتفتير لآلات
والنهي جاء من التبذير متضحًا ** وعن إضاعة مال في البطالات
جاءت بذلك آيات مبينة ** مع الأحاديث من أقوى الروايات
فكيف إحراقه بالنار جاز لكم ** يا قوم هل من مجيب عن سؤالاتي
دع ما يريبك يا ذا اللب عنك إلى ** ما لا يريبك في كل المهمات
يا رب يا هادي الحيران من ظلم الـ ** ـشك الذميم إلى نور الدلالات
يا ذا الجلال وذا الإكرام مغفرة ** لما جنيناه من إثم وزلات
ثم الصلاة على خير الأنام مع الـ ** ـتسليم تغشاه مع أزكى التحيات
والآل والصحب ثم التابعين لهم ** على الشريعة من ماض ومن آت
الرد على نصيحة الأخوان
[عدل]هذا صورة ما أجاب به الشيح يحيى بن محمد بن المهدي عافاه الله على أبياتنا في ذم القات والدخان وكان بلغني هذا الرد واطلعت عليه انتصاف شهر رجب من عام 1367هـ
وافى نظام غريب في الوريقات ** مصدر بثنا رب البريات
فالحمد لله حمدًا لا انقضاء له ** حمدًا يقدس في أعلى السموات
ثم الصلاة على المختار منقذنا ** من الضلال وأنواع الغوايات
لما عرفناه بادرنا بلا مهل ** للرد عما ذكرتم في السؤالات
لقد ظفرت بمنبيك الحقيقة من ** مخبر عن يقين لا ظنونات
إليك عني جوابًا لا أريد به ** فخرًا ولا جدلًا فاسمع مقالاتي
خذ الجواب ودع عنك السراب ولا ** تعيب أبناء جنسك بالبذاءات
كف السباب وأقصر في العتاب ودع ** ما ليس يعنيك وأجمل في الخطابات
هل كان ذا اللوم للقوم الأولي انهمكوا ** على الدنان وأنواع المدامات
ما كان أحسن إهمال الفضول لدى ** أهل العقول وأرباب الديانات
قد افتريت مقالًا أنهم شهدوا ** بسكرهم منه في جل المحلات
ويل لمن كان داء الجهل قاتله ** ملق له في قواميس الضلالات
عتبت لا عن دليل بل مجازفة ** هات الدليل وانصف في الجدالات
أنى لك اليوم ذا التحريم جئت به ** لقد أسأت بقبح الاعتراضات
إن المعدات في المحظور قد حصرت ** في الذكر والنهي عن خير البريات
كفى من الذكر ما في الآيتين لمن ** تأمل الذكر أثناء التلاوات
فهل ترانا بحال نرتضي سكرًا ** أو فعل شيء مخل بالمروءات
محافظون على الطاعات أجمعها ** مواظبون على كل الجماعات
من دون تفويت مفروض ولا جمع ** كما وصفت ولا تضييع أوقات
ماذا تقول لأسلاف جهابذة ** ما منهمو نحن إلا كالقلادات
في كل علم لهم دارات مذاكرة ** حازوا العلوم وأنواع الأدلات
منهم جماعة أهل البيت من ثبتت ** معصومة بالبراهين الجليات
فلم نجد لهمو نص ولا اتضحت ** عنهم رواية في نفي وإثبات
ولم يجيزوا بحال ذم آكله ** يا قائل الشعر أقصر في الملمات
واستغفر الله يا مسكين من زلل ** ومن سباب وفحشى الانتقادات
إن الشرائع جاءتنا مبينة ** عن الرسول بإسناد منيرات
أما الصلاة فكم من تاركين لها ** من دون قات وذا فعل الجهالات
يا حبذا القات ما أحلى مجالسه ** بالذكر شيد لها وحفت بالعبادات
كما صافحته نسيمات الصبا سحرًا ** وباكر الظل منه أغصان رطيبات
نمس أغصانه الحمراء في حلل ** خضر على العود في أعلى المقامات
يرد قشيب على لين القدود ولـ ** ـلأطيار ترديد أنغام بأصوات
نعم الأنيس لمن كان الجليس له ** أسفار علم وكشف للمهمات
كأنما أودع الرحمن جوهره ** سر معين على نيل المرامات
قد قال أسلافنا الغر الكرام من ** الأخيار في القات من عرب وسادات
هو الحلال لشاريه وبائعه ** والمستطاب لدى أكل ولذات
هو المعين على الأعمال أجمعها ** هو المعين على كل العبادات
هذا وكم فيه من نفع لآكله ** من شحذ فكر ونفي للهمومات
كله لما شئت من دنيا وآخرة ** قالوا بهذا تأمل في النصوصات
لا موفضون إلى لهو الحديث ولا ** تمسكوا بخرافات الجهالات
كفاك في القات ما أوضحت من كلم ** أما الدخان فمن جنس المباحات
كذاك منصوبة حسناء قد برزت ** في تيه حسن مثير للنشاطات
فلا تلومن أقوامًا بها اعتصموا ** عما يسيغ سواهم في الزجاجات
فارْض عنهم والعن من حسا سكرًا ** من الخمورات أو شبه الحشيشات
والبردقان حقيقة ما أتيت به ** فحقه أن يسمى بالمعونات
وبالكراهة لا ينفك متسما ** مستخبث عند أرباب الشهامات
يغير الطعم والأسنان يلبسها ** ثوب السواد وأوساخ الدرانات
لكن لا عن دليل لا نحرمه ** إلا بصوم فحرم لا ممارات
هذا جواب مقر بالقصور وفي ** هذا المجال قليل في البضاعات
عفوًا إذا ثم عيب أو له خلل ** فالعذر يقبله أهل المروءات
ثم الصلاة على طه وعترته ** ما رفرف البرق ليلًا بالغمامات
(تأييد نصيحة الأخوان)
[عدل]وهذا ما أجبنا به الناظم على رده المذكور وبالله التوفيق
الحمد لله في كل المقامات ** وبدء كل شؤوني واختتامات
ثم الصلاة على ختم النبوات ** محمد من أتانا بالهدايات
والآل والصحب أرباب الولايات ** لله والبغض فيه والموالات
يا منكرًا حكم ما أمليت في القات ** وفي الدخان وأنواع الدنيئات
وحائرًا تائهًا قد قام منتصرًا ** بزعمه لأسافيل البطالات
وحائرًا عن سبيل العدل منحرفًا ** للجور والحيف قصد للمجارات
وكائلًا من جزاف القول مغترفًا ** مزخرفًا من تهاويل المقولات
وفاقدًا لاعتبار في معارضتي ** وناقدًا دون إنصاف مقالات
وما ذكرت على دعواك مستندًا ** ولا أجبت بشيء عن سؤالات
ولم تمانع حجاجًا في محاورتي ** ولم تمانع دليلًا من دلالات
ولم تقيد من البرهان مطلقه ** ولا أتيت بتخصيص العمومات
ولا رددت صفات الذم عنه ولا ** ما فيه بينت من نوع المضرات
ألا دليل ألا برهان توضحه ** ألا نصوص بها قطع الجدالات
إلا لجاجًا وتشغيبًا بلا نصف ** ونسبة الخصم بغيًا للجهالات
مجرد القول بالتجهيل ليس هدى ** ولا اعتمادك رمي بافتراءات
ولا احتجاجك بالقوم الذين مضوا ** على توليه من عرب وسادات
ولا مديحك نظمًا قد أجبت به ** بأنه عن يقين لا ظنونات
كلا ولا مطلق استنكاركم كلمي ** ووصفه دون حق بالغرابات
فخذ جوابك مبنيًا على نصف ** مؤيدًا بالبراهين الجليات
أما الذي قلت من ذكر العتاب ومن ** سب وشتم وقبح الاعتراضات
فما عتابي إلا النصح أخلصه ** ولا سبابي من جنس البذاءات
ما كان شتمي إلا ما أبنت لكم ** ما فيه أودع من سقم وآفات
وما يحسن إهمال الفضول لدى ** أهل العقول وأرباب الديانات
فذاك أحكم قول لو عملت به ** ما كان دعواك في نصر الفضولات
وما تقول افترينا أنهم شهدوا ** بسكرهم منه في جل المحلات
فإن هذا جحود منك يفضحه ** ما فيه قد شاع عن أهل الدرايات
فكم بذا شهدوا قوم قد انهمكوا ** فيه وعادوه من أجل المضرات
وكم ترد بلا قدح شهادتهم ** وشاهد الحال يغني عن شهادات
وما تفوهت في عرض النظام به ** فقلت مستهترًا في نصرة القات
ويل لمن كان داء الجهل قاتله ** ملق له في قواميس الضلالات
أقول ربك أدرى حين أنطقنا ** بأينا كان أولى بالجهالات
وناصرًا لهواه ثم شهوته ** ومن ينادي بنصح للخليقات
وقلت إن اعتراضي عن مجازفة ** أقول بل أنت عنه في عمايات
قد اعترضت بتبيان له شهدت ** فحوى النصوص الصحيحات الصريحات
وسوف أذكر أيضًا ما يؤيدها ** عند الجواب لدفع الاعتراضات
فإن قنعت وإلا هات ناقضها ** فإن نكلت فسلم للقضيات
وقلت من أين ذا التحريم جئت به ** أقول هذا بتصريح الروايات
فحكم حظر على التخدير علقه ** والعرب يومئذ لم تدر بالقات
وإنما جاء بعد الألف من عجم ** لا حبذا الغرس يا غرس البطالات
وقلت إن ذوات الحظر قد حصرت ** في الذكر والنهي عن خير البريات
آي فالراويات حظر القات ما ذكرت ** أقول قد شملته بالعمومات
والآيتين بلا إنكار كافية ** لمن تأملهما عند التلاوات
لكنما هي نص في اللحوم وما ** تناولت حظر شيء من نباتات
بل في النبات نصوص السكر قد حصرت ** جميع ما كان ذا سكر بإثبات
على السواء إذا قلت وإن كثرت ** ولو بتخديرها في بعض حالات
وأي أصل أتت في الفرع علته ** فللأصول الفروع أردد بعلات
مع أن في القات ما أمليت من علل ** وغير ذلك من شر الطبيعات
وما تفوه به للنفس تزكية ** لا نرتضي سكرًا قلنا كما يأتي
هذا اعتذارك عن حال رضيت به ** وما تراه مخلًا بالمروءات
وذا على رأيك المعروف فيه كما ** دعاك مرتجلًا ردًا لأبيات
أما على رأينا فيه فليس على ** هذا وما الحكم إلا للدلالات
فأينا كان أولى بالدليل فذا ** هو المحق غدًا لا بالدعايات
وما تقول من الطاعات قمت به ** فذا لنفسك لا فصل الخصومات
أما احتجاجك بالأسلاف إذ سكتوا ** ولم يقولوا بشيء من مقالاتي
فحجة هلكت فيها القرون فكم ** فيها تتابع أرباب الضلالات
كل على رأي أسلاف لهم جمدوا ** أب وأم وأجداد وجدات
أما ترى كم قبور جهرة عبدت ** ذبحًا ونذرًا وأنواع العبادات
وكم قبابًا عليها شيدت ولها ا ** لأوقاف تجبى وكم من نصب رايات
وكم توقت أعياد لزائرها ** بها يكون اجتماع للزيارات
وكم ينادونها يرجون نجدتها ** في جلب خير ورفع للضرورات
أليس ذلك شركًا لست تنكره ** يناقض الدين في كل الرسالات
ومن تشير إليهم شاهدون به ** وربما شهدوها في الجماعات
ولم ينكروها ولم ينهوا ولا أمروا ** ولم يقوموا بنصح للبريات
فهل يسوغ يا مغرور إن سكتوا ** شرك العباد بجبار السماوات
وهل أصابوا بإقرار العوام على ** تلك القبائح في الدين الشنيعات
أضف لذا كم خرافات وكم بدع ** مضلة واختراع للطريقات
هل غار منهم لدين الله من أحد ** بنفي شرك وقمع للخرافات
إلا بقايا ونزاع قد امتحنوا ** بين السواد وأرباب الولايات
وما ادعيت لأهل البيت عصمتهم ** فالله أكبر هذا الرفض بالذات
لا تعتقده ولا ترضى الركون له ** إن كنت تقبل نصحي من عباراتي
قد خص خالقنا بالرسل عصمته ** فجعلها لسواهم من ضلالات
هل ادعاها أبا السبطين في عمل ** أو حين قام بأعباء الخلافات
ولا الحسين ادعاها ولا حسن ** كلا ولا نجلهم من خير سادات
ولا الصحابة ثم التابعون لهم ** ولا الأئمة من أهل الروايات
لم يدعوها ولا حلوا بها أحدا ** بعد النبي وهم أهل الدرايات
والقوم أولى بآل المصطفى وبه ** من رافضي خبيث الإعتقادات
نرى علينا لهم فرضًا محبتهم ** مع اتباع هداهم والموالات
فلا الغلو ولا الإطراء سنتهم ** أزكى السلام عليهم والتحيات
أما مقالك ما أحلى مجالسه ** إلى أواخر إملاء الدعايات
فليس مدحك أمرًا قد فتنت به ** برائج عند أرباب الحقيقات
أما مدحت فإن الخمر شاربها ** يقول أجمل مما قلت في القات
فهل ترى مدحهم فيها أحل لهم ** شرابها إن هذا من محالات
وما تقول حوت ذكرًا مجالسه ** فأين ذلك من لغو وغيبات
وما ادعيت من التنشيط فيه على ** مباحث وقيام بالعبادات
فساعة من نهار أو عشيته ** وأين ذلك مما بعده يأتي
مما عددنا ومما لا نعد من ** الخلات فيه وتلكم شر خلات
مخلة بحقوق الله ثم حقوق ** النفس والأهل مع نقص المروءات
أئمة الدين في إحيائه جهدوا ** ليلًا نهارًا وما احتاجوا إلى القات
وقسموا الليل في تسبيح خالقهم ** وبحث علم وفي أنواع طاعات
فما توانوا ولا ملوا ولا كسلوا ** ولا استعانوا بمضغ للنباتات
أنساهم الشوق والذوق الذي وجدوا ** عن طيبات لهم حلت ولذات
واستغرقوا الوقت في خير به اشتغلوا ** في جل أوقاتهم عن بعض أقوات
أولئكم حفظ الله العظيم بهم ** معالم الشرع من كل النقيضات
ما أبعد الفرق بين القوم في صفة ** وبيننا يا حثالات الحثالات
وقلت بعد دعايات وزخرفة ** قالوا بهذا تأمل في النصوصات
نعم تأملت ما أمليته مع ما ** فيه تناقضت لم تدر النقيضات
فأنت تهدم ما تبني على عجل ** معامل الزور ترمى باصطدامات
قد قلت من قبل إن القوم ما حفظت ** عنهم رواية في نفي وإثبات
فكيف أثبت أمرًا قد نفيت بلا ** حياء أم كيف تنفي بعد إثبات
إحداهما كذب ويل لصانعها ** في الكاذبين إذا نادوا بويلات
وقلت بعد مديح القات منصرفًا ** أما الدخان فمن نوع المباحات
قلنا فيشعر أن القات من سنن ** يحق تعداده في المستحبات
أبحت داء وتبذيرًا ومعصية ** وسفلة وانغماسًا في الدناءات
يشوي الوجوه وتسود الشفاه به ** والقلب والصدر منه في مضرات
كم ذا تأذى الكرام الكاتبون به ** وفي المساجد مؤذ للجماعات
مع ما ذكرنا من التخدير فيه ومن ** تفتير جسم ومحق للطبيعات
وقلت منصوبة حسناء قد برزت ** في تيه حسن مثير للنشاطات
أقول ويحك مغرورًا فتنت بها ** وكم بها فتنوا أهل البطالات
من أي وجه إليها الحسن جاء لقد ** أخطأ الطريق إليها في المرامات
من حسن طلعتها أم نور لمعتها ** أم ريحها أم حماها بالصيانات
أم طبلة قد حوت ماء يقاس على ** بول الكلاب لدى ريح العفونات
أم ذلك العنق المنحوت من خشب ** أم ذلك الحبل مطويًا بليات
أم ذلك الثوب تزويرًا به كسيت ** أم حلية صغتموها للإضاعات
أم ذلك الطبق المملوء من قبس ** على حشيش كريه في البخارات
أم ذلك الثغر دار الالتثام له ** مع مسحه بين أهل الاجتماعات
أم ذلك الصوت إذ غنت مغرغرة ** من جذب أنفاس شراب الدخانات
تضمنت كل شيء مطلقًا وغدت ** شوها بغيًا وليست من مصونات
أما النشاط فسل عنها مجربها ** وقد أباحوا بها قبل السؤالات
كم وهنت من قوى أعضاء ذي جلد ** حتى رأى المشي من عظم المهمات
كم خربت من صدور بالفكوك وكم ** فيها ترادف أنواع الوساخات
وكم بها ولدت كربا وحشرجة ** مع الزكام وتوليد السعالات
مع ما ذكرناه في النظم القديم ومن ** مالا نطيل به نظم المقالات
وقلت دع لوم أقوام بها اعتصموا ** عما يسيغ سواهم في الزجاجات
فارْض عنهم والعن من حسا سكرًا ** من الخمور وأنواع الحشيشات
أقول ربي أحل الطيبات لنا ** فالاعتصام بها لا بالخبيثات
إن اعتصامًا بأكل الخبث عن خبث ** كغسل حيض ببول في النجاسات
ولا أرضى على الفعل الذميم ولكن ** أحمد الله ربي في معافات
والبردقان فقد أقررت فيه بما ** وصفته بيقين لا ممارات
وقد قضيت بأن الخبث حليته ** وصفا له عند أرباب الشهامات
وقلت كره بماذا أنت مخرجه ** من الخبيث إلى حكم الكراهات
وقد علمت بأن الخبث لازمه ** تحريم موصوفه في نص آيات
وأعجب لقولك باستخباثه مع ما ** قد قلت في أم حبل باستطابات
هذا حلال وذا كره وحاكمها ** هوى النفوس بلا تحرير إثبات
فرقت من دون فرق بين مجتمع ** أما الجميع هو التنباك بالذات
كرهت ما دق منه دون محرقة ** فارجع لعقلك واعدل في القضيات
فإن كل الذي كرهت من علل ** في الكل مستجمعات مع زيادات
ثم الشريعة من راعي مقاصدها ** في الجلب والدفع من رفع وإثبات
مع التبصر في الأشياء بأن له ** قطعًا تعين ترك التتن والقات
فحفظ عقل ونفس بل وصحتها ** والمال والنسل من قسم الضرورات
والتتن والقات ثم التبغ واحدها ** بذي المقاصد من شر المخلات
ولم تجد متعاطيها ينال بها ** مقصود حسن ولا دفعًا لحاجات
بل ميز العلم فحصًا من طبائعها ** سما بطيئًا وقد يفجأ بعلات
فبان إخلالها بالدين متضحًا ** كما أخلت يقينًا بالمروءات
وبان بالنقل والعقل الصحيح ** وبالطب الحديث لنا صدق المقالات
وبان أنك ما خالفت عن نظر ** ولا تبصرت في عقبى المآلات
فهاك رد الذي ألقيت من شبه ** ونقض ما قلته في الانتقادات
على اختصار وإيجاز بلا ملل ** وللنبيه اكتفاء بالإشارات
هذا ولولا اغترار الغافلين بما ** ألقيته ما اشتغلنا بالجوابات
ثم الصلاة على الهادي وتابعه ** والحمد لله في كل المقامات